اقتصاد » فساد

ستستمر حليمة في عادتها القديمة!

في 2015/12/02

إبراهيم أديب العوضي - الراي الكويتية-

نشرت جريدة «الأنباء» الكويتية يوم الخميس الماضي خبراً على لسان مصدر مطلع يذكر فيه أن هناك أعداداً كبيرة جداً تفوق ألفي موظف في وزارة الأشغال لم يلتزموا بالدوام منذ أشهر عدة، وأن الوزارة تتجه إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال ذلك.

بداية نود أن نقول للمصدر المطلع، إنه وإن كانت الوزارة ستقوم باتخاذ الإجراءات القانونية حيال ذلك، فالأولى بالوزارة أن تحاسب أولا مسؤولي هؤلاء الموظفين (النايمين) الذين يعلمون عن قصد، أو حتى عن حسن نية (أتمنى ذلك!)، لأن الموظفين الذين يعملون تحت مظلتهم الإشرافية غائبون عن العمل منذ أشهر عدة، كما يدعي المصدر المطلع، من دون أن يتخذوا الإجراء اللازم، فليس من باب أولى يا (مُطلع) أن تحاسب هؤلاء المسؤولين بدلاً من الموظفين؟

كما أود أن أبشر المصدر المُطلع، الذي صحا من النوم فجأة ومن دون سابق إنذار، أن التسيب وعدم الالتزام بأوقات العمل، ليس فقط في وزارة الأشغال، بل إنه ممتد ليشمل جميع جهات الدولة بمختلف مستوياتها ومسؤولياتها، ولا نحتاج إلى دليل سوى قيامه بجولة بسيطة في أروقة هذه الجهات، بل إن الأدهى والأمر، أن حديثي التخرج من الطامحين في الحصول على الوظيفة الحكومية، ولا أشمل هنا الجميع، تكون الرغبة لديهم في الجهات التي لا توجد بها بصمة أو التي يعلمون أنه بمجرد صدور قرار توظيفهم، فإنهم سيدعون إلى المكوث في منازلهم بإيعاز من المسؤولين حتى إشعار آخر!

المضحك حقاً، أن كثيراً من الموظفين يتمتعون بدهاء وذكاء خارق، فحتى نظام البصمة لم يسلم منهم! فالجميع سمع خلال الأيام الماضية حادثة قيام موظفين بالتلاعب على نظام البصمة من خلال وضع نماذج بصماتهم على ورق شفاف بلاستيكي ليقوم موظف الأمن بتسجيل حضورهم نيابة عنهم يومياً، بينما هم غارقون في سباتهم العميق! فعليهم ستون ألف عافية، لأنه ببساطة من أمن العقوبة أساء الأدب!

وإذا كان المصدر المُطلع مهتماً و(مشتطاً) بمدى التزام الموظفين بساعات العمل، فأتمنى أيضاً أن يهتم بإنتاجية جميع موظفي مؤسسات الدولة ووزاراتها المختلفة ومدى قيامهم بدورهم في إتمام وإنجاز معاملاتها ومعاملات المواطنين (الغلابة)، وأن يسأل نفسه كم موظفٍ يحضر لعمله ليعود بعدها إلى منزله، من دون أن يمسك قلماً أو يضع أصابعه على جهاز الكمبيوتر أو يكلف نفسه القيام بواجباته والتزاماته تجاه عمله؟

المسألة أكبر من المصدر المُطلع بكثير، فالمنظومة الوظيفية بالدولة «عوية»، كما يقال في العامية. لقد كفل الدستور وفي مادته الواحدة والأربعين للكويتي الحق في العمل وفي اختيار نوعه وأوجب على الدولة توفير الوظيفة للمواطنين، ومن باب «ولا تقربوا الصلاة» فإن المادة ذاتها أضافت فقرة: وعلى عدالة شروطه.

وعندما نتحدث عن عدالة الشروط، فالأصل اختيار الكفاءات اللازمة لشغل المناصب الوظيفية، أخذاً بعين الاعتبار الجانب الأخلاقي في الالتزام بأوقات العمل والمهام الوظيفية، بدلاً من تحقيق الشرط الأساسي في التوظيف وهو الواسطة، والعدالة المطلقة كذلك، تلزم ببساطة تطبيق مبدأ الثواب والعقاب بحذافيره في تقييم الموظفين، أما أن تستمر سياسات كالترقية بالأقدمية والعلاوات الوظيفية الطوعية وغيرها من الأنظمة البالية في الإدارة، «فلا طبنا ولا غدا شرنا»، وبتحريف بسيط عن المثل المشهور نقول «ستستمر حليمة في عادتها القديمة!».