الخليج أونلاين-
لا يمر عام واحد تقريباً دون ظهور فضيحة مالية أو أخلاقية لحكّام الإمارات، وهو ما يؤكد وجود أزمة حقيقية لدى بيت الحكم في أبوظبي، والقريبين منه.
آخر الفضائح التي طالت الدولة الخليجية الوحيدة التي تمتلك وزارة للتسامح، كانت تلك التي كشفت عنها صحيفة "تايمز" البريطانية (الأحد 18 أكتوبر)؛ من اعتداء وزير التسامح الإماراتي، نهيان بن مبارك آل نهيان (69 عاماً)، جنسياً على شابة بريطانية تدعى كايتلين ماكنمارا.
الصحيفة البريطانية نقلت عن الشابة (32 عاماً)، التي كانت مسؤولة عن تنظيم مهرجان "هاي" الأدبي في أبوظبي، أن نهيان بن مبارك تحرّش بها وحاول الاعتداء عليها يوم "عيد الحب" في فبراير الماضي.
في ذلك اليوم، كانت ماكنمارا قد دُعيت لحفل عشاء من نهيان بن مبارك شخصياً، وهو الذي يتعامل كـ"إله"، ولا أحد يمكنه أن يقول له "لا"، حسب تعبير الشابة البريطانية.
وبدلاً من الذهاب لحفل العشاء مضت السيارة بالشابة البريطانية نحو جزيرة خاصة تضم منتجعاً للأسرة الحاكمة، حيث قابلها الوزير الإماراتي وعانقها بحرارة ثم أهداها ساعة يد تقدر بأربعة آلاف دولار، حسب قولها.
وبعد قليل من الكلام وبعض النبيذ، بدأ الوزير الإماراتي يتحسس الموظفة البريطانية، التي حاولت الخروج من المأزق دون مشاكل؛ في النهاية تمكنت الشابة البريطانية من الإفلات بعدما حاول نهيان الاعتداء عليها في حديقة القصر، وقد غادرت إلى بلدها وهي لا تنوي العودة إلى أبوظبي مجدداً، بحسب الصحيفة.
فضيحة وزير "التسامح" ليست الأولى التي تطال مسؤولاً إماراتياً بارزاً، وربما لن تكون الأخيرة، فهناك أميرات هربن من القصور، وأخريات حاولن وفشلن، هذا بالإضافة إلى ما كشفته الرسائل التي جرى تسريبها بعد اختراق البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة.
فضائح محمد بن راشد
في يوليو 2019، كانت فضائح تكرار هروب نساء حكام الإمارات تملأ تقارير الصحف البريطانية؛ وذلك عقب فرار الأميرة هيا بنت الحسين، زوجة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
ونشرت صحيفة "تايمز" تقريراً بعنوان "تاريخ من محاولات الهرب في عائلة آل مكتوم"، وقال التقرير إن الأمر بدأ عندما فرت فتاة في التاسعة عشرة من عمرها من منزلها في ساري في إنجلترا، وعُثر عليها بعد عدة أسابيع، ولم يُعرف عنها شيء إثر ذلك.
هذه الفتاة التي تحدث عنها تقرير التايمز كانت الشيخة شمسة آل مكتوم، وهي الآن في الثامنة والثلاثين، التي حاولت الفرار عام 2000، قبل أن يتمكن والدها من استعادتها، وإعادتها إلى دبي.
في مارس 2018، تكرر الأمر عندما فرّت الشيخة لطيفة، إحدى بنات حاكم دبي، قبل أن يُقبَض عليها على متن يخت، في عملية للقوات البحرية من عدة دول، وتُعاد إلى الإمارات.
عام 2004، أصبحت الأميرة الأردنية هيا بنت الحسين زوجة لوالد شمسة، لكنها فرّت هي الأخرى في مايو 2019، ورفعت دعوى طلاق لدى القضاء البريطاني، في يوليو من العام نفسه، للحصول على حقوقها الشرعية وحضانة طفليها.
في يناير من هذا العام، نقلت مواقع أردنية عن مصادر أن ابنة الملك الراحل الحسين بن طلال حصلت على الطلاق فعلاً، وقالت إن الطلاق تم عبر وكيلي الزوجين في سفارة الإمارات في عمّان، مشيرة إلى أن مسألة الحقوق الشرعية وحضانة الطفلين ستستغرق وقتاً.
وعقب رفع دعوى الطلاق، قالت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية إن هذا الطلاق سيكون الأغلى في التاريخ؛ بالنظر إلى 9 مليارات إسترليني (11 ملياراً و600 مليون دولار) يمتلكها بن راشد.
وذكرت الغارديان البريطانية أن الأميرة هيا، البالغة من العمر 45 عاماً، فرّت من الإمارات بعد اكتشاف الطريقة التي تم التعامل بها مع الشيخة لطيفة، التي تمكن كوماندوس هندي من اختطافها من يختها قبالة السواحل الهندية؛ حيث كانت تبحث عن اللجوء.
وفي مارس من هذا العام، قالت الأميرة هيا أمام المحكمة: "سمعت المحكمة أن بندقية وضعت مرتين على وسادة هيا بنت الحسين، وكان المسدس في وضعية السماح بإطلاق النار، كما هبطت طائرة هليكوبتر خارج منزلها مع تهديد بنقلها إلى سجن صحراوي بعيد".
تسريبات العتيبة
وعقب اندلاع الأزمة الخليجية في يونيو 2017، تفجرت فضيحة بريد يوسف العتيبة، السفير الإماراتي لدى واشنطن، التي كشفت عن دفعه رِشا مالية وجنسية لمسؤولين وبرلمانيين أمريكيين مقابل تضييق الخناق على دولة قطر، وتبني حملة المقاطعة والتشويه التي قادتها أبوظبي والرياض ضد الدوحة منذ يونيو من العام نفسه.
وفي يوليو من العام نفسه، ظهرت فضيحة الرشوة التي دفعها العتيبة لصحفي قناة الجزيرة السابق محمد فهمي، مقابل قيام الأخير برفع دعوى قضائية ضد الشبكة القطرية.
وقد اعترف فهمي، في تحقيق أجرته "نيويورك تايمز"، بتلقي 250 ألف دولار أمريكي من الإمارات –عبر العتيبة– من أجل رفع الدعوى.
وخلال الأعوام الماضية، ظهرت عدة تسريبات تؤكد تورط العتيبة في دفع رشا لمسؤولين ومؤسسات إعلامية ومراكز بحثية بغية الضغط على دولة قطر، ومحاولة ربطها بالإرهاب، فضلاً عن تورطه في حفلات جنس جماعية كبيرة.
وفي مارس من العام الجاري كشفت وثائق لوزارة العدل الأمريكية عن تعاقد سفارة دولة الإمارات بواشنطن مع إحدى شركات التكنولوجيا والعلاقات العامة من أجل مسح سجل كبار دبلوماسييها وكل ما يتعلق بدولة الإمارات من تغطية سلبية في شبكة الإنترنت.
وكشف معهد شؤون الخليج في واشنطن أن العتيبة دفع مئات الآلاف من الدولارات لأحد الشهود الذي أدلى بشهادته في جلسة استماع بالكونغرس بشأن العلاقات "الأمريكية - القطرية".
وكان إيلان غولدنبرغ، الذي يعمل بمركز الأمن الأمريكي الجديد، أدلى بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في جلسة حملت عنوان: "تقييم العلاقات الأمريكية - القطرية"، أدان فيها الدوحة بناء على طلب من عضوة الكونغرس إليانا روس لتينن، رئيسة اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وكشفت وثائق مسرّبة حصل عليها المعهد تفاصيل عدد من الاتصالات التي أجراها غولدنبرغ مع يوسف العتيبة مدة عام مقابل تمويل أنشطة مركز الأمن الأمريكي، وتفاصيل عن رحلة للباحث وزملائه إلى دبي. لم يكن يوسف العتيبة مرناً في البداية، لكنه فتح خطاً مع المركز مؤخراً، عند أزمة الخليج، على أمل أن "يملي عليه شهادته أمام الكونغرس"، وهو ما جرى.
مقابل الشهادة المزوّرة، مدفوعة الأجر، فاز مركز الأمن الأمريكي بالحسنيين؛ 250 ألف دولار فوريّة الدفع، وضغط مدير المركز، الذي يدعى ميشيل فلورنوي، لتفوز شركة بولاريس الأمريكية لصناعة المركبات بتوقيع عقد مع الحكومة الإماراتية.
كما ضغط العتيبة في اللحظات الأخيرة قبل إدلاء الباحث بالمركز بشهادته لتوقيع عقود مع شركة "لوكهيد مارتن" الأمريكية للصناعات العسكرية.
سرقة وابتزاز
وفي مارس الماضي، عرض برنامج "ما خفي أعظم"، الذي تقدمه شبكة الجزيرة، وثائق وشهادات تكشف تفاصيل ما تعرض له مستثمرون عرب وأجانب في دبي، من عمليات ابتزاز واستيلاء على أموالهم تحت غطاء جهات متنفذة في الإمارات.
وكشف التحقيق شهادات مستثمرين تعرضوا للاعتقال في إمارة دبي، كان بينهم مؤسس شركة "تعمير" العقارية عمر عايش.
وقال عايش إن شركته كانت تحقق أرباحاً بلغت 5 مليارات دولار، وبعد حضور أحمد وعبد الله الراجحي عام 2004 لمعرض بيع العقارات، ونظراً لكثرة المبيعات، كانا يريدان حصة في "تعمير"، وخلال أشهر معدودة تمكنا من شراء نصف الشركة.
وأوضحت مديرة منظمة "معتقل في دبي"، رادها سترلينغ، أن العائلة المالكة تورطت عدة مرات في سرقة استثمارات أجنبية، إذ يقومون بذلك من خلال شركات يملكون حصصاً فيها أو يديرونها، كما يتم التأثير في الإجراءات القانونية لمصلحتهم.
فضيحة "بي آر تشي"
وعلى مدار سنوات كانت الإمارات محور اتهامات كبيرة بالفساد وغسل الأموال، لكن أبريل الماضي شهد فضيحة مالية هي الأكبر، عندما كشفت "بلومبيرغ" الأمريكية عن قيام الملياردير الهندي بي آر شيتي بالاحتيال على 12 بنكاً إماراتياً بمبلغ وصل إلى 24 مليار درهم (6.6 مليارات دولار).
لاحقاً، وضعت الحكومة الإماراتية يدها على شركات شيتي الكبيرة التي تعمل في أكثر من مجال على رأسها مجال الصحة، حيث يمتلك شيتي مجموعة "إن إم سي" الصحية، وهي أكبر مزود للرعاية الصحية الخاصة في الإمارات.
لكن شيتي، الذي يواجه خمس قضايا، كان قد فر إلى الهند. وقد تسببت الفضيحة المالية في هزة اقتصادية مرعبة لأبوظبي، بعد أن أعلنت بنوك إماراتية كبرى، منها بنك الإمارات دبي الوطني وبنك دبي الإسلامي، انكشافاً بملايين الدولارات على شركة "إن إم سي".
وقد كشف برنامج "ما خفي أعظم"، في يوليو الماضي، وثائق تفيد بتورط مقربين من ولي عهد أبوظبي في عملية الاحتيال، فضلاً عن تورط نائب رئيس مجلس الوزراء منصور بن زايد.