الخليج أونلاين-
تصنف البحرين من بين الدول التي ينتشر فيها الفساد على المستوى العالمي، والتي ينخفض ويرتفع من عام إلى آخر، إلا أنه سجل في المرتبة 77 لعام 2019، وفق مؤشر مدركات الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية.
وتشمل مؤشرات الفساد عادة الرشوة، واختلاس المال العام، واستغلال الوظيفة العمومية لتحقيق مكاسب شخصية، والمحاباة في الوظيفة العمومية عبر تعيين الأشخاص الذين لا يمتلكون الكفاءة، والدور المؤثر لأصحاب المصالح الضيقة، وتسييس القضاء، وتردي الحريات العامة، ومدى إمكانية الوصول إلى المعلومات بحرية وسهولة، ومدى معدل الإفصاح والشفافية.
وفي ظل محاولات البحرين لتقليل نسب الفساد داخلها أصبحت طرفاً في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في عام 2010، بعد أن وقعت عليها عام 2005، حيث بقيت نسب مؤشر مدركات الفساد متباينة ما بين 6.1 عام 2003 إلى 5.1 عام 2011، (حيث إن المؤشر يحتسب الدول من 0 إلى 10 والأعلى هو الأفضل والأقل فساداً).
ديوان رقابي مستقل
ورغم أن مملكة البحرين أنشأت ديوان الرقابة المالية والإدارية عام 2002؛ بهدف ضمان إنفاق المال العام دون إسراف أو تبذير، فإن تقارير الديوان توضح أن مشكلات كثيرة ما زالت تعاني منها البلاد.
وفي 29 أكتوبر 2020، كشف ديوان الرقابة المالية والإدارية عن تقرير الجديد للعام 2019 - 2020، مبيناً أعماله الرقابية على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والصحية والبيئية وتنمية الثروات النباتية والحيوانية والبحرية وغيرها في البحرين.
ومع ذلك فقد أكّد الديوان الذي يعد مستقلاً مالياً وإدارياً وعضوياً عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وفق المادة 116 من الدستور، أن 80% من توصياته للوزارات والمؤسسات الحكومية تم تنفيذها خلال العام الماضي.
وتطرق التقرير الجديد للديوان إلى الكثير من القضايا التي تخللها فساد أو حالات تأخر في دفع المستحقات أو إنفاق أو تجاوزات، ومن أهمها:
تجاوزات مالية
وقال تقرير الديوان العام إن بعض الوزارات والجهات الحكومية قامت بالاقتراض المباشر من المصارف المحلية والصناديق الخارجية من دون أن تدرج ديونها ضمن رصيد الدين العام. وقد بلغت القروض المستحقة على تلك الجهات، والتي لم تدرج ضمن رصيد الدين العام لعام 2019 نحو 1.8 مليار دينار (4.77 مليارات دولار).
وأشار في خضم ذلك إلى أن رصيد الدين العام للدولة بلغ حتى 31 ديسمبر 2019 نحو 13.6 مليار دينار (36 مليار دولار).
وأكد الديوان من جانب آخر أن الشركة المنتفعة بالمحجر الحكومي لم تلتزم بتحويل كامل الإيرادات المتفق عليها في العقد المبرم معها عن حق الانتفاع بالمحجر لوزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، إذ بلغت الإيرادات المحولة للفترة من 1 يناير حتى 30 سبتمبر 2019 مليون دينار (2.65 مليون دولار) تقريباً فقط، أي ما نسبته 14% من القيمة المقدرة بالعقد بمبلغ 7.6 ملايين دينار (20.16 مليون دولار) كحق انتفاع سنوي.
وفي سياق منفصل أوضح الديوان أن وزارة التربية والتعليم البحرينية، قامت بصرف علاوة السكن لبعض المدرسات غير البحرينيات على الرغم من توفير سكن لهن، بالإضافة إلى صرف علاوة انتقال لبعض الموظفين على الرغم من قيامها بتوفير وسائل النقل لهم.
ووجه الديوان ملاحظات على عدم التزام هيئة الكهرباء والماء باتخاذ إجراءات تجاه المتخلفين عن سداد المبالغ المستحقة عليهم بالرغم من تراكمها فترات تجاوزت إحداها الـ 12 سنة، بمخالفة واضحة لدليل الإجراءات المالية.
كما أشار إلى تأخر الهيئة في معالجة وإصدار فواتير المشتركين غير الاعتيادية التي تنتج عند رصد استهلاك استثنائي في الكهرباء أو الماء والتي توقف الهيئة إصدارها إلى حين معالجتها، ما ترتب عليه تراكم العديد من الفواتير غير الصادرة عدة أشهر، الأمر الذي يؤدي إلى تراكم المتأخرات على المشتركين، وتأخر الهيئة في تحصيل المبالغ المستحقة لها.
وبالحديث عن الفساد في نظام القروض قال الديوان: إن "القيمة الإجمالية للمتأخرات المستحقة لبنك البحرين للتنمية عن القروض، كما في 29 فبراير 2020، نحو 24 مليون دينار (63.6 مليون دولار)، 90% منها تخص قروضاً تخلف أصحابها عن السداد منذ فترة تجاوزت السنة.
واللافت أن دائرة الحسابات الخاصة والتحصيل لا تقوم بتقديم الشيكات المرتجعة إلى مراكز الشرطة رغم عدم استجابة المقترضين، كما أنه لم يتم رفع دعاوى قضائية ضد أصحاب 553 قرضاً بلغت قيمة المتأخرات المستحقة عنها نحو 13.5 مليون دينار (35.8 مليون دولار).
تخزين مواد سامة
تقرير الديوان تطرق كذلك إلى تجاوزات ومخالفات في قطاعات حكومية بارزة مثل وزارة الزراعة والثروة البحرية والحيوانية وغيرها، وعدم تطبيق توصيات سابقة.
ولفت الديوان إلى غياب أسس ومعايير واضحة ومعتمدة يتم الاستناد إليها عند تأجير الأراضي الزراعية، سواء على المزارعين أو الشركات الاستثمارية.
وتوصل الديوان إلى أن شؤون الزراعة البحرينية تحصلت على سماد اليوريا من شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات، وتقوم بتوزيعه على المزارعين، وقد تبين وجود كميات كبيرة من هذا السماد في مخازن مفتوحة رغم خطورة مكوناته التي تحتم حفظه في مكان آمن وتداوله بإحكام تحت إشراف الجهة المختصة، الأمر الذي يعد مخالفة قانونية، وأدى إلى تعرض بعض من تلك الكميات للتلف.
كما أشار الديوان إلى "عدم توافر اشتراطات الأمن والسلامة في مخزن المبيدات بمنطقة البديع كطفايات الحريق وخراطيم المياه، فضلاً عن عطل أحد جهازي التكييف وعدم كفاية أساليب التهوية ضمن المخزن بالرغم من احتفاظه بمواد شديدة الاشتعال، الأمر الذي يشكل خطراً على سلامة الموظفين".
وتحدث الديوان عن توقف تشغيل محطات رصد وقياس جودة الهواء الثلاث التي أعيد تأهيلها وتشغيلها؛ وهي محطة الحد، ومحطة المعامير، ومحطة قلعة البحرين، منذ نوفمبر 2019، وذلك بسبب انتهاء عقد تشغيل وصيانة تلك المحطات مع الشركة المتعاقد معها، ما أدى إلى توقف عمليات رصد وقياس جودة الهواء منذ ذلك التاريخ حتى انتهاء أعمال الرقابة، في أبريل 2020، ما يحول دون رصد أي تلوث قد يحدث في الهواء واتخاذ الإجراءات المناسبة تجاهه.
الديوان كشف عن الكثير من التجاوزات الأخرى كذلك في القطاعات الطبية؛ مثل التأخر في إصلاح الأجهزة الطبية المتعطلة رغم تأخرها لخمسة أشهر، ما يؤثر سلباً على كفاءة الخدمات الصحية.
وذهب الديوان إلى أن المملكة تواجه ضعفاً في فاعلية المراجعات التي تنهض بها هيئة جودة التعليم والتدريب في تطوير أداء المدارس الحكومية ومؤسسات التدريب المهني المرخصة من قبل وزارة التربية والتعليم؛ حيث تبين تراجع أداء تلك المدارس والمؤسسات.
نبه الديوان كذلك إلى تجاوزات في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية؛ مثل قبول طلبات تسجيل باحثين عن عمل على الرغم من أنهم متقاعدون عند قبول تسجيلهم، وترشيح أشخاص منهم لوظائف شاغرة، وحصول بعضهم على تلك الوظائف، الأمر الذي يفوت الفرصة على ترشيح وتوظيف العاطلين الباحثين عن عمل لشغل تلك الوظائف.