أكثر من 11 عاماً مر على إنشاء برنامج الأمان الأسري الوطني في السعودية، لمكافحة كل أشكال العنف الأسري الموجه ضد النساء والأطفال وكبار السن، ودق البرنامج بإحصاءاته غير مرة ناقوس الخطر عن ازدياد معدلات العنف ضد الفئات «المستضعفة» في المجتمع.
وقال البرنامج إنه يهدف إلى «تعزيز أمن وسلامة الأسر بمكافحة أنماط العنف الأسري كافة والتوعية به مجتمعياً، وتقديم الخدمات الطبية والاجتماعية لضحاياه بالتعاون مع الجهات المعنية، سواءً الأهلية أم الحكومية، وتفعيل البحث العلمي الطبي والاجتماعي في هذا الشأن، وتدريب متخصصين للتعامل مع الحالات وإمدادهم بالخبرات والموارد اللازمة، إضافة إلى إعداد الإحصاءات اللازمة سنوياً لرصد معدل انتشار العنف ضد هذه الفئات». وأسهم «الأمان الأسري» منذ إنشائه في إعداد برامج ومشاريع لمكافحة العنف، وحماية المستهدفين بها نفذها مع الشركاء الحكوميين، مثل: مشروع التوعية بأضرار هز أو رج الأطفال الرضع، ونظام الحماية من الإيذاء، والذي جرم كل أشكال الاستغلال أو اساءة المعاملة الجسدية والنفسية والجنسية أو حتى التهديد به، وعاقب مرتكبيها بالسجن لمدة عام وبغرامة تصل إلى 50 ألف ريال.
وأطلق البرنامج في العام 2009 مشروع «السجل الوطني» لرصد حالات اساءة معاملة الأطفال في السعودية دورياً، وكل ما يتعلق فيها، وكشف المشروع أخيراً، عن تسجيل أكثر من ألفي عنف ضد الأطفال خلال تسعة أعوام تعرضوا إلى أنماط مختلفة من الإيذاء النفسي والجسدي والجنسي.
وخصص «خط مساندة الطفل» المجاني على هاتف 116111 للتبليغ عن كل أشكال العنف ضد الأطفال دون سن الـ18 على مدار الساعة، مؤكداً ضمان سرية المتصل، واستقبل خلال عام واحد فقط أكثر 272 ألف اتصال من مختلف المدن.
ولمكافحة انتشار العنف بين الأطفال في المدارس، أطلق «المشروع الوطني للحد من التنمر وعنف الأقران» في مدارس التعليم العام بالتعاون مع وزارة التعليم في تشرين (نوفمبر) الماضي، بعدما كشفت دراسات أجراها على 15 ألف من طلبة المرحلة الثانوية من مناطق مختلفة، تعرض 47 في المئة منهم إلى «عنف من الأقران»، بينهم 15 في المئة تعرضوا إليه باستمرار، فيما ينتشر «التنمر» بين الذكور أكثر من الإناث.
وأنشأ البرنامج 43 مركزاً لحماية الأطفال من الإيذاء، متخصصة في التعامل مع حالات العنف، منتشرة في مختلف المناطق، فيما يعمل على تدريب المئات من المختصين في التعامل مع هذه القضايا.
ولا يقدم البرنامج خدماته في شكل مباشر إلى ضحايا «العنف الأسري»، بل تتركز جهوده في تصميم برامح ودراسات واستراتيجيات تقدم إلى الجهات والهيئات المختصة المعنية بمكافحتها.
وفي المقابل، يقدم البرنامج نصائح إلى الأسر والتربويين لرصد مؤشرات العنف ضد الأطفال، وبينها: التصرفات العصبية: مثل هز الرجلين، وشد الشعر، عدم اللجوء للوالدين، قلة الابتسام أو الضحك، والافتقار إلى الفضول وحب الاستطلاع.
وأوضح «الأمان الأسري» أن من علامات إهمال الطفل: القذارة والإهمال، ووجوده لفترات طويلة في الشارع، والتغيب المتكرر عن المدرسة، وتركه من دون مراقبة.
وينظم برنامج الأمان الأسري حالياً، دورة تدريبية عن حالات إيذاء وإهمال الأطفال بالتعاون مع مستشفى الملك فهد في جدة. وتهدف الدورة التي قدمها فريق من الخبراء المحليين والإقليميين، إلى إكساب المشاركين من الأطباء والأخصائيين النفسيين المهارات المتقدمة لتشخيص حالات الأطفال النفسية وطرق التعامل معها في ضوء أحدث المستجدات والبحوث العلمية.
وتتناول الدورة محاور عدة، أهمها: الإهمال وإساءة معاملة الأطفال، وآثاره النفسية عليهم، والخصائص المميزة للأسر المعنفة، ودور القطاعات والتخصصات المختلفة، وكيفية تحسين أوضاع الطفل من خلال العلاج النفسي.
قائمة طويلة من الأمراض تلاحق أصحاب «الطفولة السيئة»
كشفت دراسة أجراها برنامج الأمان الأسري أخيراً، عن وجود علاقة بين «تجارب الطفولة السيئة» والإصابة بالأمراض المزمنة لدى البالغين، بعدما أجرت مسحاً على أكثر من 10 آلاف شخص تتجاوز أعمارهم الـ18 عاماً من مختلف المناطق، بينت أن 29 في المئة من البالغين تعرضوا إلى أربعة أنواع فأكثر من تجارب «الطفولة السيئة»، بينما 20 في المئة لم يتعرضوا لأي منها.
وبينت الدراسة أنه بالمقارنة مع من لم يتعرضوا إلى «تجارب طفولة سيئة» فإن تجربة واحدة تزيد من الاحتمال بإصابة بأمراض السكر والاكتئاب والقلق، بينما من تعرضوا إلى اثنين من التجارب تزداد احتمالات إصابتهم بالأمراض العقلية وارتفاع ضغط الدم، وتعاطي المخدرات وإدمان الكحول، بينما المتعرضون لأربع تجارب فأكثر تزيد نسبة إصابتهم بمرض القلب التاجي والسمنة، وغيرها من الأمراض العقلية.
وأظهر مسح أجراه البرنامج لرصد لمعدلات العنف ضد المراهقين على 18 ألف مراهق، أن 13 في المئة منهم تعرضوا إلى العنف الجنسي، فيما تعرض 53 في المئة إلى الإهمال، وتصدر العنف الجسدي والنفسي أنواع العنف شيوعاً، بأكثر من 80 في المئة.
وكالات-