اقتصاد » فساد

ليالي «العتيبة».. تفاصيل الحياة السرية «الماجنة» لسفير الإمارات في واشنطن

في 2017/08/31

ذا إنترسبت - ترجمة شادي خليفة -

تم جلب النساء إلى شقة في أبوظبي ترتدين العبايات.

تم إخبار الرجال: «اختر من تريد وسوف تكون لك حتى ظهر اليوم التالي».

يقول «رومان باسكال» أنه كان هناك 7 نساء للاختيار من بينهن. ويقول إنهن قمن بإسقاط ملابسهن الطويلة التي أخفت تحتها ثياب ملهى ليلي. وقال إنه اختار امرأة جاءت من رومانيا.

كان رومان قد تم نقله جوا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة من قبل صديقه «يوسف العتيبة»، حيث تجمع الأصدقاء في شقته. كان ذلك في شتاء 2003-2004 بينما كان نجم «العتيبة» يصعد في سماء البلاد رغم أنه لم يكن قد أصبح بعد سفيرا لبلاده في واشنطن.

كان باسكال قد تعرف على «العتيبة» للتو في أحد نوادي التعري في واشنطن العاصمة قبل أن يصبح عضوا في فريق صغير مختار أطلق عليه «العتيبة» ذات مرة اسم «فريق ألفا». كان ذلك مقدمة لرحلته إلى أبوظبي التي لم تكن الأخيرة، فعلى مدار لأعوام الأربعة التالية شارك «باسكال» مع «العتيبة» في حفلات في واشنطن ونيويورك ولوس أنجلوس وأبوظبي، وكان «العتيبة» هو من يتحمل تكاليفها الضخمة.

الأصدقاء القدامى

انسحب «باسكال» من مجموعة الأصدقاء في عام 2007، ولكن أسلوب الحياة الذي تعودوا عليه سيمتزج فيما بعد مع حياة «العتيبة» العامة. في عام 2008، استأجر «العتيبة» عضوا من طاقم الاحتفالات وهو صديقه الجامعي «بايرون فوجان»، لإدارة مؤسسة شخصية ممولة بملايين الدولارات من الأموال الإماراتية. كما قام بترتيب عمل «فوجان» في نفس الوقت كمستشار قانوني للسفارة الإماراتية وفي نفس الوقت كوكيل لمجموعة هاربور جروب، شركة العلاقات العامة المستأجرة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة.

وبعد اعتقال «فوجان» بسبب اختلاسه أكثر من مليون دولار من المؤسسة، فإنه أخبر المدعين العامين إن الإدمان السري على الكحول والقمار قد دفعا إلى جريمته. ورغم نهاية المؤسسة، قام «العتيبة» بدفع الأتعاب القانونية لقضايا «فوجان» كما تم استبقاؤه في وظيفته في السفارة في انتظار الحكم. وتشير رسائل البريد الإلكتروني التي حصلت عليها ذا إنترسبت إلى أكثر من عقد من التفاعل بين «العتيبة» و«فوجان» والتي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن السفير الإماراتي لم يكن يجهل أيا من العادات المريبة لصديقه القديم.

على مدار السنوات الماضية، تحول «العتيبة» إلى أحد أكثر الرجال نفوذا في واشنطن وهو على اتصال منتظم مع صهر الرئيس «ترامب» ومستشاره «غاريد كوشنر»، وكذا مع مدير المخابرات المركزية «مارك بوميو »وغيره من مسؤولي الأمن القومي. وقد قام «العتيبة» بتمويل معظم المراكز البحثية المرموقة في واشنطن.

ويتمتع «العتيبة» بعلاقة وثيقة مع «محمد بن زايد آل نهيان» ولي عهد أبوظبي والحاكم لفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة. وقد عمل الدبلوماسي بلا كلل طوال عقدين تقريبا لدفع مؤسسة الدفاع والخارجية في واشنطن لتبني أفكار «بن زايد» المتشددة حول إيران والإخوان المسلمين وغيرهما من القضايا المثيرة للجدل. كان «العتيبة» صوتا رائدا في واشنطن للترويج للحرب في اليمن، حيث تدير الإمارات العربية المتحدة معتقلات التعذيب وتوظف فرق الموت.

وأمضى «العتيبة» العقد الماضي في واشنطن في بناء صورته كدبلوماسي خليجي مستنير يؤمن بالعلمانية وحقوق المرأة وقيم العالم الحديث. ولكن هناك في الإمارات، حيث وطن «العتيبة»، لا ترقى الأمور في معظم الأحيان إلى هذه القيم. فالإمارات تطبق مجموعة من أكثر قوانين الجنس خطورة في العالم. وفي الأسبوع الماضي فقط، تم القبض على رجل وامرأة في سيارة بموجب أحد هذه القوانين.

وكثيرا ما استخدمت هذه القوانين كوصمة في مواجهة المعارضين السياسيين أو الأجانب الذين يتمتعون بصلاحيات محدودة، ولكن على النقيض من ذلك فإن الطبقة الحاكمة في البلاد تعمل في إطار مجموعة مختلفة من القواعد غير الرسمية. وقال «نيك ماكجيهان»، الباحث في هيومن رايتس ووتش، الذي يعمل في الخليج: «تتمتع نخبة الإمارات بالإفلات من العقاب في المنزل والدعم والحماية الكاملين من قبل الدولة عند انتهاك القانون في الخارج».

وعلى صعيد خاص، قدم «العتيبة» اعترافات نادرة حول تجارة الجنس في المنطقة نادرا ما تقدم من قبل القادة في المنطقة. في عام 2008، قام برنامج 60 دقيقة فقرة ركزت على صناعة الجنس في دبي. في اليوم التالي، قام زميل دراسة بمراسلة «العتيبة» عبر البريد الإلكتروني: كنت أبحث عنك في 60 دقيقة الليلة الماضية. «ما مدى مشكلة البغاء عندكم؟».

ورد «العتيبة» مازحا: «لماذا كنت تبحث عني في مثل هذا الموضوع»، قبل أن يعود للجدية بالقول: «إنها كبيرة ولكنها ليست صارخة. إنهن لا يقفن على زوايا الشوارع ولكن في المنازل والشقق. وبالتأكيد فإنها أكثر وضوحا في دبي منها في أبوظبي».

توفر رسائل البريد الإلكتروني المسربة نافذة نادرة حول طبيعة حياة أحد الدبلوماسيين الأكثر نفوذا. في السنوات التالية ازدادت أهمية الفريق المحيط بـ«العتيبة» حين قام السفير بتوظيف صديقه «فوجان» للعمل في السفارة، قبل أن ينتهي الأمر بشكل سيء حيث تم إيداع «فوجان» السجن بتهمة اختلاس أموال من الجمعية الخيرية التي وضعه العتيبة على رأسها.

قبل سنوات من صعوده كمشغل في واشنطن، شجع «فرانك ويسنر»، السفير السابق في مصر التي تلقى فيها «العتيبة» تعليمه الثانوي، الشاب الإماراتي على الذهاب إلى جامعة جورج تاون في واشنطن. وقال «ويسنر»: «لم يذهب إلى الجامعة لمطاردة الفتيات، وشرب البيرة، ولعب كرة القدم ولكنه أراد أن يعد نفسه للحياة المقبلة التي تنتظره».

قبل فترة دراسته، أصبح «العتيبة» صديقا لـ«فوجان». ويؤكد «العتيبة« في سيرته الذاتية أن لديه درجة علمية دولية من جورجتاون، لكن مكتب الجامعة يؤكد أنه لم يتخرج أبدا، في حين يؤكد أن «فوجان» تخرج عام 1995.

في العام الماضي، تمت إدانة «فوجان» باختلاس أكثر من مليون دولار من المنظمة غير الربحية التي أنشأها «العتيبة».

لم يكن أسلوب حية «فوجان» سرا في دائرة الأصدقاء المحيطة بـ«العتيبة» خلال هذه الفترة. ويقول «باسكال» إنه لم يكن مندهشا من الطريقة التي انتهت بها رحلة «فوجان» مع «العتيبة». ويقول: «ربما افترضت في لحظة ما أنه قد تغير أو انه توقف عن القيام بمثل هذه الأشياء».

حياتان متداخلتان

تتقاطع الحياة المزدوجة للعتيبة كدبلوماسي وكضيف دائم في الحفلات في بعض الأحيان. وفي عام 2006 وعام 2007، لعب «العتيبة» دورا حاسما في إقناع دول أخرى في المنطقة لدعم زيادة القوات الأمريكية في الحرب على العراق وهو دور أكده رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ «ريتشارد بور».

وبعد أن تم الإعلان عن الخطوة في يناير/كانون الثاني عام 2007، ووافق الحكام العرب على قرار الولايات المتحدة، فقد حان الوقت للعتيبة للاحتفال بنجاحه. ووفقا لـ«باسكال»، قال «العتيبة» لأصدقائه أنه يأمل في القيام برحلة لرؤية الدوري الأمريكي للمحترفين. وفي رسالة بريد إلكتروني بعنوان »فيغاس بيبي!»، هيأ العتيبة أصدقاءه لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في السقيفة الخاصة بفندق إم جي إم غراند في سكاي لوفتس. وكتب لهم: «أصدقائي، لست متأكدا ما إذا كان ما أشعر به هو الإثارة من الخوف أو الإثارة الهائلة من الفرحة. أيها السادة، سيصبح هذا فوضويا».

كان فوجان، من جانبه، متحمسا للرحلة، ورد على «العتيبة» قائلا: «أوه، يا للهول.. قد يكون هذا أعظم من أي وقت مضى».

وسأله «العتيبة» في رسائل البريد الإلكتروني: «هل الحصانة الدبلوماسية صالحة في فيغاس؟» ورد «فوجان»، الذي كان في ذلك الحين في كلية الحقوق، «طالما حصلنا على الإذن، لا أعتقد أن هناك مشاكل قانونية ستواجهنا». وكتب أنه سيجهز «بطاقات للفتيات لتوقيعها»، ما أسماه «عقدا محمولا».

وقام فوجان بكتابة نص عقد ساخر بألفاظ بذيئة وإرساله إلى العتيبة. واختتم مضيفا وجها مبتسما: «كل شيء على ما يرام وقانوني».

وفي رسالة بريد إلكتروني أخرى في نفس الموضوع، أعد «العتيبة» أصدقاءه للمخطط. وقال العتيبة: «أعضاء فريق ألفا الكرام، أؤكد لكم أن عملية "دامبو دروب" التي ستقام في فيغاس خلال عطلة نهاية الأسبوع لدوري كل النجوم، قد حصلت رسميا على الإشارة بالمضي قدما، ويبدأ الانتشار وفق التوقيت المقرر». وأضاف:«أتوقع ما لا يقل عن 100% من الجهد طوال العملية بأكملها، وأي شخص سيتلكأ أو يهدأ، سيتم صرفه بشكل غير لائق من هذه العملية، وسيصبح على القائمة السوداء في أي عمليات في المستقبل في هذا المسرح بشكل خاص. هيا هيا هيا هيا».

وفي وقت لاحق، بعد بضعة أشهر، عام 2008، سيتابع «العتيبة» صعوده الممنهج ليصبح الدبلوماسي الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن. وفي مزاج غير جيد، قبل أسابيع فقط من تقديم أوراق اعتماده الرسمية إلى الرئيس «جورج دبليو بوش»، أعاد العتيبة إرسال تبادل من البريد الإلكتروني يعود لعام 2004 إلى «فوجان»، قائلا: «أنا متأكد أنني سأفتقد هذه الأيام»، ورد «فوجان»: «شيء ما يخبرني بأنك ستجد طريقة لكي لا تفقد أي شيء من هذا».

ورد العتيبة بطلب واحد من صديقه: «احذف الرسالة!».

الاتجار بالبشر

وتتضمن رسائل البريد الإلكتروني التي تعود لعام 2004، والتي كان «العتيبة» يأمل أن لا ترى الضوء يوما ما، سلسلة من التبادلات مع «تريسي»، التي تبدو أنها قد عملت على إيجاد مرافقات عالية الثمن للعتيبة في ذلك الصيف.

وفي إحدى مراسلات عام 2004، أشارت «تريسي»، التي لم نتمكن من التعرف على هويتها الحقيقية، إلى أن هناك مشاكل مع إحدى عاملات الجنس التي تعاملت مع «العتيبة». وكتبت «تريسي»: «شكرا للتحدث معي اليوم. أنا آسفة أن لديك مثل هذه المشاكل مع كاتلين».

وأكملت: «فقط لإعلامك لقد استمرت كاتلين واستمرت في الحديث حول كيف كنت جيدا معها، أمام بعض من الفتيات، وهنا فتاتان مقربتان مني يموتان شوقا للعمل معكم. يمكنني إرسالهما إليك في بلدك أو الانتظار إلى أن تكون في الولايات المتحدة. وكلاهما تحمل جوازات سفر». وأرسلت له قائمة بالأسماء، وعبرت عن فخرها بأن بعض النساء قد ظهرن في مجلات معروفة.

ورد «العتيبة» بعد ذلك بأيام، في 30 مايو/أيار عام 2004، بقائمة اختارها تشمل مرافقاته المفضلات. واستفسر عن واحدة اعتقد أن صورتها الترويجية قد تكون قديمة، وطلب المعلومات المصرفية لـ«تريسي» لكي تبدأ العلاقة: «أرسلي لي تفاصيل الحساب الخاص بك وسوف أحول الأموال إلى حسابك». وبعد الكتابة مرة أخرى لتوضيح التفاصيل المصرفية ، رد العتيبة: «لقد حولت أموال كاتلين اليوم».

وقد تأكدت «ذا إنترسبت» من حقيقة رسائل البريد الإلكتروني بعدد من الطرق المختلفة. وفي عام 2008، التقى «العتيبة» واثنان من أقرب مستشاريه في الولايات المتحدة مع شخص رابع، طلب عدم الكشف عن هويته حتى يتمكن من الاستمرار في ممارسة الأعمال التجارية في المنطقة، لمناقشة كيفية التعامل مع محاولة ابتزاز محتملة كانت جارية بخصوص نفس الرسائل الإلكترونية التي وزعتها «غلوبال ليكس» على الصحفيين بعد أعوام. (تم نشر بعض رسائل البريد الإلكتروني عام 2009 في غرفة دردشة عبر الإنترنت، ولكن تمت إزالتها منذ ذلك الحين).

وبشكل منفصل، في الوقت الذي كنت أجهز تقريرا شخصيا عن «العتيبة» في عام 2015، حصلت على رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بـ «تريسي»، لكن لم أستطع التأكد من كونها أصلية في ذلك الوقت، ولم أستخدمها في القصة. وتتطابق تلك الرسائل الإلكترونية بدقة مع تلك التي وزعتها غلوبال ليكس. وأخيرا، قال «رومان باسكال» إنه قد رأى رسائل البريد الإلكتروني في وقتها، حيث كان «العتيبة» يمررها لأصدقائه، وكان قادرا على وصف تفاصيلها دون أن نقدم له الرسائل أولا.

وتشير المحادثات إلى أن التعامل مع المشتغلات بالجنس كان روتينيا. وفي رسالة إلكترونية عام 2006، ناقش «باسكال» كيفية الحصول على المتعريات من واشنطن إلى حيث كان باسكال يقيم، في شقة «العتيبة» في أبو ظبي. واقترح على العتيبة أن يقوم أحد أصدقائه بالذهاب إلى أحد نوادي واشنطن والذي يسمى «كاميلوت» وأن يذكر اسمه هناك ويرى عدد الذين يسعون للذهاب إلى الخارج. وأرسل «العتيبة» على الفور الملاحظة إلى الصديق نفسه الذي ذكره باسكال.

كما تمكن «باسكال» من تقديم صور له في الولايات المتحدة وأبوظبي مع «العتيبة» وأصدقائه. وفي واحدة منها، كان كل من «باسكال» و«العتيبة» يجلسان بجانب نساء ذكر باسكال أنهن كن المتعريات من كاميلوت. وأكد «نيك تريانتيس»، مدير كاميلوت، أن النساء كن راقصات سابقات.

وعلى مر السنين، أصبح «باسكال» ببطء يعتقد بأن هناك أشياء أكثر شرا تحدث في مجال العمل بالجنس. وبدأت القصة مع امرأة روسية، الذي أعطته رقمها بعد أول لقاء بينهما. وقالت له إنه إذا أراد أن يجتمع بها دون أن يدفع، فعليه أن يتصل بها مباشرة. وقد فعل، واجتمعا معا عدة مرات. وخلال إحدى زياراتها، كشفت المرأة عن الجانب المظلم من عملها.

وقال «باسكال»: «فتحت الباب ودخلت إلى غرفتي، ودفنت نفسها في الزاوية، وكانت ترتعش تقريبا. وسألتها ماذا تفعلين؟ وقالت لي إنها قد رأت للتو الرجل الذي ضرب صديقتها ثم أخبرتني كيف وصلت إلى هناك، وأن شخصا ما قد أخذ جواز سفرها». وكانت علامة بأن شخصا ما قد أصبح ضحية للاتجار بالبشر.

وقال «باسكال» عن «العتيبة»: «لم يكن موجودا أبدا عندما أرسلت النساء، لا يمكنك أن تقول إن يوسف هو تاجر في البشر، إنه ليس كذلك. لكن بعض الفتيات اللواتي أرسلن إلى هناك كن فتيات متاجر بهن».

وكانت المرأة الروسية التي قالت لـ«باسكال» عن سرقة جواز سفرها الأولى من بين عدد من اللواتي كشفوا له عن نفس المأزق.

ويعد الاتجار بالبشر صناعة عالمية بقيمة 150 مليار دولار، وفقا لمنظمة العمل الدولية، وتعد الإمارات مركز ثقل لهذه الصناعة. ويعتبر الاتجار بالجنس، عندما يكون بالإكراه قسرا أو الخداع أو الإجبار على البغاء أو إجبار العاملات بالبغاء على البقاء بهذه الوسائل بعد الموافقة المبدئية، هو الشكل الأكثر شيوعا من أشكال الرق الحديث.

ما في الإمارات، فإن الاتجار بالأشخاص أكثر انتشارا من الإتجار بالجنس، ولكن وفقا لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية، فإن «بعض النساء، في الغالب من أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا والعراق وإيران والمغرب، قد تعرضن لدعارة قسرية في دولة الإمارات».

وقال «ماكجيهان»، الباحث في هيومن رايتس ووتش: «إن نخبة البلاد تعمل أساسا بموجب مجموعة مختلفة من القواعد عن بقية المجتمع، ولا سيما العمال الأجانب».

وأضاف: «إن الوقت الوحيد الذي يتم استدعاؤهم فيه هو عندما تحدث انتهاكاتهم في الخارج. وخذ على سبيل المثال، حالة سفير الإمارات في أيرلندا، الذي تعرض لرفع دعوى قضائية ضده عام 2014».

ومع ذلك، فإن المواطنين غير الأصليين في دولة الإمارات يتلقون معاملة قاسية حتى لأبسط الانتهاكات. وقال «ماكجيهان» إن «العامل المهاجر الذي ينتهك أي قانون، سواء كان رمي القمامة على الأرض أو التزحلق على الماء، يمكن أن يتوقع من السلطات أن تنزل به السلطات أشد العقوبات». وأشار إلى قضية تعود إلى عام 2006، شهدت فيها امرأة شهادة بأنها اغتصبت على يد عصابة. لكن محاكم الإمارات أدانتها بتهمة الزنا وحكمت عليها بالسجن لمدة 5 أعوام، و5 أعوام إضافية من المراقبة، و 150 جلدة، ثم الترحيل.

وقد تم سرد هذه التجاوزات في فيلم وثائقي عام 2015 بثته قناة بي بي سي العربية بعنوان «حامل في السلاسل». ويظهر الفيلم كيفية سجن النساء المهاجرات في الإمارات بشكل روتيني بسبب العلاقات الجنسية، بما في ذلك الاغتصاب.

وقد رأى باسكال بعضا من الأمور وراء الأبواب المغلقة للعمل الجنسي، في خصوصيات المنازل الإماراتية، بنفسه. وقال «باسكال»: «كنت أود أن أخبر رفاقي عن هذه القصص، وكانت هذه الأشياء أكبر من أن تتحملها حياتي». لكن أصدقاءه قاموا بتثبيطه عن النشر للرأي العام حول ظروف المشتغلات بالجنس.

وفي مايو/أيار عام 2009، نشر «باسكال» مقالا على مدونته عن تجربته مع «العتيبة وأصدقائه الآخرين. وكتب: «لقد أصبحت ضائعا في الحياة»، مشيرا إلى الاكتئاب الذي دفعه إلى التفكير في الانتحار. وأضاف: «كنت أسير وفق خصائص صديقي السخي. لقد كنت أطمح في العاهرات التي ندفع لأجلها 10 آلاف دولار في الليلة الواحدة».

وصل «باسكال» إلى وزارة العدل والتقى مع المحامي الأمريكي «روي أوستن»، الذي تناول قضايا الاتجار بالبشر، عام 2009. وقال «أوستن»، الذي يمارس الآن المحاماة الخاصة: «أتذكر الاجتماع معه، وأتذكر بعض الادعاءات المروعة جدا.

كما اقترب باسكال من وسائل الإعلام المحلية في منطقة واشنطن. وتحدث إلى «بريان كارم»، المحرر التنفيذي لـ «مونتجومري سنتينل». وقال «كارم» إنه يتذكر السماع إلى باسكال، وقال إنه وجد قصته ذات مصداقية، لكن لا توجد وسيلة للتحقق منها. ومع ذلك، طارد الصحفي طرف القصة حتى وصل إلى سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة. وتم إعادة توجيه البريد الإلكتروني من «كارم» إلى «العتيبة» وظهر لاحقا في الرسائل التي وزعتها غلوبال ليكس.

وأثارت مذكرة «كارم» الإنذار في جميع أنحاء السفارة الإماراتية، وفقا لرسائل البريد الإلكتروني المسربة. وتحول «العتيبة» إلى صديقه الموثوق به «بايرون فوجان» لمعالجة الأمر.

وفي 28 مايو/أيار عام 2009، نشرت مونتجومري سينتينل مقالا بعنوان «كاتب محلي يقدم وجهة نظر حول صفقة الإمارات». وسرعان ما أحاله «فوجان» إلى «العتيبة». وعلى الرغم من العنوان، ركزت القطعة على صفقة نووية بين الولايات المتحدة والإمارات وتعزيز العلاقة بين البلدين. وفي الجزء السفلي ظهر اقتباس لباسكال، الذي تم وصفه بـ «المقرب السابق من العتيبة».

ونقلت الصحيفة عن باسكال قوله عن العتيبة «إنه رجل ملتزم بكلمته، وملتزم التزاما عميقا ليس فقط بعمله بل بتمثيل بلاده». ثم أضاف المراسل: «لكن باسكال يقول إن هناك عناصر من المجتمع في الإمارات قد تسبب بعض المشاكل للاتفاق».

ثم تم عرض اقتباس آخر لباسكال: «للوهلة الأولى، تذكرك دولة الإمارات ببلد أوروبي في الشرق الأوسط، لكن هناك ثقافة عربية في كل من أبوظبي ودبي، اللتان يطغى عليهما البغاء والإتجار بالبشر، وتعريف الشخص بقيمته المالية».

وأخبر فوجان العتيبة في بريد إلكتروني: «الأمر ليس سيئا بالنسبة لنا حتى الآن. لكن علينا أن نبقى متيقظين».

وكتب فوجان إلى العتيبة يخبره أنه يمكن استخدام غرابة القصة فيما بعد لتشويه باسكال والرد على ادعاءاته. لكن القصة انتهت هناك، ويبدو أن باسكال قد رفع الراية البيضاء.

وقد قام «باسكال» بالفعل بالتراجع عن محاولاته للفت الانتباه للاتجار بالبشر. وقال إنه حصل على نصيحة صريحة من شخص في مكتب التحقيقات الفدرالي، قائلا له: «اسمع، إنهن نساء»، واسترجع باسكال قول مسؤول مكتب التحقيقات الفدرالي له: «لكي أكون صادقا معك، لا أحد يهتم. الناس يهتمون إذا ما كان سيتم الكتابة عن الموضوع، ولكن إذا لم يتم الكتابة حوله، فلا أحد يهتم بهذه الأشياء».

وخلص باسكال إلى أنه إذا لم يكن هناك أحد يهتم، فلن يتحمل وحده الحماسة لذلك الأمر، لذلك فقد توقف عن المحاولة. ولم يكن باسكال يريد أن يقول قصته هذه المرة. إلا أنه تحدث إلى إنترسبت بعد أن وصلنا إليه من خلال كارم، الذي كان لديه معلومات الاتصال به. واستغرق الأمر عدة أيام قبل أن يوافق أخيرا على الكلام.

أموال ضائعة

وفي عام 2008، تم تصعيد «العتيبة» ليصبح السفير، وكواحد من أول أعماله الرسمية، أنشأ مؤسسة الواحة غير الربحية، في خطوة غير عادية للغاية من قبل دبلوماسي أجنبي. وتصف سجلات المحكمة الواحة بأنها «مؤسسة خاصة أنشأها سفير دولة الإمارات في إطار عمل السفارة، كجزء من مهمة السفير للنهوض بالعلاقات الإيجابية بين دولة الإمارات العربية المتحدة، الحليف الكبير لأمريكا (خاصة في الشرق الأوسط) والولايات المتحدة».

ثم عين العتيبة «فوجان» ليصبح كلا من المدير التنفيذي للواحة وعضو مجلس إدارة المؤسسة الخيرية المكون من ثلاثة أشخاص. ووضع هذا «فوجان» في موقف حرج بسبب الإشراف على أنشطته كمدير.

وتظهر سجلات المحكمة كيف أن علاقات «فوجان» ستصبح متشابكة ليس فقط مع الواحة، ولكن أيضا مع سفارة دولة الإمارات وصديقه رفيع المستوى، وأصبح يدير في نهاية المطاف 3 وظائف مترابطة ومتداخلة. وبين عامي 2007 و2015، كان يدير في بعض الأحيان وظائف مع مؤسسة الواحة، ومجموعة هاربور، وهي شركة علاقات عامة في واشنطن تم استئجارها من قبل السفارة، والسفارة نفسها، بما في ذلك العمل مستشارا قانونيا للسفارة.

وتفسر الصلات الاجتماعية والمهنية الوثيقة جزئيا لماذا تورط «العتيبة» عام 2016 بشكل غير عادي في قضية «فوجان». وضغط سفير الإمارات بهدوء على نظام العدالة الجنائية الأمريكي بواسطة محامين باهظي التكلفة. وفي مذكرة إدانة «فوجان» الصادرة في مارس/آذار عام 2016، أشارت المحكمة إلى أن «مؤسس مؤسسة الواحة والمانح الوحيد يحث على عدم مقاضاة (فوجان). كما حث ذلك الشخص في بيانه على أن لا يتم سجن فوجان».

وأظهرت رسائل البريد الإلكتروني التي وزعتها غلوبال ليكس أن «العتيبة» لم يكن يجهل ميل فوجان للقمار، وتعاطي المخدرات، أو حتى توظيف العاملات في مجال الجنس. وفي العام السابق لتعيين العتيبة لفوجان مديرا تنفيذيا للواحة، كتب فوجان إلى العتيبة: «أنا أضاجع العاهرات. أخبر رومان للاستعداد لرحلة دانا. وقام العتيبة بإعادة توجيه رسالة فوجان إلى باسكال بسرعة».

وقال «باسكال» إنه كان يقصد فندق دانا في أبوظبي، حيث كان هو وفوجان، في كثير من الأحيان، يختارون العاهرات من هناك. وقال باسكال إنه وفوجان قد قاما بزيارة دانا في رحلتهم بالفعل، وكما تعاهدا، جلبا اثنتين من المرافقات مرة أخرى إلى شقة «العتيبة» في أبوظبي.

كانت تلك الليلة نهاية الطريق لأيام حفلات باسكال الأكثر شهرة مع العتيبة وصحبته. وقال إنه في الشقة، سحب فوجان إلى الشرفة، وقدم له المرافقة الثانية. وقال باسكال: «لقد كنت أفعل ذلك لمدة 4 أعوام، وكانت هذه هي حياتي، لكنني قررت تغيير ذلك للتو».

لكن بالنسبة لـ«فوجان» كانت تلك مجرد بداية. وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2013، كتب هاميلتون لوب، أحد المحامين الذين أبقت عليهم السفارة للدفاع عن «فوجان»، إلى العتيبة، يوضح آخر ما توصلت إليه قضية فوجان في مجال غسل الأموال. وقالت السلطات إن «فوجان» قد سرق نحو 1.9 مليون دولار من خزائن الواحة. واعتقد «لوب» أنه نظرا لأن الإمارات قد أودعت ما يقرب من 7 ملايين دولار في حساب المؤسسة، فإنه لا يزال هناك ما يقرب من 5 ملايين دولار متبقية، وربما أقل قليلا، وذلك بسبب بعض المصروفات المتواضعة في التشغيل.

وبعد شهر، بعد أن تمكن لوب من الوصول إلى السجلات، كان لديه تقرير أكثر سوءا. وكتب إلى العتيبة قائلا: «المبلغ المتبقي في حسابات الواحة أقل من 100 ألف دولار. كنت أتوقع أكثر من ذلك بكثير».

وبعد أن فوجئ «العتيبة» بأن ملايين أكثر قد فقدت، لم يتخلى عن «فوجان»، ولم يتم إقالة فوجان حتى من مجموعة هاربور أو السفارة. وبدلا من ذلك، ضاعفت البعثة الدبلوماسية الإماراتية جهودها لدعم فوجان. وسأل «العتيبة» لوب في رسالة بريد إلكتروني إذا ما كان الأمر يستحق الضغط على وزارة الخارجية لتضغط بدورها على وزارة العدل لتخفيف عقوبة فوجان. ونصح لوب بشدة ضد ذلك. غير أن السفارة دفعت المدعين العامين إلى القول بأن أقل من مليون دولار قد فقدت في الاحتيال. ورفض المحامون الأمريكيون هذه المحاولة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011، وفقا لوثيقة حسابات، فتح «فوجان» حساب شيكات من جانبه، في تشارلز تاون، بولاية فرجينيا الغربية، المكان الأقرب لكازينو واشنطن في ذلك الوقت. لكن المدعين العامين وحدهم أظهروا علنا ​​أدلة على وجود حوالي 220 ألف دولار ذهبت من حسابات الواحة إلى «فوجان» شخصيا.

وواصل فوجان والعتيبة احتفالاتهما بعد وقت طويل من خروج سجلات فوجان عن نطاق السيطرة. وفي أبريل/نيسان عام 2012، كان بايرون و«العتيبة»، والذي انضمت إليه الآن زوجته، وبقية الفريق، ينقصهم المتقاعد باسكال، في منطقة البحر الكاريبي للاحتفال بعيد الميلاد الـ 40 لأحد أعضاء الطاقم.

وبصرف النظر عن أمر المحكمة برد المبالغ من قبل فوجان للواحة، كان «العتيبة» غير مهتم بشكل يثير الغرابة لما حدث للـ 7 ملايين دولار بالكامل، وفقا لكمية هائلة من المراسلات مع محاميه.

وأخيرا، في يوليو/تموز عام 2014، كتب «مينتز»، مستشار العلاقات العامة للسفير، إلى «العتيبة» قائلا إن فوجان ترك الكثير من العمل يتراكم في مجموعة هاربور. ووافق العتيبة على السماح لـ «مينتز» بإخراج فوجان من المجموعة. ومع إغلاق الواحة، وترك مجموعة هاربور، كان فوجان حريصا على الإبقاء على الوظيفة الأخيرة المتبقية له مع العتيبة. وكتب له قائلا: «أود أن أظل مستشارا رئيسيا للسفارة، وأن أعمل من مكتبي في ميريلاند، وأن أركز فقط على العمل القانوني بموجب اتفاقنا الحالي دون تعديل». وأضاف «أعتقد أن هذا سيكون في صالح الجميع. والأهم من ذلك، سوف تخدم مصالحك».

وسمح «العتيبة» بأن يبقى «فوجان» مستشارا قانونيا للسفارة إلى أن بدأ قضاء عقوبته بعد عام.