اقتصاد » فساد

بين الترشيد والتقشف

في 2016/10/04

هناك فرق بين الترشيد والتقشف في النفقات العامة ، فالتقشف أمر تفرضه ظروف معينة في زمن معين ، كالكوارث والجفاف ويتطلب من الجميع أن يقفوا وقفة جادة لتحمل أعباء تلك الفترة ، أما الترشيد في النفقات فهو غير مرتبط بظروف معينة أو زمن معين بل هو أسلوب حياة وطريقة لضمان التوازن الاقتصادي والمالي للبلاد وهو مطلوب في كل وقت وباستمرار دون الحاجة إلى وجود ظروف معينة .
القرارات التي صدرت مؤخراً وعلى الرغم مما قد تسببه من تأثير على بعض الفئات في المجتمع غير أنها ستساهم في تأكيد ثقافة الترشيد في مختلف جوانب الحياة والحرص على الاستخدام الأمثل لكافة الموارد المختلفة بكافة أنواعها ، والعمل على التوازن في سد الاحتياجات والاعتدال في الإنفاق وتوجيه أفراد المجتمع نحو أنماط وعادات استهلاكية تساهم في إدارة وتنظيم حياتهم الاقتصادية .
الترشيد لايعني التقشف ولايعني عدم الصرف ولايعني البخل أو التقتير ، بل يعني التوازن بين الواردات والمصروفات فعندما تكون هناك ظروف اقتصادية غير طبيعية تساهم في خفض الواردات بشكل كبير فهذا يستدعي أن نعيد النظر في أسلوب الإنفاق وفي طريقة الصرف السابقة والتي كانت تعتمد بشكل مباشرعلى الإنفاق دون مراعاة حجم الدخل ومصدره ولا أماكن الصرف ، فالترشيد يساهم في الحد من نزعة الإسراف والاستهلاك السائدة كما يساهم في ضغط الإنفاق والتقليل من انتشار الفساد ونشر قيم الشفافية وتقنين السيولة المالية التي تصرف على المشاريع التنموية .
الدعوة للترشيد كانت مطلباً قديماً ننادي به منذ زمن ولكنه اليوم أصبح ضرورة ماسة لأن دخل الفرد انخفض وتبعاً لذلك فإن مصروفه سينخفض وأسلوب حياته سيختلف وطريقة استهلاكه للأمور لن تكون كما سبق وهذا تحدٍّ كبير يجب أن نجتازه وأن نعوِّد أنفسنا على أن نقتصد في الأمور كلها بما في ذلك الموسرون منا ، وأن يكون الترشيد ثقافة عامة وتربية نربي عليها الأجيال القادمة ، وأن يكون مسؤولية مشتركة بين البيت والمدرسة كما يكون هذا المفهوم خاضعاً للأنظمة والقوانين والتشريعات ومرتبطاً بالحوافز والعقوبات ويكون سياسة عامة تشمل كافة القطاعات المختلفة على الصعيدين الحكومي والخاص.
يجب أن نعمل على التأكيد بأننا في مرحلة ترشيد فقط وأن لانجعل من قراراتنا القادمة ما يوهم المجتمع بأننا متجهون إلى مرحلة التقشف ونحن لسنا كذلك مما قد يساهم في عدم تحقيق الأهداف المأمولة من الخطوات الحالية .
 

إبراهيم محمد باداود - المدينة السعودية-