طارق اشقر- الوطن العمانية-
بتوقيع وزارة المعادن السودانية خلال الأسبوع الجاري اتفاقية للتنقيب عن الذهب والمعادن المصاحبة بمربع خور هاييت شمال غرب بورتسودان شرق السودان مع شركة الأرض العالمية للحلول المتكاملة التابعة لمجموعة شركات البادي العمانية، يكون السودان والسلطنة قد خطتا خطوة جديدة نحو آفاق أخرى من التعاون الاقتصادي الذي يرجى اسهامه بشكل أو بآخر لصالح اقتصاديات البلدين.
ورغم أن هذه الشركة العمانية في مجال التنقيب عن المعادن بالسودان ليست الشركة غير السودانية الوحيدة ضمن رؤوس الأموال المستثمرة في هذا القطاع الهام، إلا أن دخولها مع غيرها من الشركات العربية يعتبر انجازاً لرأس المال العربي والإسلامي الذي أدرك كوامن وامكانيات الاستثمار في الاقتصاد السوداني بمختلف المجالات.
وفيما تشير التقارير الاقتصادية والبيانات التي سبق أن كشف عنها وزير المعادن السوداني الدكتور أحمد الكاروري في النصف الثاني من العام الماضي إبان التوقيع مع إحدى كبريات الشركات الروسية للتنقيب عن الذهب بالسودان ، بأن احتياطيات السودان من الذهب تفوق الخمسة والأربعين ألف طن، مما يجعل السودان ضمن أكبر احتياطيات الذهب في العالم .
بهذه الاحتياطيات الضخمة من الذهب، وفي ظل الراهن الاقتصادي الذي يعيشه السودان بعد انفصال الجنوب الذي ذهب بالجزء الأكبر من انتاج النفط ، ومع ما يعانيه أداء الاقتصاد السوداني من عثرات سببها العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه منذ النصف الثاني من القرن الماضي وحتى الآن، يكون دخول رؤوس الأموال العربية للاستثمار في قطاع المعادن نجاح للجهود السودانية في ايجاد البديل الاقتصادي للنفط ، والبديل الاستثماري للمعدنيين الغربيين في وقت كاد أن يرسخ في أذهان الاقتصاديين بأن التنقيب عن المعادن والنفط والاستثمار الداعم لاقتصاديات أي دولة نامية بالضرورة أن يكون غربيا اوروبياً.
كما أن اقبال بعض رؤوس الأموال العربية على الاستثمار في السودان رغم أن غيابها قد طال أمده خلال عشرات السنوات الماضية ، يمكن ان عتباره من حيث المفاهيم الاقتصادية مبادرة تجارية ناجحة تعبر عن رؤية اقتصادية عميقة في التخطيط الاستراتيجي لشركات القطاع الخاص العربية ، وذلك في وقت يفرض فيه التفكير الرأسمالي للشركات العابرة للقارات أن تبحث عن فرص الاستثمار المستقبلي الأقل تكلفة والذي يمكن أن يضمن لها عائدا مربحا يضاف الى أدائها المالي السنوي بعيدا عن المؤثرات والتجاذبات السياسية التي كثيرا ما أعاقت أداء الاقتصاديات العربية والسودان نموذجاً لها.
وعليه وبهذا الاستثمار العماني المتمثل في دخول إحدى شركات القطاع الخاص العماني مجال استخراج ذهب سوداني برأسمال عماني، يكون الاتفاق بين الطرفين قد رصف طريقا مضيئاً من الذهب لآفاق أوسع من التعاون بين البلدين الشقيقين من أجل المزيد من الاستثمارات المتبادلة في أراضيهما الغنية بالفرص، دون أن ينحسر الفعل الاستثماري على جانب واحد ، آملين أن تشهد الأيام المقبلة مزيدا من اتفاقيات الاستثمار سواء لشركات سودانية في قطاعات اقتصادية عمانية ، أو لشركات عمانية أخرى في قطاعات اقتصادية سودانية ، وذلك وقتما أثبتت دراسات الجدوى امكانية استفادة تلك الشركات من ذلك العمل الاستثماري بأي من البلدين ، سواء كان في قطاعات التعدين او التصنيع أو الزراعة أو الخدمات بمختلف القطاعات الأخرى.
فضلا عن أن هكذا استثمارات بالضرورة أن يكون لها مردودها الاجتماعي إلى جانب الاقتصادي في المجتمعات المحلية التي تباشر فيها الشركات أعمالها ، وذلك تطبيقا لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات الاستثمارية بما يضمن جني المجتمعات المحلية للعوائد المباشرة للاستثمار .