موقع "ميدل إيست آي" البريطاني-
في مشروع قد يستغرق ما يصل إلى 18 شهرًا، اتفق "كونسورتيوم مصري إماراتي" على إنفاق مليار جنيه مصري (حوالي 37 مليون دولار أمريكي) لتجديد حديقة الحيوانات الأقدم في أفريقيا والشرق الأوسط، وسط تخوفات المصريين من التدخل الإماراتي، لافتين إلى أن الحديقة تحتاج إلى إدارة أفضل، وليس تطويرا.
الحديقة ستغلق أبوابها خلال أيام، للمرة الأولى منذ افتتاحها في عام 1891، حسبما ذكر تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني ترجمه "الخليج الجديد".
وبمجرد الانتهاء من العمل، ستعيش الحيوانات في مساحات مفتوحة وسيتبع الزوار الطرق المحددة، حيث سيتم ربط الموقعين بجندول، كما تعهدت المجموعة، قبل أن تتعهد بأن مناطق الجذب التاريخية في الموقع لن يتم المساس بها.
في المقابل، وعلى مدار الـ25 عامًا المقبلة، سيحصل "الكونسورتيوم" على "حقوق الانتفاع"، حيث يولد الطرف دخلاً من ممتلكات طرف آخر، على حديقة الحيوان وحديقة الأورمان النباتية المجاورة.
في المقابل، تقول وزارة الزراعة إنها ستحتفظ بملكية حديقة حيوان الجيزة، وإن "الكونسورتيوم" مستشارو حدائق الحيوان العالمي ومقره أبوظبي، قام بتأسيس 3 حدائق للحيوانات في أبوظبي ودبي والعين، بجانب تطوير متنزهات للحيوانات في إثيوبيا وجنوب أفريقيا.
وتضيف الوزارة أن إنه بمجرد توقيع البروتوكول، ستحصل وزارة الزراعة على مقابل مادي لحق الانتفاع بالحديقة لمدة 25 عامًا، رافضين الكشف عن المبلغ الذي ستحصل عليه الوزارة، بجانب تضمن الاتفاق حصول الوزارة على جزء من الإيرادات السنوية التى ستدخل للحديقة طوال الـ25 عامًا.
ومن المقرر أن يتولى الجانب الإماراتي، استيراد سلالات جديدة من الحيوانات بجانب تحسين الرعاية والخدمات المقدمة للحيوانات الموجودة حاليًا بالحديقة.
فيما ستختص شركة الإنتاج الحربي للمشروعات بإعادة التخطيط الهندسي للحديقة وتقسيمها، بينما ستتولى هيئة الخدمات البيطرية مسؤولية تدريب الأطباء وتأهيلهم على التعامل مع الحيوانات.
والحديقة التي تقع بالقرب من وسط العاصمة المصرية، على بعد أمتار قليلة من جامعة القاهرة العريقة، تضم أيضًا العديد من المتاحف وجسرًا فولاذيًا شيده "ألكسندر جوستاف إيفل"، المهندس المدني الفرنسي الذي بنى برج إيفل في باريس.
وكانت حديقة الحيوان تستخدم كذلك لإيواء غرفة نوم تعود لـ"فاروق" آخر ملوك مصر، وعضو سلالة "محمد علي" التي حكمت مصر من 1805 إلى 1952.
كما أن العديد من المصريين، بغض النظر عن فئتهم الاجتماعية، لديهم ذكريات الطفولة عن حديقة الحيوان.
ويأتي المصريون من جميع الأعمار إلى الحديقة، وغالبًا ما يدخلون مقابل بضعة جنيهات مصرية في نهاية يوم العمل، بينما تنظم المدارس في جميع أنحاء البلاد رحلات إليها، حيث يزورها آلاف التلاميذ كل يوم.
ومع ذلك، فإن حديقة الحيوانات تنهار منذ سنوات.
وفشلت الحكومات المصرية المتعاقبة في الاستثمار في الموقع، الذي ظل سياج حدوده الفولاذية قائمًا منذ افتتاحه عام 1891، إلى جانب بعض أقفاص الحيوانات والزواحف والطيور.
كما لم تتمكن إدارة المرفق من استبدال العديد من الحيوانات والطيور والزواحف التي ماتت في السنوات الأخيرة، إما من الإهمال أو سوء التغذية.
اختفى آخرون أو سرقهم موظفو حديقة الحيوان (حتى غرفة نوم الملك فاروق سُرقت بشكل غامض في عام 2013، لتظهر بعد عدة سنوات في الولايات المتحدة معروضة للبيع مقابل مليون دولار).
في وقت سابق من هذا الشهر، دعا الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" إلى تطوير حديقة الحيوان إلى المعايير الدولية.
لكن أنباء التطوير قوبلت بالرعب بين المصريين، وتخوفات من أن تصبح حديقة الحيوان، التي كانت تقليديًا مكانًا شهيرًا بشكل كبير للمصريين ذوي الدخل المنخفض، من الأصول الوطنية الأخرى التي يتم بيعها لمزايدين أجانب، حيث تسعى مصر جاهدة لملء خزائنها الفارغة.
ويعتقد المصريون أن حديقة حيوان الجيزة ستصبح في أحسن الأحوال غير متاحة للفقراء، وفي أسوأ الأحوال سينتهي بها الأمر بشكل مباشر في أيدي الإماراتيين، باتباع نفس المسار مثل العديد من المؤسسات المصرية الأخرى خلال الأشهر القليلة الماضية.
يشار إلى أنه تمت زيادة رسوم دخول قلعة صلاح الدين (جنوبي القاهرة)، خمسة أضعاف في عام 2020، بعد نقل الإدارة إلى مستثمر إماراتي مصري.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ضاعفت السلطات المصرية سعر تذكرة حديقة الحيوان 13 مرة في يوم عطلة الحديقة، الموافق الثلاثاء من كل أسبوع.
وبررت الوزارة ذلك بأنه "يأتي من أجل تطوير الحديقة سعيا لدخولها التصنيف العالمي لحدائق الحيوان، وتطوير بعض بيوت الحيوانات للعودة إلى الوضع والتصنيف العالمي وتغطية الحيوانات الناقصة".
يعلق الموظف بالحديقة "جلال شلبي"، وهو اسم مستعار بالقول: "تكتسب عملية التطوير سمعة سيئة باعتبارها كلمة تثير مخاوف الجميع.. الانطباع العام هو أن هذا التطوير سيزيد الأمور سوءًا".
ومع عشرات الأنواع من الحيوانات والطيور، وآلاف الأشجار النادرة، زار عشرات الملايين من المصريين حديقة حيوان الجيزة، التي تغطي حوالي 80 فدانًا، منذ افتتاحها في نهاية القرن التاسع عشر.
ويخشى رئيس مجموعة الدفاع عن التراث المحلي "ماجد الراهب"، من عملية التطوير بالقول: "الخوف هو أن تنتهي العملية المخطط لها بتدمير المكان".
ويكرر "الراهب"، ما يذكره مراقبون ومتخصصون الذين يتابعون الصفقة عن كثب، من أن الكونسورتيوم المصري الإماراتي يهتم فقط بجني الأموال من استثماراته.
فيما تقول الأكاديمية في التخطيط الحضري "سهير حواس": "قد تستلزم التطوير تغييرات جذرية في حديقة الحيوان، بدلاً من الحفاظ على طابعها الذي يجب القيام به فيها".
وتضيف: "سيقوم المستثمرون بتطوير الحديقة لكسب المال منها، مما يعني أنهم سيفعلون كل شيء للحصول على أموالهم، بغض النظر عن شكل الحديقة في المستقبل".
في المقابل، تُرك موظفو حديقة الحيوان خائفين على سبل عيشهم قصيرة الأجل.
فيقول "مصطفى عبدالرحمن"، الذي طلب استخدام اسم مستعار خوفًا على سلامته: "إغلاق هذه المنشأة سيكون كارثيًا بالنسبة للعمال مثلي، الذين سيتوقفون على الأرجح عن تلقي رواتبهم".
ويضيف: "تحتاج حديقة الحيوان هذه إلى إدارة أفضل، وليس تطويرا ظاهريا.
نقد آخر تم توجيهه إلى المشروع، فيما يتعلق بإعطاء الأولوية للترفيه على حقوق الحيوان والرفق به.
تقول المدافعة عن حقوق الحيوان "دينا ذو الفقار"، إن المسؤولين الحكوميين الذين تحدثوا عن الصفقة يتجاهلون الوظائف الحديثة لمنتزهات الحيوان، وهي نشر الوعي بين عامة الناس حول الحياة البرية، وحماية الأنواع التي تواجه الانقراض.
وتدعو "دينا" إلى نقل حديقة الحيوان من المنطقة المزدحمة الموجودة فيها الآن، حيث يتسبب التلوث والضوضاء في جعلها غير صالحة لإيواء الحيوانات.