محمد الساعد- عكاظ السعودية-
كيف تكون ديموقراطيا «متميلحا»، تمارس كل أنواع الهياط النضالي، وكيف تكون «حكوكيا» في تويتر والفيس بوك، ومتسلطا همجيا ورجعيا في الوقت نفسه، إنها معادلة صعبة، لا يقدر عليها إلا كبار المدلسين، وأصحاب الوجوه والأقنعة المتعددة.
ولكن وبمناسبة أن موضة «الحكوكية» المنتشرة في بلادنا وبقية بلاد العرب، فيمكن لمن لديه اهتمام أن يطرق أبواب بعض أعضاء المجلس البلدي، من المناضلين الجدد، وأتعهد له أن يتعلم منهم تكتيكات النضال في خمسة أيام فقط، لكن عليه أن يتخلى عن قيمه وضميره، ويتبع خطواتهم خطوة خطوة.
أولا : عليك أن تمخر المجالس والصوالين والمخيمات السرية والعلنية، مدافعا عن ديموقراطية تركيا، ومتغنيا بالحريات، وممتدحا عضوات البرلمان التركي والماليزي والسوداني والغزاوي، ممن يضعن الحجاب على رؤوسهن ولا يغطين وجوههن، ويجتمعن ويتحدثن ويقابلن الأعضاء تحت نفس القبة وعلى نفس الطاولات.
ثانيا : اكتب في تويتر عن أعداء الديموقراطية، و«الوطنجية»، والحكوميين، والليبراليين، الذين تخلوا عن قيم الديموقراطية والجامية ــ كما يتهمونهم ــ، ولم تنطل عليهم حيلك وسحرك للقفز على الكراسي.
ثالثا : مرر أفكارك على الصبيان والسذج والعوام، وأعلن عن ترشيح نفسك عضوا في أي انتخابات بلدية أو مهنية، أو أي انتخابات يمكن أن تتاح مستقبلا.
رابعا : لا يهم أن تكون متخصصا أو مخلصا لوطنك ولا لشعبك، المهم أن تكون حركيا مخلصا لأجندتك وجماعتك وعشيرتك الأقربين.
خامسا : أؤكد لك أنك ستفوز حتما، ألست ممن يدعي أنه من وكلاء الله في الأرض، وأنك من أصحاب الغيرة والفضيلة ــ حتى ولو لم تكن ــ، على الرغم من أنك بشر، تخطئ وتصيب، تذنب وتستغفر، تسافر وتنسى قيمك في بيتك وتعود تلبسها من جديد.
سادسا : مارس الديكتاتورية من الاجتماع الأول، وانس الخدمات التي وعدت الناس بها والأحلام التي أغرقت المواطنين فيها، وفكر فقط في خدمة حركتك وأجندتك، وادخل في التفاصيل التافهة، وأغرق المجتمع فيها، واخترع الأزمات المتتالية، فهدفك أبعد وأوسع من خدمة الناس.
سابعا : اضرب بطلبات الناس في أقرب «حيطة»، ودعها تسقط بأقرب غرفة صرف صحي، لأنك لو تقدمت للانتخابات مرة أخرى ستفوز وستفوز، فأنت ممن يخدع الناس بكلمات التدين والدفاع عنها.
ثامنا : سخر جل وقتك لتمرير أفكار حزبك، وادعمه من أجل السيطرة على الأمر كله، إنها اللذة التي تنتشون بها، والفوز المغشوش الذي تنتمون إليه.
إنها حكايتنا وحكايتكم، مع قيم الحياة والحريات والوطنية، أنتم ترونها جسرا للعبور إلى مأربكم، والجميع يراها وسيلة من وسائل تحسين الحياة.
لذا على من يبحث عن الانتخابات، أن يرحب بنتائجها، ومن يترشح أمام النساء عليه أن يقبل مواجهة النساء، ولا يختبئ منهن في غرف مظلمة، ويتحدث معهن عبر الدوائر المغلقة.
فتأمل أيها الشعب العظيم، كيف يفكر «الحكوكيون» ومناضلو الوهم، وكيف يخططون ويدبرون لإدارة حياتنا متى ما تمكنوا منها والسيطرة على الكراسي لا قدر الله.