محمد علي قدس - الشرق
حين أعلنت وزارة الداخلية في بيانها الأخير قائمة بأسماء مطلوبين في قضايا الإرهاب، واستهداف مسجدي القديح والعنود في المنطقة الشرقية..
تفاجأ كثيرون وأصيبوا بالدهشة جميعاً، بعد نشر تلك الأسماء، وقد تراوحت أعمار أصحابها المطلوبين من الشباب المغرر بهم بين الخمسة عشر والاثنين وعشرين عاماً.
كانت الصدمة شديدة وصاعقة، حين تفاجأت الأسرة أو القبيلة بوجود اسم أحد أبنائها أو أفرادها على قائمة المطلوبين أمنياً، وثبتت خيانتهم لوطنهم بما يخرجهم من الدين والإيمان، كما سارع بعضهم للنشر عبر وسائل الإعلام وإعلان براءتهم من أبنائهم الذين شاركوا في العمليات الإرهابية الأخيرة، وكانوا ضمن الهالكين أو المطلوبين للعدالة. من المسؤول عن هذا الانحراف الديني والأخلاقي؟ من المسؤول عن ضياع هؤلاء الشباب وانضمامهم للجماعات الإرهابية؟ لقد وقع عديد من الشباب فريسة الإهمال والإحباط واليأس خلال الفترة الماضية، نتيجة عدة عوامل تجمعت لتصيب مشاعرنا جميعاً بخيبة الأمل والفشل.
أدرك علماء التربية وعلم النفس، حجم المأساة التي يواجهها الشباب، بعد أن توجه عديد منهم، ممن بلغ بهم اليأس من الحياة إلى حد، الظن بأن التخلص من الحياة التي يعيشونها ليس له طريق إلا الانتحار بعدة طرق هرباً من الحياة السقيمة والضغوط الكثيرة التي يتعرضون لها من قبل الأسرة والمجتمع، وبدأت تتولد لدى الشباب فكرة البحث عن مخرج من تلك الأزمة بالهجرة سواء كانت شرعية أو غير شرعية، معرضين حياتهم لخطر الموت بلا مبالاة، وهو ما اتضحت عليه الصور المأساوية لنهاياتهم، ومع تطور الأوضاع وازدياد الضغوط، بدأ كثير من الشباب في إنهاء حياتهم بأيديهم دون الانتظار لما قد تسفر عنه محاولتهم الهجرة للخارج بحثاً عن مخرج، حتى وصل بهم الأمر إلى الاتجاه نحو الجماعات التكفيرية الإرهابية مثل تنظيمي القاعدة وداعش، في محاولة لإثبات الوجود وإزهاق أرواحهم بحزام ناسف أو سيارة مفخخة، لا يفجرون بها أنفسهم فقط، وإنما يفجرون أوطانهم وأمان إخوانهم أبناء وطنهم الآمنين، وقد أوهموا بأنهم سيكونون شهداء وهم للدين والوطن والأهل أعداء. تلك المفارقة العجيبة، تدل دلالة واضحة على إشكالية التربية والتعليم، بين شاب افتدى أرواح المصلين بروحه، وشاب فجر نفسه ليزهق أرواحاً مؤمنة بريئة، لاشك أن هناك خللاً كبيراً، خاصة أن كثيراً من الشباب المضلل كانوا ضحايا شيوخ التضليل والفتنة، الذين أضاعوا النهج الدعوي الصحيح، وادعوا العلم والدعوة للتمسك بتعاليم الدين، وهم من سماحة ديننا الحنيف براء، ضللوا الشباب بفكرهم المتشدد، وأفتوهم بما يتعارض مع نهج الدعوة القويم، وما يدعو إليه دين الإسلام العظيم.
حين ننظر لأوضاع المنطقة الحالية، نجد أن الجماعات الإرهابية استقطبت عديداً من شباب الأمة الذين انضموا لجماعات داعش والنصرة في سوريا وفي العراق، فكيف تفلتت زمام الأمور، وهل نحمل الظروف على اختلاف أشكالها، السبب وراء هجرة الشباب للالتحاق بفرق الموت وترهيب المؤمنين وتدمير الأوطان؟ أم نضع المسؤولية على الأسرة التي أهملت أبناءها حتى تملكهم اليأس وخيبة الرجاء فأضاعوهم؟ أم إنها مسؤولية يتحملها الجميع، أفرادا ومؤسسات:البيت، المدرسة والمجتمع!!