حسن أحمد حسن فتيحي- المدينة السعودية-
عمل المرأة والإرهاب! إن في عمل المرأة سلاح ضد الإرهاب وإنتشاره.. فإن المرأة في المجتمعات المتسلطة تقوم بالدفاع ضد وضعية القهر التي يعيشها الرجل؛ فهو يتنكر لقهره ويتهرب من مجابهته من خلال قلب الأدوار إذ يحل محل المتسلط القوي في المنزل ويسقط على المرأة قصوره النفسي، كما يروي د. مصطفى حجازي في كتابه «التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور».
ويقابل هذا التبخيس من قيمة الزوجة أو البنت مثلنة الأم- أي وضعها على قاعدة المثالية العليا، فيغدق عليها الصفات الإيجابية فهي الطيبة، المحبة، المضحية، أما تبخيس الزوجة أو البنت فيحدث عن طريق وصمها بالعيب والعار والعورة وجعلها القاصرة الجاهلة مقابل الأم المثالية.
أما الرجل فهناك مبالغة واضحة في قوته وذكوريته ومكانته ومقدرته وتحمله وعدم شكواه، فهو يعبأ بقوة ويشحن بطاقة لا يتمتع بها في كثير من الأحيان إلا عبر تبخيس المرأة، فيسقط عليها الهوان والضعف ليقوي نفسه.
إن ما وصفه الكاتب أعلاه، في رأيي، يولد الانفصام أو الانشطار لدى الأطفال، بين أب جبار يسقط جبروته المموه لضعفه على المرأة الضعيفة اللاعبة دور الضحية لتعبئة الرجل وبين أم مستلبة الحق في الحياة الكريمة، فيحدث إنشطار للنفس بين عُليا تنكل وسُفلى تعاقب دون ذنب اقترفته سوى الانصياع للتسلط.
ومثلنة الأم تحلّ محلها وضع أي جماعة محل المثالية أو الجدة التي يغدق عليها الأب أمثل الصفات، وهنا تلتحم قوى من يتفقون في الانفصام والانشطار والاسقاط على الآخر ومثلنة أنفسهم أي الجماعة فوق الآخرين، ويسقطون أَذى المتسلط على ضحية أخرى ترى أنها دون الجماعة، فيحدث الإرهاب.
إن من أقوى دعائم الحرية، التي ترتفع بالإنسان وتعزز منه فتبعده عن أدوات الاحباط من انفصام واسقاط ومثلنة، البيت السليم التي تؤتى ربّته فيه حقها، ولهذا أرى أن عمل المرأة يخفف من قوة جاذبية الإرهاب ومن يدعون له، ففي العمل كرامة.