خلف الحربي- عكاظ السعودية-
لم تكد وسائل الإعلام الدولية تتلقف خبر فوز نساء سعوديات في الانتخابات البلدية منذ مشاركتها الأولى باحتفاء كبير، باعتبارها إنجازا ملفتا في البلد الذي لا تقود فيه النساء السيارات وتدور فيه أسئلة مدببة حول حقوق المرأة، حتى ظهر علينا الشيخ عبدالله السويلم بآراء أكثر جذبا لوسائل الإعلام المحلية والدولية تمثلت في تحديد عورة جديدة للرجل لتشمل كل مليمتر في جسده باستثناء الوجه والكفين.. ليبدأ استشعار الخطر بخصوص حقوق الرجل!.
أين هي الصورة الحقيقية للرجل في هذا المجتمع؟.. هل تتجسد في الناخبين الذي صوتوا للنساء في الانتخابات البلدية؟.. أم في ذلك الشيخ العجيب الذي يريد إعادة التفكير بشأن ملابس الرجال؟!.. وهل نستطيع أن نتحدث عن صورة المساواة بين الجنسين في الانتخابات أم عن صورة المساواة في الحجاب الشرعي المبتكر؟!.. الحق أن كلتا الصورتين منفصلتان عن الواقع، ففي الصورة الأولى محاولة مبالغ فيها لتجميل صورة المجتمع وفي الثانية محاولة طائشة لتشويهها، وبين الصورتين المزيفتين يقف مجتمع كامل عجز لسنوات طوال عن الانتصار لصوت العقل والمنطق حتى أصيبت حركته الاجتماعية والتنموية بما يشبه الشلل.
عورة المجتمعات الحقيقية تتلخص في قلة العقل، لذلك فإن خروج بعض الأصوات المتحجرة على الملأ بأفكار متخلفة وتصرفات غير لائقة تحت ستار الدين يعد شكلا من أشكال كشف عورتنا الاجتماعية على الهواء مباشرة، واستسلام المجتمع لهذه الأفكار الظلامية التي شوهت صورة مجتمعنا وديننا في كل مكان في العالم هو الذي شجع هذه الأصوات على تصدر المشهد لسنوات طويلة واختطاف إرادة الناس الذين كان يتملكهم الخوف والتردد والحرج حين يجدون أنفسهم في مواجهة هذه الأفكار والشطحات الخالية من العقل.
وما يحدث اليوم من رفض اجتماعي لهذه الأطروحات المخجلة عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر المقالات الصحفية أو خلال الملتقيات العامة هو شكل من أشكال الاحتساب الحقيقي للدفاع عن صورة الدين الحنيف بعد تعرضه لكل هذا التشويه المؤسف، الذي تحول إلى مادة كوميدية شبه يومية لوسائل الإعلام العالمية حين ترغب في الحديث عن الإسلام أو السعودية، كما أن هذا الرفض الاجتماعي هو خطوة أولى وضرورية لحماية المجتمع من هؤلاء المأزومين فكريا ونفسيا الذي وصل الأمر ببعضهم الى مغازلة الرجال على سبيل المزاح!.. بينما يبحث البعض الآخر عن وسيلة لإلزام الرجال بحجاب جديد، والسكوت على هذيانهم المريض قد يوصلنا في يوم ما إلى أن نسمع عبارة: (تغطى يا رجال)!.