اقتصاد » فساد

المحسوبية توأم الفساد

في 2015/10/31

د. خالد عايد الجنفاوي- السياسة الكويتية-

خرجت المحسوبية مع الفساد من بطن واحد، ولربما سبقت الأولى توأمها بضع ثوان لكي توفر له بيئة حاضنة لا أزال أؤمن أن المحسوبية وأبناء وبنات عمها الشللية والمحاباة والتنفيع، هي التي تبث الفساد في أي مجتمع، حيث توفر له بيئة ينتعش فيها ويحيا. الفساد وحش مريض بطبيعته المشوهة، ولكن ما سيضخ فيه الحياة والحيوية هو ما يضطرم تحته من محسوبية فاسدة. لابد لأي حكومة تسعى لمكافحة الفساد أن تربط القول بالعمل، بهدف تحقيق الاصلاح الحقيقي وما سيعيق الاصلاح بكل أشكاله وأنواعه هو عدم نجاح بعض الحكومات في مكافحة المحسوبية ومظاهرها المختلفة. فلا يمكن لأي حكومة في عالم اليوم أن تنجح بشكل مناسب ما لم تقض على الأسباب الرئيسة لغياب أو ضعف مجتمع الكفاءة والجدارة، ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن يتحقق مجتمع الجدارة والكفاءة ما لم تضع الحكومات خطط وإجراءات معينة تكبح جماح المحسوبية القبلية والطائفية والطبقية والفئوية وتكافح إحباطها لأصحاب الكفاءة والمهارات من أبناء البلد. فكيف ببعض أصحاب الكفاءات أن يتغلبوا وحدهم على المحسوبية، وهي تمنعهم طوال الوقت من ربط آمالهم وتطلعاتهم الإيجابية في تحقيق النجاحات المستحقة في مجتمعهم؟ وكيف باليد الواحدة أن تصفق؟ يبدأ الاصلاح عن طريق وضع إجراءات فعالة وقوانين حاسمة تكافح بشكل فعال ظواهر تعارض المصالح الشخصية بهدف منح الفرص المناسبة لكل أعضاء المجتمع للتنافس في الجدارة على سطح حقول متساوية وعادلة.

المحسوبية توأم الفساد ولكنها كابوس أكثر رعباً منه، حيث تحطم خلال لحظات أمال وتطلعات أصحاب الكفاءات وتمنعهم عن ربط كفاءتهم ومؤهلاتهم ومهاراتهم الفطرية والمكتسبة بما يمكن لهم فعلاً تحقيقه من نجاحات في مجتمعهم. تعتبر المحسوبية مظلة كبيرة يتخفى تحتها مظاهر سلبية مشابهه لها: المنسوبية (محاباة الاقارب) ومحاباة الاصدقاء.

يشير الإصلاح الموجه ضد الفساد لأي مظلة من القوانين والاجراءات الحكومية والقيم الاجتماعية الايجابية التي تهدف لتكريس مجتمع الكفاءة والجدارة، حيث من المفترض أن يتنافس المواطنون المتساوون في الحقوق والواجبات والمسؤوليات الاجتماعية والوطنية بهدف تحقيق أقصى درجات النجاح الممكن في مجتمعاتهم، ولكن ما يمكن أن يمنع الإنسان الملتزم بأداء واجباته ومسؤولياته الوطنية عن تحقيق نجاحه المستحق هو بشكل أو بآخر معضلة تتحطم عليها آمال وتطلعات وأحلام كل ذوي الجدارة والكفاءة. للقضاء على الفساد جدير بداية استئصال ما يوفر له سياقاً مشوهاً للاستمرار في الحياة-المحسوبية.