سيتغير في الأيام المقبلة المثل المعروف «ولد وفي فمه ملعقة من ذهب»، والذي يضرب في غنى الشخص الفاحش، بعد أن انتشر في أسواق الذهب رضاعات ولهايات من ذهب، ليصبح المثل الذي يليق بها «ولد وفي فمه رضاعة أو لهاية من ذهب»، والمضحك المبكي كان في الأسعار الباهظة التي تباع بها زجاجة الرضاعة التي تحوي غطاء من الذهب الخالص عيار 18، والتي يمكن أن يتجاوز سعرها سقف الخمسة آلاف ريال للزجاجة الواحدة، ناهيك عن أسعار اللهايات التي تصل إلى ثلاثة آلاف ريال.
شغلت هذه المذهبات الجديدة مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، حتى إن مغردين أوصلوها ليكون وسمها الأكثر تداولاً، ودارت حوارات ساخنة ورافضة لمثل هذه البضائع التي أحيلت إلى سجلات الهياط الاجتماعي، وعلق مغردون غاضبون على الصور المتداولة على أنها «مستفزة في ظل الظروف الاقتصادية التي يعيشها العالم عموماً والمملكة خصوصاً».
وغرد محمد البداح قائلاً: «هل يحتاج الطفل إلى ذلك؟ وماذا تزيد إذا كانت من ذهب؟ إنه أسلوب جديد للهياط والإسراف وحب المظاهر»، وأرجعت الرضاعات المرصعة بالذهب المطالبة بسن قانون رادع لهذا «الهياط المستفز للمجتمع»، الذي استغلته محال ذهب ومجوهرات لتكون من ضمن أدوات استقبال المولود، ومخاوف الغاضبين منها تتمحور في كونها إسرافاً لا يجب تشجيعه، وضرره كبير على المجتمع في حال أصبح شراء مثل هذا الذهب من مستلزمات استقبال المولود.
يقول الأخصائي الاجتماعي محمد باقر العبيد: «غضب المجتمع بعد انتشار هذه الصور له مبرره، ففي السابق كان الانتقاد يصب على الولائم المبالغ فيها، والرفاهية التي تجاوزت حدود التصديق، وتعالت الأصوات للحد من هذا الهياط، وبعد ركود بسيط وفترة هادئة انتشرت صور الرضاعات واللهايات المرصعة بالذهب لتعود موجة الغضب من جديد».
ويوضح «في دولة خليجية قريبة، أصبح احتفال استقبال المولود مكلفاً إلى درجة جنونية يصل في بعض الحفلات إلى أكثر من 20 ألف ريال، ويمكن أن يتجاوز هذا الرقم فالتنافس على أشده، إلى جانب الولادة في المستشفيات المصنفة بخمس نجوم وأكثر والتي تكلف مبالغ طائلة، والخوف من أن تنسحب هذه الاحتفالات إلى مجتمعنا وتصبح ملزمة هنا، سنندم حينها». ولم يستغرب صائغ الذهب فوزي محمد البقشي وجود مثل هذه الأمور، وقال «هي عادية جداً ومن الغرابة انتشارها الآن، وهي موجودة منذ أكثر من خمسة عقود، وبيع اللهايات كان كبيراً ومشاهداً، وغالباً ما تهدى للأم التي جاءها مولود بعد تأخر حملها، أو لمن ترغب في إضفاء شيء من الدلال على مولودها»، مضيفاً «اللهايات الذهب لم تكن قيمتها عالية، وكانت ليست حكراً على الطبقة الغنية بل حتى الطبقة المتوسطة وأيضاً البسيطة منتشرة فيما بينها».
وقال البقشي «تعتبر هذه القطعة الذهبية هي قطعة ادخار مثلها مثل باقي أنواع الذهب الأخرى، وقيمتها ليست معدومة، وفي الماضي كانت تشترى بعقل فالأمهات ينتظرن ارتفاع سعر الذهب ليبيعونها بمبلغ أعلى من مبلغ الشراء»، مشيراً «بالنسبة لي كصائغ كنت أرى اللهايات الذهبية منذ كان عمري تسعة أعوام، والصور التي أغضبت الناس أخيراً كان سببها وجود مواقع التواصل الاجتماعي الذي أظهرها لجمهور لا يعرفها أو لم يسمع بها».
ويبيِّن أن «هناك نوعاً من المفاخرة منذ زمن، وأنا مع وضد، فالموضوع قديم جداً كما أسلفت، لكنني ضد الصور التي وصلتني، فإحدى الرضاعات يبدو أنها مرصعة ببعض الألماس وهذا ما نسميه هياطاً»، مضيفاً «تحرص الأمهات في السابق على أن تكرم مولودها بالذهب لا أن تهايط به».
من جهته، انتقد الصائغ منير البقشي «الصور التي انتشرت أخيراً»، واصفاً إياها «بالمبالغ فيها ولا داعي لأن يصل الحال لما هو عليه»، وقال: «كنا نتعامل ونرى اللهايات الذهبية منذ أكثر من خمسة عقود، وكنا نشتغلها بحسب الطلب وبحسب رغبة الزبائن»، مضيفاً «جاءت فكرتها من العراق وكان تصنيعها خفيفاً جداً فأعاد الصائغون صنعها لتصبح ثقيلة وتتحمل جميع الظروف، وكان سعرها لا يتجاوز 450 ريالاً، إذ كان الغرام الواحد بـ30 بينما الآن يصل الغرام إلى 200 وهذا ما رفع سعرها لما نراه اليوم». ولم يتوقف الأمر عند اللهايات والرضاعات الذهب، بل تعداه ليصل إلى ملابس الداخلية والمصنوعة من الذهب الخالص وبأسعار خيالية، وتروج لها محال ذهب في دول خليجية قريبة، ومنها سوق الذهب في مدينة دبي، الذي يستقبل المتسوقين بعرض قميص من الذهب الخالص، وهو بحسب البقشي «للفت النظر فقط، فليس هناك من يستطيع تحمل قيمته العالية، وهو مشروع لطبقة محددة من الأغنياء».
وكالات-