متابعات-
منذ تشكيل الحكومة الكويتية، في 9 سبتمبر 2021، لجنة لبحث آليات معالجة الخلل في التركيبة السكانية، اتخذت الأخيرة جملة من القرارات الهادفة إلى تحقيق تغيير سكاني على حساب الوافدين.
وأظهرت اللجنة، التي يرأسها وزير الداخلية الكويتي الشيخ طلال الخالد، جدية عالية للتعامل مع ذلك، من خلال القرارات العاجلة التي أعلنتها بعد عقد اجتماعها الأول في فبراير الماضي.
وأكد الخالد أن اللجنة وضعت نصب عينيها الاهتمام بمعالجة الاختلالات في التركيبة السكانية وسوق العمل في دولة الكويت فور بدء أعمالها، ورفعت توصياتها باعتماد مشروع اللائحة التنفيذية للقانون 74 لسنة 2020 بشأن تنظيم التركيبة السكانية إلى مجلس الوزراء.
وتضمنت أوائل القرارات التي أعلنتها اللجنة، إلزام الجمعيات التعاونية بسرعة تكويت جميع الوظائف القيادية والإشرافية، بالإضافة إلى رفع نسبة العاملين، بما يتيح خلق نحو 3 آلاف فرصة وظيفية للكويتيين في القطاع التعاوني وفق سلم مميز للرواتب والحوافز المالية.
وشملت القرارات الأولى خلق عدد من الوظائف الاستشارية للمواطنين المتقاعدين في مجالس إدارات الجمعيات التعاونية.
وبعد قرار اللجنة، أكد وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية بالإنابة رئيس الفريق، عبد العزيز المطيري، لوكالة الأنباء الكويتية (كونا)، منتصف فبراير 2023، أن فريق العمل بدأ الخطوات التنفيذية لوضع آلية العمل الخاصة بتكويت الوظائف في الجمعيات التعاونية بالتعاون مع هيئة القوى العاملة واتحاد الجمعيات الاستهلاكية التعاونية.
واعتبر رئيس نقابة العاملين بالقطاع التعاوني، جمال الفضلي، أن خطة تكويت الجمعيات التعاونية تندرج ضمن خطوات تم السعي إليها منذ سنوات طويلة، لكنه يستدرك بقوله إن هناك بعض العراقيل لتنفيذ القرارات.
ويقول "الفضلي"، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "لجنة التركيبة السكانية أعلنت توفير 3 آلاف وظيفة للكويتيين في الجمعيات التعاونية، ونحن ننتظر آلية التوظيف وتطبيق القرار المعلن عنه".
وشدد على أنه "حالياً لا يمكن إعطاء نسبة نجاح أو فشل للقرارات الحكومية الأخيرة إلا بعد إصدار اللوائح المنظمة للعمل"، مضيفاً: "لذلك نحن بانتظار النتائج، ولكن بعض اللوائح تتضارب مع بعض القوانين، لذلك ننتظر القانون النهائي".
كما وجهت اللجنة بإجراءات تخص محاصرة العمالة العشوائية، وشن حملات مكثفة لضبط المخالفين، ومحاربة تجار الإقامات والشركات الوهمية.
تطبيق ذكي
زادت وزارة الداخلية من قراراتها الهادفة إلى معالجة التركيبة السكانية، من خلال إطلاقها تطبيق "كويت فيزا" الإلكتروني؛ بهدف تنظيم دخول العمالة والوافدين إلى الكويت، وحماية البلاد من عبور أصحاب السوابق أو المطلوبين قضائياً، أو المصابين بالأمراض المعدية إلى البلاد.
وعند إطلاق التطبيق في فبراير الماضي، أكدت الوزارة أنه سيتحقق من سمات دخول العمالة والزائرين إلى البلاد والمصادقة على تأشيرات الدخول بشكل إلكتروني سريع ودقيق قبل الصعود إلى الطائرة ودخول البلاد.
ترحيل وافدين
مطلع العام الجاري، أقدمت وزارة الداخلية الكويتية على ترحيل 30 ألف وافد خارج البلاد؛ بسبب ارتكابهم جرائم ومخالفات متنوعة، وضمن قرارات السلطات معالجة التركيبة السكانية.
وبلغ عدد الرجال الذين أبعدوا 17 ألفاً، وفق ما أوردته صحيفة "الراي" المحلية في يناير الماضي، مقابل 13 ألفاً من النساء، وينتمي غالبية المبعدين للجنسية الهندية بواقع 6400 منهم، و3500 بنغالي، و3000 مصري.
وإلى جانب قرارات اللجنة ووزارة الداخلية استغنت وزارة التربية عن أكثر من 2000 معلم وافد ورئيس قسم في 14 تخصصاً، ضمن خطتها لإحلال مواطنين بدلاً منهم، وتكويت قطاع التعليم.
وفي مارس الماضي، أعلنت السلطات الأمنية الكويتية إبعاد 9 آلاف وافد من عدة جنسيات إلى بلدانهم، بينهم نحو 4000 امرأة، وذلك منذ بداية العام الحالي 2023، أي بمعدل 3 آلاف وافد شهرياً.
كما كشفت بيانات حكومية رسمية عن إلغاء إقامات 1.150 مليون وافد خلال 3 سنوات، بينهم 67 ألفاً غادروا البلاد ما بين يناير 2022 وأبريل 2023، كما شهد العام الماضي إلغاء إقامات 56279 وافداً.
وفي نهاية أبريل الماضي، أبعدت وزارة الداخلية الكويتية 11 ألف مخالف لقانون الإقامة من رجال ونساء ومن جنسيات مختلفة، من بداية يناير الماضي وحتى 28 أبريل.
نتائج إيجابية
مع استمرار قرارات لجنة معالجة التركيبة السكانية، ارتفع عدد سكان الكويت خلال العام 2022 بنسبة 8% على أساس سنوي، في أسرع معدل نمو سنوي يتم تسجيله منذ 17 عاماً.
وقال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، صدر في أبريل الماضي، إن عدد سكان الكويت ارتفع خلال 2022، عاكساً بذلك التراجع الذي سجله على مدار السنوات الثلاث الماضية بالقرب من مستويات الذروة المسجلة في عام 2019.
وأصبح عدد السكان الآن أقل من مستويات الذروة المسجلة في عام 2019 بنسبة 0.8% فقط، كما تراجع معدل نمو عدد المواطنين الكويتيين إلى 1.9% على أساس سنوي في عام 2022، في حين تسارعت وتيرة زيادة الوافدين إلى 11.1%، وذلك بعد عامين متتاليين من التراجع بسبب كورونا.
وإلى جانب ارتفاع عدد السكان، أظهرت إحصائية أعدتها صحيفة "الأنباء" المحلية"، ونشرتها الأربعاء 29 مارس الماضي، حول بيانات العاملين بالقطاع الحكومي، أن إجمالي المواطنين المعينين في الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات الملحقة والمستقلة والشركات المملوكة للحكومة خلال 2022 بلغ نحو 15.6 ألف مواطن ومواطنة.
زيادة عدد السكان
تريد الحكومة الكويتية من وراء تعديل التركيبة السكانية، الوصول إلى المعالجة الكاملة بجعل التركيبة تساوي 70% كويتيين مقابل 30% غير كويتيين، ليكون الوضع مثالياً.
وأظهرت الأرقام الصادرة عن هيئة المعلومات المدنية، في مارس الماضي، زيادة عدد سكان الكويت خلال أول 6 أشهر من 2022 بواقع 78.71 ألف نسمة، حيث ارتفع عدد السكان من 4.38 ملايين نسمة بنهاية ديسمبر 2021 إلى 4.46 ملايين نسمة بنهاية يونيو 2022.
وزادت أعداد الوافدين بنهاية يونيو 2022 بواقع 65.288 مقيماً ومقيمة، ليبلغ عددهم 2.96 مليون، مقارنة مع 2.89 مليون في نهاية 2021، في حين زادت أعداد المواطنين عن الفترة ذاتها بواقع 13.4 ألف مواطن ومواطنة، ليبلغ عددهم نحو 1.5 مليون مواطن ومواطنة، مقارنة مع 1.48 مليون في نهاية ديسمبر.
الكاتب والصحفي الكويتي، أنور الروقي، يرى أن نجاح لجنة التركيبة السكانية مرتبط باستمرار عملها وخططها، وعدم توقفها في حال تغيرت الحكومة الكويتية الحالية وشكلت حكومة جديدة.
وبين أن معالجة التركيبة السكانية أمر معقد؛ لعدم وجود ضمان لاستمرار اللجنة التي يرأسها وزير الداخلية، والتي قد تنتهي مع انتهاء عمله في الوزارة.
ويقول الروقي، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "معالجة خلل التركيبة السكانية في الكويت يحتاج إلى رؤية وخطة مدروسة للدولة، يتم العمل عليها وتطبيقها وفق جدول زمني، مع وجود تشريعات وقرارات رسمية".
وأوضح أن لجنة التركيبة السكانية بحاجة إلى خارطة طريق لتحقيق وتنفيذ الخطط والقرارات التي يتم إقرارها، إضافة إلى تبنٍّ عملي للتصريحات التي ينشرها مسؤولو الحكومات الكويتية المتعاقبة.