فرح العبداللات- الوطن الكويتية-
شهدت بعض المجتمعات في بعض الدول العربية مثل اليمن والمملكة العربية السعودية ومصر والأردن والمغرب ولبنان وغيرها وبالأخص المناطق الريفية والقرويّة منها ، تفشّيا ملحوظاً حول ظاهرة زواج القاصرات من رجال كبار في السن، أو حتى من الشباب، وتعود هذه الظاهرة في معظم الأحيان إلى أسباب مادية بحتة، فحاجة وليّ الأسرة للمال، وطمَعه في بعض الأحيان، تدفعه لبيع ابنته إلى أحد التجار"الرجال" القادرين منهم على دفع المهر، مهما غلا ثمنه، كما أن المال، يعميه عن فهم حقيقة وأبعاد مثل هذا الزواج، وتأثيره السلبي على ابنته القاصر، والنتائج الوخيمة التي سوف تعانيها ابنته من مثل هذا الزواج الجائر، وغير المتكافئ، والذي في حقيقته، هو متجارة بجسد ابنته، حتى ولو كان زواجا شرعيا وموثقا على الورق.
إن الزواج من قاصر هي تعتبر جريمة استغلال جنسي فاضح لهذه الطفلة ، كون هذه القاصر لا تملك أي فكرة عن معنى الزواج والزوج و المسؤوليات و واجبات الزوجة، فالزواج منها لا يبني تلك الأسرة السليمة و المثالية، بل هي عبارة عن عملية بيع و شراء طفلة قد وُضعَت كدمية تحت رحمة رجل بعمر أبيها يفرّغ فيها كل ما لديه من احتياجات ورغبات ، فيملك تلك المتعة المريضة في استغلال طفلة و اقتحامه لجهازها التناسلي الغير مكتمل النمو وانتهاكه لطفولتها البريئة مقابل قطعة من الشوكولا ،فإن أبَت الرضوخ له يضطر لاستخدام الترهيب والعنف والتهديد والاغتصاب الأليم والذي يحدث على حساب صراخ و بكاء والسطو على جسد طاهر طفولي مكانه في المدرسة الابتدائية مع الطالبات، مما يجعل تلك الفتاة تواجه مشاكل نفسية وعقلية و جسدية خطيرة تصل إلى قتل النفس أحياناً .
إذا تطرقنا إلى بعض من المشاكل الجسدية التي تواجه تلك الزوجة القاصر فهي : اضطرابات الدورة الشهرية، وتأخر الحمل، تمزق المهبل نتيجة الجماع، وازدياد نسبة الإصابة بمرض هشاشة العظام وبسن مبكرة بسبب نقص الكلس، كما أن هناك أمراض مصاحبة لحمل قاصرات السن، مثل حدوث القيء المستمر عند حدوث الحمل، وفقر الدم والإجهاض والولادات المبكرة، وذلك إما لخلل في الهرمونات الأنثوية، أو لعدم تأقلم الرحم على عملية حدوث الحمل، مما يؤدي إلى حدوث انقباضات رحمية متكررة، تؤدي لحدوث نزيف مهبلي، ارتفاع في ضغط الدم، قد يؤدي إلى فشل كلوي ونزيف، وحدوث تشنجات, وزيادة العمليات القيصرية، نتيجة تعسر الولادات، وارتفاع نسبة الوفيات، نتيجة المضاعفات المختلفة مع الحمل. وظهور التشوهات العظمية في الحوض والعمود الفقري، بسبب الحمل المبكر، اما المشاكل النفسية منها فتتمثل في : الحرمان العاطفي من حنان الوالدين، والحرمان من عيش مرحلة الطفولة الطبيعية، حدوث بعض من حالات الصدمة النفسية المبكرة و التي تؤدي إلى الهستيريا والانفصام، والاكتئاب، والقلق واضطرابات الشخصية واضطرابات في العلاقات الجنسية مع الزوج، ناتج عن عدم إدراك الطفلة لطبيعة العلاقة ومن ثم فشل العلاقة، قلق واضطرابات عدم التكيف، نتيجة للمشاكل الزوجية، وعدم تفهم الزوجة لما يعنيه الزواج، ومسؤولية الأسرة والسكن والمودة. والإدمان نتيجة لكثرة الضغوط كنوع من أنواع الهروب، الخوف من المجتمع و من الناس، الخوف من الظلام والبعد عن الوالدين، الانغلاق اللا إرادي للمهبل لمن هن في عمر مبكر وهو مرض نفسي يزيد من احتمال حدوث ذلك، وجود الخوف (القلق) من الشدة الجسدية من الزوج، وهي حالة مرضية تستدعي التدخل الطبي، وعدم اكتمال النضج الذهني فيما يخص اتخاذ القرارات، وما يترتب عليها بالنسبة للعناية بالطفل، وواجبات الزوج والعلاقة مع أقاربه.
إن الزواج من القاصرات هو كفر و ظلم بعينه ، وكل من يقدم على هذا الفعل الشنيع من الرجال يكون قد تجرد من الإنسانية والرحمة والعطف أو حتى من المشاعر ، فهل هو إنسان سويّ لحظة اغتصابه لطفلة بعمر بناته أو حفيداته ؟ هل هو إنسان سويّ حين يلقي كل ما لديه من دناءة الجسد والشهوات على جسد طفلة بريئة ما عرفت غير الدمى و تمييز الألوان والقاء الأحرف الابجدية في حياتها؟هل هو أبٌ سويّ حين يتاجر بطفلته مقابل مبلغ من المال بحجة صعوبة وضعه المادي الراهن والذي سوف يكفيه لبضعة شهور أوسنوات عاشت فيه طفلته باكية محترقة القلب تائهة ومتفاجئة بوضعها وبحياتها التي أتت على غفلة من أمرها ؟ لا أدري و كأننا في مجتمعٍ وحشيّ قد نسوا سكانه لقبهم كإنسان , يقولون و يقولون الكثير عن اختراق حقوق الأطفال و حقوق الإنسان و يمنعون و يقرّون القوانين و الأنظمة و النصوص ،لكن هل ذلك يجدي نفعاً على أرض الواقع؟ هل فعلاً قامت تلك القوانين و النصوص و العقوبات الشكلية فقط بالحد من ظاهرة الزواج من القاصرات واغتصاب الطفولة؟ لا أظن بل تزداد يوما بعد يوم, لا أدري إلى أين وصلنا من الجهل و التمرد على المنطق وعلى الطبيعة واكتساب أكبر قدر من أنانية النفس والجشع والقسوة , ولكنني أعلم بأنه يجب على الحكومات و منظمات حقوق الطفل والإنسان سواء القيام بعمل جدي هذه المرة، وإقرار عقوبات لا رحمة فيها لمن يزوج ابنته دون الثمانية عشر عاما ، فهذه طفلة و ليست زوجة له، فأصبحت هذه الظاهرة مترنحة ما بين اجتهاد القاضي وطمع أهالٍ و فتاوى شيوخ دين ما دروا بأن ديننا الحنيف هو رسالة للترغيب والعطف واحترام الذات والنفس البشرية، فإن الزواج من قاصر هو بنظري اعتداء جنسي بثوب شرعي و مجتمعي ،هو جريمة علنيّة للتجارة البشرية، فارحموا أطفالكم يرحمكم الله.