اقتصاد » فساد

حمدا لله أننا في زمن الفساد

في 2016/02/22

د. حسن عبدالله عباس- الراي الكويتية-

اشكر ربي الى ما لا نهاية اننا ابتُلينا بتدهور النفط ونحن في زمن الفساد لا خارجه... فشكرا لك يا فساد!ز لو سألت المجتمع الكويتي ما الذي اختلف معكم، قبل انهيار اسعار برميل النفط وبعده، لأجابوا بصوت واحد «لا فرق». هذا الاتفاق على عدم اختلاف الاوضاع عليهم مؤشر الى أن الاقتصاد ليس بيد الشعب الكويتي، فدخل البلد بيد الحكومة والتجار الكبار (القطط السمان). تحديدا هذان الطرفان، هما اكثر المتضررين مما حل بسعر البرميل.

أما نحن باقي أفراد الشعب فلم نشعر بشيء، لان الدخل الشهري هو هو. يُقال بأن جيوب المواطنين ستُمس ببعض الاصلاحات الاقتصادية التي تنوي الدولة الاقدام عليها، لكنها ما زالت في طي النقاشات واللجان. الاقرب ان القرارات والتشريعات الناتجة ستُحمّل المواطن، مع ان المفترض انه ابعد ما يكون عن تحملّ النتائج لانه لم يستفد شيئا من ارتفاع الاسعار، فعلام يتحمل المسؤولية وقت تدهورها؟

لكن وبصراحة، فان انهيار الاسعار جلب معه حالة وعي وادراك عامة لمقدار الفساد الذي يضرب هذا البلد. فمثلاً يقول مقرر لجنة الموازنات السيد عدنان عبدالصمد، أن ترشيد الحكومة لمصاريفها لم يزد على 3 في المئة. فان كانت الحكومة وهي المسؤول الاول عن اصلاح الاقتصاد لم تتحرك أكثر من هذه النسبة، فكيف بباقي فئات المجتمع. وان كان أفضل أداء للحكومة وصل إلى 3 في المئة، وان كان مسؤولو المسيرة الحكومية يُوجّه لهم اللوم من قِبل رئيس لجنة الموازنات ويُوَبّخون لانهم لم يعملوا جديا بترشيد المصروفات، فكيف يُطلب من باقي افراد الشعب ان يتعاونوا؟ وقس على ذلك، باقي المواقع.

فهل وزير المالية يظن أنه قادر على اقناع المواطن بالترشيد وتحمل رفع الدعوم، وهو يمثل حكومة فاسدة غير قادرة على تحمل مسووليتها؟ والامر نفسه ينسحب على ممثلي الشعب، ولن ابتعد كثيراً حيث يكفينا اننا وخلال ازمتنا الاقتصادية، يفتخر نواب امتنا بانهم وظّفوا ابناء قبيلتهم.

مشكلتنا ليست في الاحوال الاقتصادية وانخفاض البترول، فالامر متوقع والدورات الاقتصادية حقيقة لا يمكن نكرانها. مشكلتنا الرئيسية في الاخوة الاشرار: الفساد والجهل ولكل اتباعه وأحدهما يُكمل الآخر، فهما مع الاسف من يتربع وراء القرارات المهمة في الدولة منذ عشرات السنين.

عموما نحمد الله من جديد، على ان الانهيار جاء في هذا التوقيت لاننا نعتقد ان الناس ستفتح عيونها اكثر املاً لترشيد الفساد ونقضي على الجهل ونستحدث عقولاً جيدة يمكنها استرجاع البلد واستنقاذها. فالفرص المتوافرة كبيرة، ومطلوب من الاحرار ان يهموا الى الساحة والعمل الجاد صوب استصلاح العقول ومناكفة الحرامية وطرد الجهلة عن مواقع القرار السياسي والاداري في البلد.