اقتصاد » فساد

الجمعيات الاستهلاكية .. ومواجهة الغش التجاري وارتفاع الأسعار..!

في 2016/05/20

في الوقت التي انتشرت فيه ظاهرة الغش التجاري بشكل خطير، وارتفعت فيه أسعار السلع التجارية، وبالرغم من قوانين العقوبات الرامية للحد من تلك التجاوزات  والجهود التي تبذلها المؤسسات العامة، إلا أن الامور تمضي من سيئ إلى أسوأ، وبات الوضع الاستهلاكي يهدد صحة الناس واقتصاديات البلد بشكل مقلق، وبالتالي فانه اصبح من الضرورة بمكان اللجوء إلى تأسيس جمعيات تعاونية استهلاكية في كافة محافظات السلطنة ومدنها، لمواجهة مثل هذه التجاوزات المتكررة  قبل استفحالها بشكل لا يمكن السيطرة عليه في قادم الايام، ولعل الجميع شاهد مؤخرا عبر وسائل الإعلام الرسمي والتواصل الاجتماعي الكميات الضخمة والمفاجأة من السلع التجارية المغشوشة غير الصالحة للاستعمال الآدمي، وقد تم ضبطها من قبل الهيئة العامة لحماية المستهلك، التي حققت إنجازات مذهلة في مشوار مسيرتها الوطنية، حيث استطاعت وفي غضون اوقات قياسية أن تكشف للرأي العام جرائم الغش والتلاعب بالاسعار التي تورط فيها اصحاب شركات كبيرة وصغيرة باعوا ضمائرهم الانسانية من أجل حفنة من المال لا تساوي معاناة انسان تدهورت صحته بسبب هذا الغش، ونظرا لوجود بعض الازدواجيات في الاعمال الرقابية الموزعة حاليا على بعض المؤسسات العامة والتي تعيق في كثير من الاحيان أعمال موظفي الهيئة وفي ظل تنامي عدد السكان في البلد والذي تزامن معه فتح عشرات الآلاف من المحلات التجارية المنتشرة في كل بقعة من ارض السلطنة. إلا انه يفضل دمج كافة المؤسسات الرقابية التي تعمل لدى مؤسسات حكومية اخرى في الهيئة ومنحها صلاحيات تنفيذية واسعة من اجل توحيد وتسهيل برتوكول العمل الرقابي في السلطنة. لقد صارت الجمعيات الاستهلاكية مطلبا استراتيجيا وجماهيريا لا مناص منه، وذلك لما لها من دور كبير لمواجة الغش التجاري وارتفاع الاسعار المؤثرة سلبا على الاقتصاد الوطني والمجتمع ، فضلا عن ذلك انها تقوم  بمساعدة الحكومة في ضبط الاسعار والحد من جشع التجار وكذلك في تعزيز المجتمع المدني  ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني حاليا من سيطرة الشركات الكبرى والتجارة المستترة والأيدي العاملة الوافدة الممسكة تماما بالقطاعات التجارية والاستثمارية والوكالات في البلاد مما جعل مشاريعهم معلقة بأيدي هذه الشركات. علاوة على ذلك فان الجمعيات الاستهلاكية تعتبر من العناصر الفاعلة في القضاء على الاحتكار التجاري وتخفيف الاعباء المالية على المستهلكين كونهم مساهمين ومستهلكين وسيحظون بأسعار مخفضة توازي سعر التكلفة مع هامش ربح بسيط كما تعد الجمعيات من اهم الحاضنات الرئيسية التي تأوي الأيدي العاملة الوطنية وتخلق مناخا جيدا من الاستثمارات المحلية. الجدير بالذكر أن الجمعيات التعاونية تعتبر المنافس الرئيسي للشركات والمؤسسات التي تعمل في مجال المواد الاستهلاكية والتي أغلبها تدار بواسطة الأيدي العاملة الوافدة او مستثمر اجنبي وأغلب اصحاب هذه الشركات يجهلون انشطة وتحركات شركاتهم وليس لهم فيها نصيب سوى السجل التجاري واللوحة المكتوبة باسمه والعمولة التي يحصل عليها شهريا ومع هذا فانهم يعتقدون أن الجمعيات التعاونية تتعارض مع مصالحهم الشخصية وتراهم يجتهدون ويستميتون في خلق عراقيل تمنع تواجد الجمعيات في السلطنة ومن المحتمل أن هؤلاء التجار كانوا سببا مباشرا في عدم تأسيس الجمعيات الاستهلاكية طيلة الاعوام الماضية، وعلى النقيض من ذلك عندما نجد في المقابل آلاف المجمعات والمولات والمحلات التجارية تقام في كل حي سكني جديد ينشأ في الولايات وتحصل على امتيازات ودعم من كل الجهات المعنية مع أن الريع والأرباح الضخمة لهذه الشركات يذهب إلى المستثمرين الاجانب والأيدي العاملة الوافدة وتحول مباشرة الى بلدانهم. ولحل هذه الإشكالية والحد من مخاوف اصحاب هذه الشركات وكذلك للحفاظ على المصلحة العامة فانه يحبذ أن يكون هؤلاء التجار اول المبادرين والمساهمين في إنشاء الجمعيات التعاونية ونتيجة لذلك يسجلون مواقف مشرفة تجاه وطنهم ومجتمعهم وفي ذات الوقت يتنصلون من الأيدي العاملة الوافدة ويحرموها من استغلال خيرات الوطن وممارسة الغش التجاري . لقد حققت الجمعيات التعاونية الاستهلاكية نجاحات باهرة في كثير من دول العالم  وتعتبر من اهم الروافد التجارية الجالبة في الاستثمارات المحلية ناهيك عن دورها الإيجابي في العمل المجتمعي الواحد وبما أن سياسات التجارة الحرة التي تنتهجها المؤسسات الاقتصادية في الدولة تساعد على انخراط هذه الجمعيات في الانشطة التجارية كمنافس تجاري مستقل حالها كحال الشركات الاخرى وكذلك القوانين لا تمنع مزاولة انشطتها في الاسواق المحلية، لذا فلم لا تكون هناك مبادرات من قبل رواد الاعمال والمستثمرين والمواطنين للقيام بتأسيس شركات مساهمة في جميع محافظات السلطنة ينبثق منها فروع للجمعيات في كافة حواضر المدن والولايات  يساهم فيها الراغبون من كل أطياف المجتمع بحيث تكون الحكومة الراعية والداعمة لهذه الجمعيات بالاضافة إلى حمايتها من ردود فعل الشركات الاخرى والأيدي العاملة الوافدة والتجارة المستترة.

عمير بن الماس العشيت- عمان اليوم-