اقتصاد » فساد

من يتحمل قروض الوافدين المبعدين؟

في 2015/11/03

الراي الكويتية-

تخيل نفسك جزءا من السيناريو التالي: تحصل على قرض وتسير العملية فيما يبدو بطريقة طبيعية، وفجأة تتعرّض للإبعاد لأنك كسرت الإشارة الحمراء. الخبر السيّئ ان حياتك ستنقلب رأساً على عقب، لكن هناك خبر جيد، أنك «افتكّيت» من القرض!

مناسبة هذا الحديث، تعود إلى صدور سلسلة من قرارات الإبعاد الإداري التي طالت اخيرا نحو 50 مقيما في اقل من اسبوع، حيث فتحت الاجراءات المتبعة بحق مبعدي الهوشات، نافذة في حائط اكبر من المخاوف من إمكانية ترحيل اي مقيم مهما كان عمله، فقط لمجرد انه «طاف» كاميرا سرعة المرور أو لانه خالف قانون الاقامة أو لانه شارك في هوشة سواء بالمساعدة او صدفة المكان الذي جمعته، او لانه اختلف مع كفيله وقرر الاخير انهاء اقامته بغض النظر عما اذا كان هذا الاجراء سليما ام لا، أو لانه حكم عليه في جنحة ما.

وامام هذه الاسباب وغيرها من اسباب الابعاد الإداري، يبرز السؤال حول الجهة التي سيكون عليها ان تتحمل سداد فاتورة تمويل التزامات المقيمين المبعدين من البلاد لاسباب إدارية؟

ومع ان قروض المقيمين لا تشكل نسبة تذكر من إجمالي القروض الشخصية البالغة 13 مليار دينار، ولا تشكل سوى نسبة ضئيلة من محفظة القروض الاستهلاكية البالغة نحو 1.1 مليار دينار، إلا أن المخاوف لدى الجهات التمويلية تبقى قائمة من تداعيات الابعاد الإداري للمقييمن التي تتم من دون معرفتها، خصوصا اذا كان عميلها المرحل لا يملك ما يقابل تغطية التزاماته لجهة الضمانات، حيث لن يبقى للبنوك ما يمكن ان تتحفظ عليه سوى سيارة متهالكة او اثاث غير صالح للاستخدام.

يجيب احد المصرفيين على سؤال «الراي»، بانه من حيث المبدأ لا تمنح البنوك قروضا مقسطة لغير الكويتيين، نظرا لان هذه الفئة من القروض يصل حدها الاقصى إلى 70 الف دينار، ويمكن ان يمتد سدادها إلى 15 عاما، فيما يحصر استخدامها على ثلاثة اغراض فقط وهي شراء او بناء أو ترميم المنزل، ما يجعلها محصورة في الغالب وموجهة للعملاء من المواطنين باعتبارها تحتاج إلى ضمان عقاري سواء أرض أو بناء، وهو امر غير متاح للوافد بحكم القوانين المحلية التي تمنع تملك غير الكويتيين الا في حالات استثنائية ومحدودة جدا.

ويضيف المصرفي ان حالات الديون غير المنتظمة التي يمكن ان تسجلها الجهات التمويلية بسبب ترحيل الوافدين عن البلاد تحدث فقط في محافظ تمويل القروض الاستهلاكية، فهذه النوعية من التمويلات يتم صرفها للعميل سواء من المواطنين أو المقيمين ما دام يستطيع تحويل راتبه الشهري للجهة التمويلية واحيانا يتم منح هذه النوعية من التمويل من دون حاجة إلى تحويل الراتب، حيث يتم الاكتفاء بتقديم العميل شهادة راتب من جهة العمل وشهادة تثبت انتظام راتبه.

وبعد دراسة مستفيضة لملاءة العميل التمويلية وقياس قدرته على السداد وفقا لتعليمات بنك الكويت المركزي، يتقرر صرف القرض بما ينسجم مع الحد الاعلى المقررة للتمويل الاستهلاكي ومع نسبة الاقساط المستقطعة شهريا من العميل المحددة بواقع 40 في المئة من دخل الموظفين و30 في المئة من دخل المتقاعدين، وفي هذه الحالة تعتمد البنوك على مستحقات نهاية خدمة العميل التي سيتم وقف صرفها للشخص حتى يحضر براءة الذمة وفي هذا الوقت يحصل البنك على حقه أو جزء منه.

لكن على أرض الواقع قد لا يكون للعميل مستحقات نهاية الخدمة وهو امر متوقع مع تنامي ظاهرة الشركات الوهمية وتفشي استخدام شهادات راتب مزورة أو لانه حديث التعيين، والأهم من ذلك ان المبعد يرى ان توقفه عن السداد يرجع لاعتبارات خارجة عن ارادته ومن ثم لا يمكن ملاحقته قضائيا عن تعرضه لكارثة هو غير مسؤول عن تحقيقها؟

مع هذه الحالات يبين المصرفي ان البنوك لا تستطيع فعل اي شيء سواء الانتظار 3 اشهر من توقف العميل عن السداد، وبعدها تتصل بالعميل حيث في الغالب ستجد تليفونه مغلقا، وامام ذلك ستقوم باتخاذ الاجراء التقليدي وهو اللجوء إلى الجهات القضائية، مع اخذ تدابيرها المحاسبية المتمثلة في بناء مخصصات مقابل الديون غير المنتظمة، ويضيف انه لا يوجد لدى البنوك تبويب معين لحالات التوقف عن السداد وما اذا كانت لاسباب خاصة للعميل او لاسباب خارجة عن ارادته، حيث يتعين وفقا للتعليمات الرقابية وشروط بناء المخصصات التوجه إلى القضاء بمجرد مرور فترة زمنية محددة من التوقف عن السداد، علما بان البنك سيكون مجبرا في حالة تحويل الملف إلى القضاء إلى بناء كامل المخصص على العميل طلقة واحدة، بعكس حالات التعثر التقليدية التي يقوم فيها البنك بالتدرج في بناءاحتياجاته من المخصصات.

لكن الا يحق للجهة التمويلية مطاردة العميل المرحل عبر الانتربول؟ يقول المصرفي، يصعب عقد امال عريضة على هذا الاجراء، فمن ناحية لا يمكن لهذا الجهاز الدولي ان يتحرك الا لاسترداد اشخاص عليهم مطالبات تمويلية كبرى لا تقل في الغالب عن 15 الف دينار، وحتى ان تحرك الانتربول سيكون على الجهة التمويلية دفع كلفة هذا الاجراء من مصاريف لهذا الجهاز من جهة ولمكتب المحاماة الذي سيتابع معه، وامام ضعف احتمالات تحصيل البنك لمستحقاته يفضل عدم تدويل القضية والعمل على بناء المخصصات المطلوبة.