وكالة "بلومبرج" الأمريكية-
ألقى تقرير جديد نشرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية الضوء على الثروة الضخمة لعائلة "آل نهيان" بالإمارات ودور الشيخ "طحنون بن زايد" المحوري في تشغيلها والتحكم بمفاصلها المهمة.
وقال التقرير، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن "طحنون بن زايد"، وهو مستشار الأمن الوطني للإمارات، يحافظ على نمط حياة أقل مما يمكن أن توفر له إمكاناته في منطقة يتجلى فيها البذخ، لكن طريقة حياته هذه لا تحميه من أسئلة البعض بخصوص ممتلكاته، فهو يدير ثروة عائلية ضخمة، وأكبر من أي ثروة أخرى في العالم.
وأشار التقرير إلى أنه مع وجود نحو 6% من احتياطيات النفط المؤكدة بالعالم في الإمارات المعروفة بتركيز الأموال داخل العائلات الحاكمة، ليس سرا أن "آل نهيان" أغنياء، لكن ما دفع ثروة العائلة إلى آفاق مرتفعة جدا، هو استثمارها بكل شيء تقريبا، بدءا من خط ملابس "ريهانا" وصولا إلى الوجبات السريعة وشركة "سبييس إكس" المملوكة للملياردير "إيلون ماسك".
ويضيف أن صافي ثروة العائلة المالكة الآن، وبأقل تقدير، يبلغ 300 مليار دولار، وفقا لتحليل ممتلكاتهم بواسطة مؤشر "بلومبرج" للمليارديرات الذي يتضمن السجلات العقارية وإفصاحات الشركات، وغيرها.
وهذا المبلغ يزيد على 225 مليار دولار، الثروة التي يملكها أعضاء عائلة "والتون"، الذين اشتهروا منذ فترة طويلة بأنهم أغنى عائلة في العالم بفضل هيمنة شركة "وول مارت" على البيع بالتجزئة.
ومن الصعب تحديد الحجم الدقيق لثروة العائلة المالكة، لأن الخطوط التي تفصل بين الأسرة والدولة تكون، في الغالب، غير واضحة.
وفي حالة "آل نهيان"، الذين حكموا الإمارات منذ الاستقلال قبل نصف قرن، بعض الأصول خاصة بشكل واضح، في حين أن البعض الآخر متشابك مع أصول الحكومة.
ومن الواضح أن هذه الأموال الخاصة تدل على أن ثروتهم المعروفة تفوق بحجمها الثروات التي تمتلكها العشائر الخليجية الأخرى، بما في ذلك ثروة العائلة المالكة السعودية، وفقا للتقرير.
ويعمل الشيخ "طحنون" في القطاعين العام والخاص، وهو رئيس شركة أبوظبي القابضة ADQ بالإضافة إلى بنك أبوظبي الأول.
وتشمل أصول "آل نهيان" أسهم في نادي مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم، وعشرات القصور، بما في ذلك شاتو دي بايون في شمال باريس.
لكن أساس ارتفاع أصول العائلة يكمن في "رويال جروب"، التي توظف أكثر من 27 ألف شخص في مجالات متنوعة بين التمويل والروبوتات.
والشيخ "طحنون" و"محمد بن زايد" جزء من مجموعة من ستة أشقاء تعرف باسم بني فاطمة.
وهم جميعا أبناء مؤسس دولة الإمارات الشيخ "زايد بن سلطان آل نهيان".
أما الشيخ "منصور"، الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ورئيس البنك المركزي ورئيس صندوق الثروة الفيدرالي، هو شخصية رئيسية أخرى، تساهم مع بقية أفراد العائلة في بناء ثروة الأسرة.
ويروي التقرير كيف غازل ملياردير الأسهم الأمريكي "توم باراك" الشيخ "طحنون" بشكل خاص، ووصفه خلال محاكمته بقضية ممارسة ضغوط لصالح الإمارات على إدارة "ترامب" بشكل غير قانوني، بأنه "أحد أكبر رجال الأعمال في العالم".
وقدم المستثمر الأمريكي، خلال محاكمته، تفصيلا لكيفية مغازلته للشيخ "طحنون"، والتي تضمنت إعطائه كتابًا نادرًا عن الخيول العربية والذهاب في رحلة مشتركة لركوب الدراجات في الصحراء المغربية، في محاولة لكسب عمل لشركته Colony Capital LLC.
وقال "باراك": "في مقر استراحته العربية ذات المقاعد الأرضية، يتوافد على طحنون بن زايد كل ليلة رجال الأعمال والمستثمرين في صناديق الثروات السيادية، مثل عملاق العقارات الأمريكي سام زيل، والصناعي الهندي جوتام أداني، والمصرفي الكولومبي "خايمي جيلينسكي".
وقد زادت قيمة بعض استثمارات مجموعة "رويال" بمبالغ مذهلة في السنوات الأخيرة، كما تُعرف بـ "الشركة القابضة الدولية" - تتصدر تلك القائمة، متفوقةً على أي شركة على مستوى العالم تزيد قيمتها عن مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية، وفقًا للبيانات التي جمعتها "بلومبرج".
في غضون ذلك، انطلقت المدينة العالمية للخدمات البيئية - التي تمتلك مجموعة "رويال جروب" أغلبيتها - من مستثمر غير معروف يركز على تربية الأسماك لتصبح الشركة المدرجة الأكثر قيمة في الإمارات العربية المتحدة. إنها تستحق أكثر من الشركات الكبرى مثل McDonald’s Corp. و Nike Inc. و Blackstone Inc.
لكن هذا الحجم لم يغر المستثمرين الدوليين، حيث أعرب البعض منهم بشكل خاص عن مخاوفهم بشأن الافتقار إلى الشفافية.
وقال أشخاص مطلعون على المناقشات إنه في حين أن مجموعة "رويال" كانت عميلاً مطلوبًا، لكن معظم البنوك الدولية ابتعدت إلى حد كبير عن إبرام صفقات مع المدينة العالمية للخدمات الإنسانية بسبب مخاوف بشأن القيمة السوقية المتضخمة.
وقالت "بلومبرج" إن الارتفاع الصاروخي الذي حققته شركة الاستثمار هو رمز للقوة المتزايدة لـ"آل نهيان" وأبوظبي.
وفي الوقت الذي حظيت فيه دبي باهتمام دولي مكثف، عززت أبوظبي الغنية بالنفط مكانتها كلاعب مهيمن في الإمارات عندما أنقذت جارتها، التي تقوم على السياحة والخدمات، بمبلغ 20 مليار دولار في أعقاب الأزمة المالية.
وفي حين يدير الشيخ "طحنون" لقاءات دبلوماسية مكوكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فقد فوض مسؤوليات مهمة داخل إمبراطورية أعماله إلى العديد من المستشارين الموثوق بهم.
وتنقل "بلومبرج" عن "أيهم كامل"، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الشرق أوراسيا للاستشارات قوله: "لقد أصبح الشيخ طحنون اليد الآمنة لكل مهمة صعبة. وجعله نجاحه لاعبا مفيدا للغاية لمحمد بن زايد وأبوظبي بشكل عام".
وأشار التقرير إلى أن سياسة التهدئة التي انتهجتها الإمارات مؤخرا، بعد سنوات من إشعال ملفات ليبيا وحصار قطر والتورط في الحرب باليمن، أتاحت لـ"طحنون" تموضعا اقتصاديا وسياسيا جديدا في المنطقة.
فبعد أن التقى الشيخ "طحنون" بالرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" العام الماضي، اشترت المدينة العالمية للخدمات الإنسانية حصة 50% في شركة تركية للطاقة المتجددة.
وتجسد المدينة العالمية للخدمات الإنسانية طموح أبوظبي العالمي.
وقال الرئيس التنفيذي "سيد باسار شويب" في مقابلة في أغسطس/آب الماضي إن الشركة تخطط لاستثمار مليارات الدولارات في أسواق تشمل إندونيسيا وتركيا والهند، مستهدفة قطاعات مثل الغذاء والبنية التحتية والرعاية الصحية.
كما استثمرت الشركة ما يقرب من ملياري دولار في 3 شركات مملوكة للملياردير الهندي "جوتام أداني" بعد أن وقعت البلدان صفقة تجارية، بينما اشترت ADQ حصصًا في شركات مصرية رئيسية للمساعدة في دعم الاقتصاد المتعثر.
وقد تكون مجموعة 24 هي الرابط الأكثر مباشرة بين الأعمال والسلطة في أبوظبي.
فبعد تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، أصبحت شركة الذكاء الاصطناعي - التي يرأسها الشيخ "طحنون" - أول شركة إماراتية تفتح مكتبًا في دولة الاحتلال، ومنذ ذلك الحين أبرمت صفقات مع شركة "رافائيل" لأنظمة الدفاع المتقدمة المملوكة للدولة.