الرياض السعودية-
في هذه الأيام تزداد المناسبات الاجتماعية بالتزامن مع الإجازة الصيفية، وفي معظم تلك المناسبات نستمع إلى أصوات طلقات الأسلحة ونشاهد تسابق الأعيرة النارية الحمراء في السماء ليلاً، في مشهد مؤسف يعود للواجهة من جديد، مهدداً الأفراح وقلبها إلى مآتم، فضلاً عن استهانة البعض بها والتعبير عن الفرح بصورة خاطئة، من خلال إطلاق النار في حالات متعددة منها عند زف العريس ومرافقيه إلى مقر الاحتفال، حيث تبدأ الأعيرة النارية بشكل عشوائي غالباً، بالإضافة إلى ارتكابهم لأخطاء أخرى كعرقلة السير وربما إيقافه تماماً، وما يصاحبها من ممارسات سلبية بدأت تصاحب هذه الظاهرة كالرقصات على أنغام "الشيلات"، ضاربين الذوق العام وحق الجميع بالطريق والهدوء بعرض الحائط!، فضلاً عن الأعيرة النارية الأخرى التي تتصاعد بشكل كثيف عند استقبال الضيوف والترحيب بهم، في ظل غياب الرادع القوي لهذه الظاهرة الاجتماعية المؤلمة.
وطالما أنه من الصعب جداً أن يعيش الفرد بمعزل عن مجتمعه ومشاركته بأفراحه، لذا فمن الضروري تعاون مُلاّك قاعات الأفراح مع الجهات الأمنية وبمتابعة المحافظين لكل مدن المملكة للقضاء على هذه الظاهرة التي تهدد الأرواح والأفراح، لنشر ثقافة التعبير عن الفرح والسرور بعيداً عن جلب الأضرار للآخرين.
استهتار بالأنظمة
وقال أ.د. يوسف بن أحمد الرميح -أستاذ مكافحة الجريمة والإرهاب بجامعة القصيم-: إنه من المفترض عدم وجود الأسلحة من الأساس في مناسبات الأعراس، حيث يمكن التعبير عن الفرح بأساليب أخرى، لخطورة التساهل بإطلاق النار وما ينتج عنه من كوارث محتملة الوقوع، فضلاً عن سوء استخدام الأسلحة والجهل التام لدى البعض في التعامل معها وهذا ما يزيد نسبة وقوع الكارثة، مؤكداً على: أن هذه الممارسة تعتبر استهتاراً بالأنظمة والقوانين والأبرياء أيضاً -مع الأسف-، ولا بد من اتخاذ عقوبات قوية على الأفراد الممارسين لهذا العمل، بالإضافة إلى ضرورة مصادرة الأسلحة، والتنسيق مع الجهات الأمنية عند إقامة حفلات الزواج، وكذلك إغلاق القاعة المخالفة للتعليمات وفرض عقوبات رادعة عليها بحجم خطر هذه الظاهرة الاجتماعية المؤسفة، لوقف هذا التهديد الخطير، مُشدداً على ضرورة إشراك الداعي للمناسبة بكامل بالمسؤولية الأمنية تجاه هذه الممارسة من خلال تحمله مسؤولية جميع المحتفين به وكذلك المدعوين لحضور المناسبة.
وأضاف: نشاهد في بطاقات الدعوات لمناسبات الزواج اشتراطات معينة مذيلة في تلك البطاقات تحتوي على عبارات منع اصطحاب الأطفال ومنع جوال الكاميرا على سبيل المثال، لذلك بإمكان الداعي تضمين عبارة يمنع منعاً باتاً حمل واستخدام الأسلحة منها أن يكون بمثابة رجل الأمن بحكم أن المواطن هو رجل الأمن الأول، ثم لتأكيد موقفه من خلال رفض هذه الممارسة الخطيرة.
غير حضارية
وأوضح سعد بن عبدالرحمن الرقراق -أخصائي اجتماعي- أنه على الرغم من التحذيرات المتتابعة من مقام وزارة الداخلية، عن خطورة حمل الأسلحة وإطلاق الأعيرة النارية في الأفراح والمناسبات، إلاّ أن ظاهرة الأعيرة النارية -الرصاص الناري- ما زالت مستمرة، وعلى سبيل المثال إذا نجح طالب في الثانوية نجد من يطلق النار تعبيراً عن الفرح وكذلك إذا تخرج من الجامعة. إلى أن تصل إلى مناسبة الزواج، وكأن التعبير عن الفرح لا يتم إلاّ بإطلاق الأعيرة النارية والاستعراض بها وتعزيز صورة غير حضارية عن مجتمعنا الواعي، فضلاً عن خطورتها التي لا تخفى على أحد، ومع ذلك نلاحظ أن هذه الممارسة تطورت حتى أصبحت ظاهرة اجتماعية مؤسفة خلّفت العديد من الضحايا والعبث في الممتلكات، مبيناً أن ظاهرة إطلاق النار في مناسبات الزواج المؤسفة، أوجدت خصاماً بين الأهل والجيران والأقارب نتيجة وقوع ضحايا أبرياء وغالباً ما تحوّل فيها الفرح إلى مأتم، فضلاً عن عدم انسجام هذه الظاهرة الخطيرة مع قيمنا المجتمعية، وعدم موافقتها مع موروثنا الديني والحضاري والثقافي الذي طالما دعا إلى حماية أرواح الناس، مؤكداً على أنه حان وقت تعاون جميع مكونات مجتمعنا ابتداءً من الفرد والأسرة ثم الحي ووجهاء القبائل ومؤسسات المجتمع والإعلام ووزارة التعليم.
تكثيف التوعية
وشدّد محمد بن عبدالله النهاري -متخصص بالعلاقات العامة والإعلام- على أهمية كافة وسائل الإعلام والمنابر ومنصات التواصل الاجتماعي خاصةً قادة الرأي كلًا بجماله، والدور التوعي الكبير من خلال تعبئة المجتمع والتأثير عليه إيجابياً. بواسطة تنظيم الحملات التوعوية الإعلامية المنظمة، لتعزيز ثقافته حول التعبير عن الفرح بصورة حضارية تعكس وعي مجتمعنا، بعيداً عن انتهاك حقوق وخصوصيات الآخرين، فضلاً عن ضرورة تظافر جهود الجميع عبر الإعلام الاجتماعي بمنصاته، للتحذير من مخاطر هذه الممارسة وتعزيز وقفها بسلاح الرفض المجتمعي التام وتعزيز التوعية واستمرارها، حتى تكتمل الحلقة ويتحقق التنسيق بين الجهات ذات العلاقة لننعم بمجتمع آمن وبأفراح سعيدة بعيدةً عن طلقات الأسلحة النارية.