سلطان حميد الجسمي- البيان الاماراتية-
المخدرات سرطان العصر، يذل الإنسان ويحطمه نفسياً، وينعكس سلباً على شخصيته، فيمحو منه الأخلاق والإنسانية، وينشر فيه الرذيلة واللامبالاة، ويفقده المسؤولية تماماً اتجاه المجتمع، فالمدمن لا يحب العمل، ولا يحب الكفاح ولا بذل الجهد، ويكون ذليلاً لمن يعطيه المال، وينتهي به في المستشفيات أو السجون أو القبور، وللأسف، لا مفر من هذا السم.
أولياء الأمور يلعبون الدور الرئيس في حياة أبنائهم، فعدم الترابط الأسري يهوي بالأبناء إلى طريق الضياع مع رفقاء السوء، وتكون بذلك منطلقاً لتعاطي المخدرات، فالأسرة هي المدرسة الأولى لبناء مجتمع خالٍ من المخدرات.
يولد الإنسان ﺑﺮﻳﺌﺎً، ولم يولد مدمناً للمخدرات، ولكن بالتصرفات السيئة لبعض أولياء الأمور، يتجه الأبناء لتعاطي المخدرات.
التفكك الأسري هو من أهم أسباب انحراف الأبناء وتعاطيهم المخدرات، فانشغال أولياء الأمور وعدم معرفتهم سلوك أبنائهم في المجتمع، يزيد الخطر في الإدمان، ولا سيما إذا كان الأب هو مدمن المخدرات، فينجر الأبناء إلى نفس الوادي المظلم.
اللامبالاة عند أولياء الأمور، والدلال الزائد للأبناء، كفيلان للانحراف وتعاطي المخدرات، وإذا جهل ولي الأمر برفقاء السوء لأبنائه، تكون البداية في هذا الوادي المظلم، وخاصة إذا لم يهتم بأوقات دخولهم وخروجهم من المنزل، وفي أوقات متأخرة من الليل.
لا شك أن غياب الوازع الديني في الأسرة، وخاصة من بداية تربية الأبناء، تكون من الأسباب الرئيسة لانحراف الأبناء وتعاطيهم للمخدرات، وحث الأبناء على الصلاة والعبادة، يكون السبيل لحمايتهم من أخطار الإدمان، وغياب القدوة الحسنة في الأسرة، يعدم الأخلاق لدى الأبناء، والأخلاق هي المحور الأساسي لبناء جيل مترابط متماسك، يسوده الاحترام والمحبة.
تدخين أولياء الأمور للسجائر أو الشيشة أمام أبنائهم، كفيل بأن يعطي انطباع حب الفضول وحب الاستطلاع للأبناء، وبالنسبة لهذه الفئة، فإن تعاطي المخدرات يرجع إلى محاولة إثبات ذاته، عن طريق تقليد أفعال أصحاب السمعة السيئة، واتخاذهم قدوة، ومن هنا، يأتي دور الأب بالإقلاع عن التدخين أمام أبنائه.
وفرة المال بكثرة عند الأبناء، هي من أكبر المخاطر التي ربما يجهل ولي الأمر بها، فمنها تبدأ الملذات، ويبدأ الأبناء بالانحراف مع رفقاء السوء، وخاصة في السفر إلى الخارج، لأنهم يبحثون عن المتعة الزائفة، ومن هناك تبدأ تجربة تعاطي المخدرات بكل أنواعها، وتبدأ أحزان الأسرة.
الشعور بالفراغ عند الأبناء، مع عدم وجود البرامج الترفيهية أو الدينية التي تمتص طاقاتهم، يعتبر من الأسباب التي تؤدي إلى الانحراف وتعاطي المخدرات، فعلى أولياء الأمور، الحرص على ملء فراغ الأبناء، والحمد لله، في دولتنا توجد برامج يومية، مثل النوادي الرياضية والمنتزهات ومراكز تحفيظ القرآن، وتخصيص وقت كافي لملء هذا الفراغ القاتل.
سوء التعليم أو عدم الالتحاق بالمدرسة، من الأسباب الكافية أيضاً لانحراف الأبناء وتعاطيهم المخدرات، ولا شك أن الدور الأساسي لأولياء الأمور، أن يوفروا التعليم الأساسي للأبناء، لأن التعليم يقيهم من أخطار تعاطي المخدرات، بما توفره المدارس من التوعية والإرشادات، وإن كان ذلك لا ينفي وجود بعض المتعلمين الذين وقعوا فريسة لهذه السموم.
المخدرات تجتاح كل الفئات العمرية في المجتمع، وأصبح اليوم السلاح المخفي الذي يحارب به عصابات الإجرام الكبيرة، المجتمعات، وتوعية أفراد المجتمع بمخاطر تعاطي المخدرات بشكل دوري، وفي برامج توعية وإرشادية، مهمة جداً، لوقايتهم من السموم، وتبدأ هذه التوعية أولاً من أولياء الأمور، فدورهم في توعية الأبناء والأسرة مهمة، لا سيما أن الأبناء يتخذون آباءهم قدوة لهم.
«درهم وقاية خير من قنطار علاج»، كذلك تصبح الوقاية أهم من العلاج، وحماية الشباب والمجتمع من خطورة تعاطي المخدرات، هدف تسعى إليه المجتمعات والحكومات.
أولادنا فلذة أكبادنا، فحمايتهم من مخاطر المخدرات واجب علينا جميعاً ومسؤولية وطنية، يجب على جميع أفراد المجتمع التعاون مع الجهات الأمنية، والتبليغ عن المشتبهين من تجار الموت، تجار المخدرات، والمساهمة وتقديم العون والعلاج للذين وقعوا ضحية المخدرات.