أمل زاهد- المدينة السعودية-
للمرة الخامسة خلال عام واحد تقريباً يستهدف الإرهاب الداعشي بيوت الله ، هذه المرة في نجران الحبيبة . وللمرة الخامسة نتألم ونفجع في شهداء للوطن ؛ تغتالهم أيدي الغدر والمروق والخيانة . وللمرة الخامسة أيضاً نضرب كفاً بكف ونكرر ذات الأسئلة ، عن أبنائنا الذين ينهشون لحومنا ؟! وكيف يعود من نوصح بالأمس ، وأطلقنا عليه مسمى ( مغرر به ) ، ليغرر بالوطن وأهله ، ويمارس أعتى وسائل الإرهاب إجراماً ودموية داخل بيت من بيوت الله ؟!.. إلى آخر ما نكرره كل مرة يضرب الإرهاب هدفاً له في وطننا الغالي ، حتى أصبح الحديث اجتراراً عقيماً ، فهو لايخرج من طور المقاربة والتنظير إلى التفعيل وبناء استراتيجيات محكمة لمحاربة الإرهاب فكرياً قبل كل شيء . ولعلّ تكرار ما يحدث مع العائدين من برنامج المناصحة ، ينبئنا بضرورة إجراء تغيير نوعي ، بداية بتسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية ، وصولاً لاستبدال آليات العلاج بأخرى أكثر فعالية مبنية على أسس علمية نفسية ، مما يستدعي أيضا مراجعة كوادر المناصحة نفسها وأهليتها .
يشكل الشباب ممن تحت سن الثلاثين أكثر من ٦٠٪ من سكان المملكة ، مما يضعنا أمام تحدٍّ صعب ، حتى نستطيع احتواءهم وتعميق شعورهم الوطني ، فضلاً عن إشباع حاجاتهم النفسية والمعنوية ، ورغبتهم في المجد والإنجاز ، وشعورهم أنهم يمتلكون زمام مشروع يحققون به ذواتهم ،ويشعرون من خلاله بالفخر والاعتزاز بهويتهم . فغني عن الذكر أن مرحلة الشباب هي المرحلة المتقدة بالحماس، والرغبة في تحقيق إنجاز ملموس قد يدفع الشباب للتضحية بأنفسهم . فضلاً على حاجة الشباب للترويح وضرورة تربية ذائقتهم الجمالية بالفنون الراقية التي تهذب وجدانهم . فماذا أعددنا لهم ؟!
إن الشباب المهمش الخارج عن دائرة الفعل والمشاركة قنبلة موقوتة وهدف سهل للاصطياد ، وتوظيف حماسته ورغبته في البحث عن المعنى والقيمة، وذلك باستغلال شعوره المثقل بالعجز والانكسارات والخيبات العربية ، وباللعب على أوتار حاجته النفسية للإيمان بقضية والدفاع عنها بكل مايملك حتى لو كانت روحه التي بين جنبيه . وبطبيعة الحال تشكل العاطفة الدينية حجر الزاوية هنا فهي الأسهل توظيفاً، فهي تكسب الهدف قيمة مزدوجة دنيوية وأخروية في ذات الوقت.
والمتأمل في شريحة الشباب من حولنا ، لابد أن يلاحظ أن هناك أزمة هوية عميقة عند بعضهم ، والسؤال الأهم كيف نستطيع تجذير المواطنة وتعميق الشعور بالانتماء ، فيما يعاني مفهوم الوطنية نفسه من اللبس والخطل ، فهناك قراءة دينية تربطه بالكفر، «فلا فرق بين المسلم والكافر لأنهم أيضاً يقاتلون من أجل الوطن، ولا يحسب شهيداً من يقاتل فقط دفاعاً عن الوطن « حسب تلك القراءة .
وأعود للتساؤل ماذا أعددنا للشباب وتحصينهم من أنواء الدعشنة من جهة ، ومن رياح العولمة الثقافية الإستهلاكية التي تغرقهم في مستنقعات التسطيح والتسلية الرخيصة وهدر الطاقات من جهة أخرى ؟