يشير هذا التقرير إلى أن أميرا إماراتيا بارزا يعد مساهما رئيسيا في شركة يقدر رأسمالها بمليارات الدولارات، والتي تعمل سرا كأكبر مورد للحوم البقر إلى سوق اللحوم الإسرائيلي، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين دولة الإمارات العربية المتحدة و(إسرائيل).
كشفت مصادر «ميدل إيست آي» أن الشيخ «منصور بن زايد آل نهيان» يملك حصة تبلغ 40 في المائة على الأقل في شركة «مستقبل الإمارات»، وهي شركة للمواد الغذائية في الإمارات، والتي تعد الشريك التجاري الرئيسي، عبر سلسلة من المعاملات المعقدة، لشركة إسرائيلية ذات علاقة مع نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق «أرييل شارون».
وقال متحدث باسم شركة «حجازي وغوشة»، وهي شركة شريكة لشركة «مستقبل الإمارات»، في تصريحات لـ«ميدل إيست آي» أن الشيخ «منصور» يمتلك أكثر من 40% من أسهم شركة المستقبل.
والشيخ «منصور بن زايد» هو الملياردير الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء لدولة الإمارات العربية المتحدة الذي اشتهر بامتلاك نادي كرة القدم البريطاني الشهير مانشستر سيتي. وهو أيضا شقيق ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ «محمد بن زايد آل نهيان».
ولم يتم إدراج اسم الشيخ «منصور بن زايد» على موقع الشركة، ولكن أحد شركات العلامات التجارية الأردنية أكدت أنها باعت لشركة المستقبل صندوقا تذكاريا للاحتفال بشراء الشيخ «منصور» لحصته في الشركة.
ولم تستجب الشركة الإماراتية لطلبات التعليق.
وقد ظهر الأمير الإماراتي علنا في مناسبات عدة للشركة للمساعدة في توسيع أعمالها بما في ذلك في إبريل/نيسان عام 2014 عندما ساعد الشركة على تأمين اتفاق يهدف إلى زيادة المبيعات في صناعة الأغذية الحلال.
كما أنه قام بافتتاح حدث تجاري في يناير/كانون الثاني من هذا العام بصفته رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للرقابة الغذائية، وقد كانت شركة المستقبل ضمن الشركات المشاركة في الحدث الذي شهد توقيع صفقات بقيمة 3.7 مليار درهم إماراتي (1.3 مليار دولار).
وتقول اللمحة العامة للشركة على موقعها الرسمي أنه قد تم إنشاؤها في عام 2012 لإطلاق مشروع تجاري مشترك مع شركة للمواد الغذائية الأردنية الكبرى، المعرفة باسم مجموعة حجازي وغوشة.
ويقر مقر الشركة الأردنية «حجازي وغوشة» في عمان وقد تأسست في عام 1985 من قبل رئيس مجلس الإدارة «عصام حجازي» ونائبه «عبد الرزاق غوشة». وتعد شركة رائدة في مجال تصدير المواد الغذائية والمواشي وتوصف بأنها واحدة من أكثر الشركات نفوذا في الأردن.
وقد تأسس المشروع المشترك بين شركة المستقبل وبين «حجازي وغوشة» باستثمارات من شريك استراتيجي إماراتي، ولم يفصح الموقع الرسمي للشركة عن أسماء الأشخاص الذين يقفون وراء الصفقة.
وقال متحدث باسم شركة «حجازي وغوشة»، لم يكن مخولا بالحديث من قبل الشركة، أن شركة «حجازي وغوشة» وشركة «مستقبل الإمارات» كانتا شركتين شقيقتين ترجع ملكيتهما إلى نفس الشركة الأم.
وقد أدرجت الغرفة التجارية في عمان شركة استثمارية إماراتية مجهولة على أنها شريكة في مجلس إدارة «حجازي وغوشة». وقال المتحدث باسم الشركة الأردنية أنه لا يمكنه الإفصاح عن هوية الشركة الإماراتية الشريكة.
ولا تمتلك «حجازي وغوشة» موقعا على شبكة الإنترنت في حين تمتلك شركة «مستقبل الإمارات» وجودا خفيفا يشمل نموذج عمل يضع شركة مستقبل الإمارات على رأس تسلسل هرمي يضم شركة «حجازي وغوشة» ما يوحي بسيطرة الشركة الإماراتية على الشركة الأردنية.
تصدر «حجازي وغوشة» المواد الغذائية والماشية في جميع أنحاء العالم من خلال شركة خدمات الشحن الحيواني مملوكة لها في أستراليا. والتي تأسست في عام 1998 ويقع مقرها الرئيسي في غرب مدينة بيرث. العضو المنتدب لهذه الشركة هو «أحمد غوشة» وهو ينتمي إلى أحد العائلتين المالكتين للمجموعة.
ويدرج الموقع الرسمي لشركة الشحن (إسرائيل) كواحدة من الأسواق العديدة التي تصدر إليها عبر أسطولها من سفن الشحن الضخمة التي يمكنها حمل ما يصل إلى 20 ألف رأس من الماشية في رحلة واحدة سواء من أستراليا أو أمريكا الجنوبية لمنطقة الشرق الأوسط. ويتم تسليم الشحنات إلى (إسرائيل) عبر ميناء إيلات حيث يتم نقل الحيوانات على الفور إلى مركز الحجر الصحي القريب في كيبوتس إيلوت.
ولا يعرف على وجه التحديد قيمة الأبقار التي يتم بيعها إلى (إسرائيل). ولكن صحيفة «ذا ماركر» كانت قد نشرت في عام 2014 أنه حتى العام 2012 كانت شركة «حجازي وغوشة» هي المورد الوحيد للعجول إلى (إسرائيل). ما يعني أن قيمة هذه الأعمال تبلغ عشرات الملايين من الدولارات على أقل تقدير. ومنذ ذلك الحين فتحت السوق بشكل طفيف أمام قطعان الماشية الواردة من الاتحاد الأوروبي والآن من الولايات المتحدة.
وبمجرد أن يتم فحص الحيوانات فإنها تغادر مركز الحجر الصحي في إيلوت حيث يتم تسليمها إلى «صالح دباح وأبنائه»، وهم العملاء الرئيسيون للشركة الأردنية. وتعود ملكية هذه الشركة إلى «أحمد دباح»، وهو أحد السياسيين الإسرائيليين الفلسطينيين الذين يتمتعون بعلاقة وثيقة مع عائلة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق «أرييل شارون». (الصورة: كيف يصدر منصور بن زايد اللحوم إلى إسرائيل).
كان «دباح» عضوا في حزب الليكود حتى عام 2005، عندما غادر «أرييل شارون» الحزب من أجل تأسيس حزب كاديما. في أغسطس/آب 2012 تم اختيار «دباح» للانضمام إلى البرلمان الإسرائيلي حيث خدم لمدة ستة أشهر كأول ممثل إسرائيلي فلسطيني عن حزب كاديما.
تملك شركة «دباح» عددا من المسالخ الكبيرة في (إسرائيل) حيث يتم التخلص من الحيوانات بما يتماشى مع متطلبات الشريعة اليهودية الإسرائيلية. يتم توزيع هذه اللحوم على الشركات ومحلات السوبر ماركت من أجل تورديها إلى الجمهور.
في عام 2014، تم انتخاب «عمري شارون»، نجل «أرييل شارون»، لرئاسة جمعية مربي الماشية في (إسرائيل). وقد قيل أنه تم اختياره لهذا المنصب لأنه يعرف كيف يلعب بشكل قذر. وقد تم اضطر «شارون» إلى الاستقالة من منصبه كعضو في البرلمان ودخل إلى السجن لمدة 5 أشهر في عام 2008 بعد اتهامه بالتورط في قضايا فساد سياسي شملت قضية غسيل أموال تتعلق بالحملة الانتخابية لوالده في عام 1999. وقد وقعت الفضيحة في ذات الوقت الذي كان «دباح» يعمل خلاله في دعم الحملة.
الطبيعة المحددة للعلاقة بين «دباح» و«عمري شارون» غير معروفة على وجه التحديد. ولكن مع كونه يدير المنظمة المسؤولة عن صناعة تربية الأبقار في (إسرائيل)، فإنه من المرجح وجود بعض التفاعل على المستوى العمل على أقل تقدير، نظرا لبروز شركة «دباح» في بيع اللحوم محليا.
العلاقات المتنامية
في حين تقوم الشركات الأردنية والإسرائيلية بأعمال تجارية مشتركة بشكل مفتوح، فإن العلاقات الإماراتية الإسرائيلية تعد أكثر سرية بحكم عدم وجود علاقات دبلوماسية صريحة بين البلدين.
ومع ذلك، من وراء الكواليس في السنوات الأخيرة، أصبح القادة الإماراتيون والإسرائيليون وثيقي الصلة على نحو متزايد بما في ذلك قيام علاقات أمنية سرية بينهما بلغت حد قيام شركة إسرائيلية بتركيب أنظمة المراقبة الأمنية الشاملة في أبو ظبي. وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، أعلنت (إسرائيل) أنها سترسل أول ممثل دبلوماسي لدولة الإمارات العربية المتحدة، تحت مظلة الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أرينا).
ولكن العلاقات المزدهرة بين (إسرائيل) ودولة الإمارات العربية المتحدة ينبغي أن تحاط بغلاف من السرية على الأقل من وجهة نظر الإماراتيين. ويرجع ذلك إلى كونها قضية حساسة محليا نظرا لأن معظم الإماراتيين هم من الداعمين بقوة للقضية الفلسطينية وحق إقامة دولة فلسطينية.
«إسحق غال»، أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة تل أبيب، قال في وقت سابق في تصريحات لـ«ميدل إيست آي» أن التجارة التي تجري بين الشركات في (إسرائيل) والإمارات العربية المتحدة تمثل نعمة للمسؤولين في كلا البلدين.
هذه الحاجة إلى السرية قد تفسر جزئيا أسباب عدم وجود أي ذكر لـ(إسرائيل) في أي مكان على موقع شركة مستقبل الإمارات على الرغم من كونها تمثل سوقا تمد الشركة بكمية كبيرة من الدخل السنوي. رغم أنه لا يعرف على وجه التحديد قيمة هذا الدخل لأن أيا من «مستقبل الإمارات» أو «حجازي وغوشة» لم تفصح عن كم المال الذي يكسبونه من عمليات البيع إلى (إسرائيل).
وعلى الرغم من الشريك الإسرائيلي، «دباح»، لم يكشف بدوره عن حجم أرباحها من العجول المباعة له، فإن الشركة سبقت أن وجهت لها اتهاما في وقت سابق كأحد الذين تورطوا في ممارسات احتكارية في سوق اللحوم تسببت في ارتفاع أسعارها بشكل مصطنع في الأسواق الإسرائيلية.
وقال تقرير «ذا ماركر» السابق الإشارة إليه أن أن شركة «دباح» تسيطر على 60 في المائة على الأقل من سوق لحوم البقر الإسرائيلي، وأنه على الرغم من انخفاض الأسعار المحلية للأبقار فإن أسعار لحوم الأبقار ظلت مرتفعة بسبب الاحتكار الذي تمارسه الشركة. جدير بالذكر أن الشركة قد نفت هذه الاتهامات خلال العام الماضي.
ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-