د. وائل الحساوي- الراي الكويتية-
قال محدثي: هل تذكر وزير الاسكان الذي سرق اموالا كثيرة في الثمانينيات، ثم كانت ردة فعل الحكومة على تلك السرقة مجرد (تفلة) وطرد من الحكومة، ومنذ ذلك اليوم لم نسمع عن مسؤول حكومي تمت محاسبته أو معاقبته، فكيف تتوقع ان نصل الى مرحلة مكافحة الفساد.
قلت له: ولكننا قد انشأنا عدة مؤسسات لمحاربة الفساد تفوق ما هو موجود عالميا، مثل ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد ناهيك عن لجان حماية المال العام في مجلس الامة ولجان التحقيق في المجلس ونظام محاسبي دقيق ولجان مناقصات، ألا تكفي تلك الانظمة في ردع المجرمين وايقاف عجلة الفساد؟!
قال محدثي: المشكلة هي ان إرادة مكافحة الفساد غير متوفرة لاسيما ان المشرفين على الفساد والضالعين فيه يشعرون بانهم محميون ولا تصلهم عصا القانون، اما الصغار فهم ينظرون الى من فوقهم ثم يقولون: ما دام الكبار محميين ويسرقون المليارات من دون محاسبة، فإننا معذورون في ما نفعله!!
قلت له: لا اعتقد ان احدا من الكويتيين لايردد مثل هذا الكلام يوميا، بل إنه حديث الدواوين المستمر، ولكن ماذا نفعل إن كان الكبار لا يريدون فعل شي لإ يقاف هذا الفساد؟! وقد يكونون معذورين لعدم قدرتهم على التصدي لنفوذ الكبار وسطوتهم، والحقيقة ان الفساد لم يبدأ بوزير الاسكان الذي ذكرته، ولكن ألا تذكر بعض المتنفذين الذين احاطوا الأماكن العامة ببراميل ثم قسموها اراضٍ وباعوها، وآخرين كانوا يأكون حقوق الناس ويصادرون بيوتهم ظلما وعدوانا، وآخرين كانوا ينفقون من أموال الحكومة على ملذاتهم وشهواتهم من دون ان يحاسبهم احد، وآخرين.....
قال محدثي: أما قولك بانهم معذرون لعدم التصدي للفساد فهو قمة الذل والهوان، وكان الواجب هو ان يتنحوا عن مناصبهم ان كانوا عاجزين عن التصدي للفساد، واما تذكيرك بأفعال القدماء، فإنه لم ينته ولم يتوقف لكي ننساه، بل اصبح شائعا عند الناس اليوم بانه في كل عقد بين الحكومة واحدى شركات الاستثمار او التعمير توجد صفقة غير مرئية يستفيد منها سماسرة كبار!!
بل ان مجلس الامة الذي من المفترض انه يمثل الشعب ويتكلم باسمه تجد فيه اسماء العديد من الحرامية الذين لم يدخلوا المجلس الا من اجل الحصول على المناقصات المليارية، ومن المفارقات ان اسماء هؤلاء النواب وحجم سرقاتهم قد تم نشرها في كل مواقع التواصل الاجتماعي سابقا وقد تضمنت لجان التحقيق البرلمانية اسماءهم مرارا، ولكن مع هذا نراهم يتكلمون بكل بجاحة حول ضرورة حماية المال العام، بل ويرأسون لجان حماية المال العام وكأنهم يحسبون الناس غافلين عن تاريخهم الأسود وسرقاتهم!!
هل نلقي باللوم على الحكومة التي لم توقفهم عند حدهم ام على الشعب الذي يعيد انتخابهم في كل مرة - بالطبع بسبب شراء الاصوات والذمم؟!
نحن ندرك بأن الفساد منتشر في كل المجتمعات البشرية، ولكن الكويت تتميز على كثير من المجتمعات بسبب توافر الاموال الكثيرة وضعف الارادة السياسية عن التصدي للفساد!!
قد يسكت الشعب اليوم ويتجاوز عن مظاهر الفساد رغبة في لم الصف وعدم اثارة المشاكل، ولكن ماذا لو وجدنا انفسنا محاطين بالمشاكل الكبيرة والعجز عن دفع الرواتب او تحقيق ادنى مستويات العيش، فهل نستطيع كبح جماح الشباب عن التذمر وتكرار ما فعلته المعارضة سابقاً؟!