قلق مبرر يتزايد يوما تلو الآخر لدى اليمنيين على الساحرة سقطرى، لا سيما مع توالي التقارير التي أصبحت شبه يومية بخصوص مساعي دولة الإمارات لتوطيد نفوذها بتلك الجزيرة التي تستريح بين المحيط الهندي وبحر العرب.
ولم تقتصر التقارير علىالتحذير من تزايد النفوذ الإماراتي ولكن بعضها ذهب إلى أن الجزيرة قد تدخل تحت تحت وصاية الإمارات التي تعد ثاني دولة من حيث حجم المشاركة في التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين باليمن، وهو ما تعتبره تلك الدولة الخليجية مبررا لتواجدها في قطعة أرض هنا أو أخرى هناك من الأراضي اليمنية.
وتحتل الجزيرة موقعا استراتيجيا في الممر الدولي الذي يربط دول المحيط الهندي بالعالم، لكن هذه المحافظة المؤلفة من عدة جزر يمنية، التي تعد من أهم المناطق التاريخية والاستراتيجية والسياحية في البلاد، والتي ارتبط ذكرها بالطبيعة الساحرة والنادرة وبالحديث عن الأطماع الدولية، باتت مثار جدل ومخاوف في اليمن الملتهب بالحرب منذ ما يزيد عن عامين، على خلفية الأنباء التي تتحدث عن جعلها تحت وصاية الإمارات العربية المتحدة.
وتصدرت سقطرى خلال الأيام القليلة الماضية، نقاشات اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، مع انتشار خبر عن أن طيران الاتحاد بدأ بتسيير ثلاث رحلات أسبوعياً بين العاصمة الإماراتية أبو ظبي وسقطرى اليمنية، بالإضافة إلى معلومات عن تحضيرات تجري لربط الجزيرة بشركة اتصالات إماراتية، وفقاً لتصريحات نُسبت لمحافظ سقطرى، «سالم عبدالله السقطري»، بحسب صحيفة «العربي الجديد».
وجاء الجدل وردود الفعل المعترضة في الغالب، بعد عام من تداول أنباء عن توقيع أبو ظبي اتفاقية غير معلنة مع الحكومة الشرعية اليمنية، تمنح الإمارات السيادة على سقطرى لـ99 عاماً، الأمر الذي نفته مصادر حكومية بتصريحات متفرقة.
ورغم كون سقطرى كانت محافظة بعيدة عن الحرب بفعل ابتعادها مئات الكيلومترات عن مناطق التوتر في البلاد، إلا أن الإمارات وفقاً لمعلومات قدمتها مصادر محلية، وتعززها العديد من التصريحات للمسؤولين الحكوميين، دخلت بقوة على خط النفوذ في جزيرة سقطرى، وأوجدت لها موطئ قدم، خصوصا بعد إعصاري تشابالا وميج اللذين ضربا الجزيرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
وأكدت المصادر أن الإمارات تولت دعم وتأهيل العديد من المنشآت والمرافق في المحافظة عبر «الهلال الأحمر الإماراتي»، وقدمت مساعدات وتعويضات للمتضرين. وأضافت المصادر أن دور الإمارات امتد إلى الجانب الأمني، إذ قامت بتدريب المئات من أفراد الأمن من أبناء سقطرى وقدمت مساعدات عسكرية متنوعة، منها 80 آلية عسكرية للقوات المرابطة في المحافظة.
وبموازاة تصاعد الدور الإماراتي في سقطرى، ذهبت بعض التقارير الإعلامية إلى اعتبار أن سقطرى اليمنية باتت تحت سيطرة إماراتية شبه تامة، لا سيما مع توارد أنباء عن تجنيس مواطنين من أبناء المحافظة وزيارات متعددة لمسؤولين إماراتيين إلى هناك، وبعد شائعات تحدثت العام الماضي عن ذلك الاتفاق الذي ينص على تأجير الجزيرة للإمارات لـ99 عاما.
وبعد ورود أنباء العام الماضي عن شراء إماراتيين لأراضٍ في سواحل سقطرى، أقر اجتماع للسلطة المحلية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، «منع بيع الأراضي على سواحل المحافظة والبناء العشوائي في مدينتي حديبوه وقلنسية»، وأكد على أهمية «تفعيل الإجراءات القانونية بشأن منع الاعتداءات المتكررة على سواحل المحافظة باعتبارها متنفسات عامة تجرمها قوانين الدولة».
كما شددت السلطة المحلية في سقطرى على «ضرورة التأكد من جنسيات الأشخاص المشترين للأراضي في المحافظة ومنع الأجانب من تملك الأراضي فيها».
وكان محافظ سقطرى «سالم عبدالله السقطري»، أشاد في يناير/كانون ثان الماضي، بـ«الدعم الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال مؤسساتها الإنسانية العاملة في المحافظة، في تنفيذ وتمويل العديد من المشاريع التنموية والخدمية والحيوية».
وقبل أيام، كشف مسؤول محلي يمني عن بدء تسيير رحلات جوية بين مدينة أبو ظبي الإماراتية وجزيرة سقطرى اليمنية، في المحيط الهندي، جنوب شرقي البلاد.
وأكد «رمزي محروس»، وكيل محافظة أرخبيل سقطرى، بدء تسيير رحلات جوية مباشرة بين سقطرى وأبو ظبي عبر شركة «روتانا جـت» الإماراتية للطيران، بحسب «العربي الجديد».
من جانبها، ذكرت شركة «روتانا جت» في تعميم نشرته على موقعها الإلكتروني، أن الرحلات ستبدأ من أبريل/ نيسان الجاري وبواقع رحلتين أسبوعياً يومي السبت والأربعاء.
ومحافظة سقطرى هي عبارة عن أرخبيل يمني مؤلف من ست جزر (أهمها سقطرى)، وتقع في الممر المائي لدول المحيط الهندي وكنقطة التقاء بين هذا المحيط وبحر العرب.
وعلى الرغم من بعدها النسبي عن الشواطئ اليمنية (تبعد نحو 350 كيلومتراً عن شبه الجزيرة العربية)، إلا أنها جزيرة يمنية منذ التاريخ القديم، ودلت على ذلك النقوش الحميرية (الحضارة اليمنية القديمة)، وارتبطت باليمن في مختلف العصور.
وبسبب موقعها الاستراتيجي، ظلت سقطرى محط اهتمام اليمنيين والدول الكبرى، مع تردد أنباء منذ سنوات، عن سعي الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء قاعدة عسكرية في الجزيرة، الأمر الذي عاد مع الحرب التي تشهدها البلاد منذ عامين، بعدما أصبحت أغلب الجزر اليمنية والمواقع الاستراتيجية في البلاد تحت سيطرة »التحالف العربي» والإمارات بشكل خاص.
وكالات-