الوطن البحرينية -
أطلق المجلس الأعلى للمرأة أمس الاستراتيجية الوطنية لحماية المرأة من العنف الأسري في لقاء إعلامي بالرفاع، بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي يوافق الـ 25 من نوفمبر كل عام، حيث عكف فريق وطني على صياغتها لمدة عام كامل، وشارك فيها جهات رسمية وخاصة وأهلية مختلفة.
وأكدت الأمين العام للمجلس هالة الأنصاري أن وضع وإعداد استراتيجية تختص بالوقاية من العنف الأسري وحماية المرأة منه وبالتالي الأطفال هو امتداد لمحور «استقرار الأسرة» في الخطة الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية برؤية قائمة على حفظ أمن المرأة الأسري من أجل مجتمع مستقر تتمتع به المرأة بجميع حقوقها بما يعزز سلامتها الصحية والنفسية في إطار الترابط العائلي، ويضمن لها أداء دورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بشكل فعال وتنافسي.
سند تطبيقي
وقالت الأنصاري إن المجلس الأعلى للمرأة يتطلع لأن تكون الاستراتيجية بمثابة السند التطبيقي لقانون حماية الأسرة من كافة أشكال العنف الذي صدر مؤخراً، والأداة التي تساعد على تطوير التشريعات المعنية بالعنف الذي قد يمارس ضد المرأة في محيطها الأسري، وتجويد الخدمات المقدمة من رعاية وتأهيل، وتنويع وسائل الحماية، وتثبيت الإحصائيات الواقعية لحالات العنف، وتوحيد البيانات الوطنية لتوفير أوجه المعالجة الصحيحة، ومتابعة طبيعة وكيفية تعاطي الرأي العام مع ظواهر العنف والتعمق في دراسة مسبباته وآثاره المكلفة، موضحة أن ما يميز هذه الاستراتيجية هو إفراد فصل خاص بالوقاية بمختلف أنواعها بقصد تقليل الكلفة التي تتحملها الدولة من خلال توفير خدمات الحماية والمعالجة وإعادة التأهيل، والكلفة النفسية والمعنوية التي تتحملها الأسرة البحرينية والتي تمر بظروف عنف.
وأشارت الأنصاري إلى أن للمجلس والعديد من المؤسسات المعنية باستقرار الأسرة وحمايتها الكثير من الجهود والمساعي على مستوى متابعة إصدار وتكامل التشريعات اللازمة، وتنفيذ برامج التوعية والتثقيف والتدريب، وتوفير بعض الخدمات الإرشادية والقضائية، وإنشاء قواعد البيانات، وإصدار الدراسات، إلى جانب ما يقدمه مركز دعم المرأة بالمجلس الأعلى للمرأة من خدمات نوعية تساند عمل المؤسسات الرسمية والأهلية في مجال التمكين الأسري والاقتصادي، والتي ستكون الاستراتيجية بمثابة الأداة التي سيتم من خلالها تجويد دور الأمانة العامة في مساندة ومتابعة جهود أجهزة الدولة في هذا المجال.
الفريق الوطني
وقدمت الأنصاري الشكر للفريق الوطني على تفانيه وحرصه على إخراج هذه الوثيقة بما يتناسب وما تبذله مؤسساتها من جهود مجتمعة لتحقيق استقرار أسري واقعي يمتد للمجتمع ويحفظ أمنه وأمانه وتقدمه، كما خصت بالذكر مشاركة الاتحاد النسائي البحريني في إعداد الاستراتيجية الوطنية ممثلاً عن الجمعيات المنضوية تحت مظلته، وكذلك مشاركة ممثلين عن المراكز الأهلية التي تختص بالحماية من العنف، وعدد من الخبراء المختصين في المجال الشرعي والاجتماعي والنفسي، مشيرة إلى أن تجربة الإعداد تجربة وطنية خالصة ونموذج نعتز به لقدرة الخبرة البحرينية، ومثال عملي يؤكد التزام المجلس في تفعيل أوجه الشراكة المجتمعية والتعاون الفعلي مع كافة الجهات المعنية، وتقديره لكافة الخبرات والكفاءات الوطنية.
مسودة الاستراتيجية
وحول طريقة إعداد الاستراتيجية، قالت الأنصاري إن فريق عمل الأمانة العامة قام بخطوات تمهيدية تمثلت في تشخيص الواقع عبر البيانات المرصودة وتحليل الواقع من خلال رصد التحديات التي تواجه مراحل الحماية، ورصد وتقييم الجهود الوطنية، ومراجعة الدراسات حول هذا الموضوع والاستفادة من نتائجها وتوصياتها. إلى جانب عقد مجموعة من لقاءات العصف الذهني لوضع اللبنات الأساسية لأهداف ومحاور الاستراتيجية. والاطلاع والاسترشاد بالاستراتيجيات العربية والدولية، ومراجعة أدبيات المؤسسات الرسمية والأهلية حول الموضوع، ورصد كافة المؤشرات ذات العلاقة، مشيرة إلى أنه تم إعداد استبيان لقياس مستوى الخدمات المقدمة في تلك المؤسسات، وقد ساعدت كل تلك الخطوات في وضع مسودة أولى للاستراتيجية التي عمل الفريق الوطني على مناقشتها وتعديلها وتجويدها واستغرق العمل النوعي حوالي ستة أشهر.
أهداف الاستراتيجية
وقالت عضو المجلس الأعلى للمرأة د.فضيلة المحروس أن رؤية الاستراتيجية الوطنية لحماية المرأة من العنف تتلخص في «امرأة آمنة ومجتمع مستقر»، أما رسالتها فتنص على «نحو مجتمع آمن ومستقر تتمتع فيه المرأة بجميع حقوقها بما يعزز سلامتها الصحية والنفسية في إطار الترابط العائلي، ويضمن لها أداء دورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بشكل فعال وتنافسي».
وبينت المحروس أن الوثيقة وضعت ستة أهداف استراتيجية، الهدف الأول «الوقاية» الأولية من العنف الأسري قبل حدوثه، والوقاية الثانوية من العنف الأسري عبر التصدي لعوامل الخطورة، والهدف الثاني تحت بند الحماية والخدمات ويتضمن التكفل بضحايا العنف الأسري وتقديم الخدمات المؤسسية الشاملة، ويتعلق الهدف الثالث بالتشريعات والقوانين بمتابعة تنفيذ القانون 17 لسنة 2015 بشأن الحماية من العنف الأسري وتقييم دوره في حماية المرأة لضمان انسجامها مع روح الدستور، والاتفاقيات الدولية المناهضة للعنف القائم على أساس النوع.
والهدف الرابع حول التوعية والدعم الإعلامي من خلال تنفيذ البرامج التوعوية بمبادئ الوقاية والحماية والخدمات بتعزيز الدور الإعلامي عبر نشر ثقافة حماية المرأة من العنف الأسري واستثمار وسائل التواصل الاجتماعي في نشر هذه الثقافة، والهدف الخامس يخص الدراسات والبحوث بإجراء دراسات عملية رصينة حول العنف الأسري وإنشاء قاعدة بيانات خاصة برصد هذه الحالات، ويختص الهدف السادس «بالتقييم والمتابعة» من خلال وضع آلية واضحة لتقييم خدمات الوقاية والتصدي للعنف ضد المرأة.
الأمم المتحدة الإنمائي
وأشادت نائب الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمياء الطيب بجهود البحرين في مجال حماية المرأة من العنف وتحقيق الاستقرار الأسري، وقالت إن برنامج الأمم المتحدة على أعتاب مرحلة جديدة من تنسيق التعاون مع المجلس الأعلى للمرأة، وتبادل الخبرات في كل ما يتعلق بحماية المرأة وتمكينها وتحقيق الاستقرار الأسري. وأكدت الطيب أن استراتيجية حماية المرأة من العنف الأسري في البحرين هي خطوة متقدمة جدا تواكب الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة، وتشكل نموذجا يحتذى وجدير بالتطبيق في دول كثيرة حول العالم، لافتة إلى ضرورة السعي والتعاون لتجاوز أي تحديات قد تعتري تطبيق هذه الاستراتيجية.
الأمم المتحدة للإعلام
وأشار المدير بالإنابة لمركز الأمم المتحدة للإعلام لبلدان الخليج العربي سمير الدرابيع إلى أن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحماية المرأة من العنف الأسري يعزز من مكانة البحرين الدولية في مجال حماية الشرائح الأكثر ضعفاً في المجتمع، وقال «البحرين شريك فعال في اتفاقيات الأمم المتحدة ذات الصلة بالأسرة والمرأة والطفل، وإطلاق هذه الاستراتيجية اليوم من شأنه تعزيز مكانة البحرين في التقارير الدولية التي تقيس مدى استقرار الأسرة وحماية المرأة وتطوير أدائها داخل مجتمعها».
وهنأ الدرابيع البحرين على إطلاق هذه الاستراتيجية، وقال إن هذا سيتيح للمملكة دوراً أكبر في مجال عرض تجربتها في اجتماعات الأمم المتحدة القادمة ذات الصلة بالأسرة، خاصة أن البحرين تحظى بسجل حافل من المتابعة مع الشركاء الدوليين والمساهمة في الحراك الإقليمي والعالمي ذي الصلة بقضايا المرأة والأسرة.
موقف الشورى
من جانبها، أكدت رئيسة لجنة المرأة والطفل بالشورى هالة رمزي استعداد المجلس الكامل لتنفيذ الدور المنوط به في تطبيق الاستراتيجية الوطنية لحماية المرأة من العنف الأسري، وخاصة الأجزاء المتعلقة باقتراح بعض القوانين ذات الصلة، وتطوير القوانين الموجودة، وقالت «سنبادر بدراسة هذه الاستراتيجية من حيث التشريعات التي تخص المرأة ونعمل على تنفيذها بالتعاون الوثيق مع المجلس الأعلى للمرأة»، وأضافت «كل التشريعات خاضعة للتطوير بما يتلاءم مع التطورات وما يستجد من ظواهر وهذا دورنا كمجلس تشريعي». وأشارت إلى أن إطلاق الاستراتيجية من شأنه تعزيز مكانة البحرين على الصعيدين الإقليمي والدولي، خاصة أن هذه الاستراتيجية مدعومة بقانون حماية الأسرة من العنف الذي صدر مؤخرا.
موقف النواب
وأكد النائب محسن البكري أن جهود المجلس الأعلى للمرأة في مجال حماية المرأة من العنف وتحقيق الاستقرار الأسري تواكب ما يسعى إليه مجلس النواب في مجال استكمال منظومة التشريعات الخاصة بالمرأة وتطوريها بشكل دائم، مؤكداً أن الرجل البحريني حضاري يتفهم ضرورة تمكين المرأة وتحفيزها للمساهمة في بناء وطنها، لافتاً إلى أن المجتمع البحريني بشكل عام يستهجن ظاهرة العنف ضد المرأة، وقال إن الاستراتيجية تشكل خطوة متقدمة جداً على طريق تحقيق استقرار الأسرة والمجتمع البحريني.
الاتحاد النسائي
وأكدت رئيسة الاتحاد النسائي البحريني فاطمة أبو إدريس أهمية إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحماية المرأة من العنف الأسري، بما يؤطر الجهود المبذولة لمكافحة العنف أو الحد منها، مشيرة إلى أن هذه الاستراتيجية جاءت بمثابة خارطة طريق ومنهج متقدم يجب الاقتداء به من قبل جميع العاملين في قضايا المرأة، مؤكدة أهمية الدعوة التي تضمنتها الاستراتيجية لإيجاد قاعدة بيانات موحدة حول قضايا العنف ضد المرأة، وبما يمنع التداخل الحاصل بين المراكز المعنية بتسجيل حالات العنف، خاصة أن كثير من الحالات تسجل لدى أكثر من مركز، ويصعب بالتالي الوصول لأرقام دقيقية مع عدم رغبة كثير من المعنفات كشف أسمائهن.
وأعربت أبو إدريس عن دعم الاتحاد النسائي الكامل لهذه الاستراتيجية التي كان للاتحاد مساهمة بارزة في الوصول إليها، ودعت جميع المراكز الاجتماعية المعنية بالعنف ومؤسسات المجتمع المدني والجهات الرسمية مثل وزارات التنمية والصحة والداخلية للتنسيق فيما بينها وفقاً لهذه الاستراتيجية.
وتطرقت رئيسة الاتحاد إلى الجانب الإعلامي الذي يجب أن يركز على نشر الوعي بالاستراتيجية الوطنية لحماية المرأة من العنف الأسري، وقانون الحماية من العنف الأسري، خاصة أن بعض النساء أنفسهن يقبلن العنف، ويجب توعيتهن إزاء ذلك، وأن يكنن على علم بالقنوات التي يجب أن يلجأن إليها لحماية أنفسهن من العنف.