فاينانشيال تايمز- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
يجب أن تتسارع وتيرة الإصلاح في المملكة العربية السعودية لتجنب »التدهور الاقتصادي السريع على مدى السنوات الـ15 المقبلة»، وفقا لما جاء في تقرير يسلط الضوء على تأثير هبوط أسعار النفط على الأوضاع المالية في المملكة. تقرير معهد «ماكينزي»، وهو واحد من عدد من الخبراء الاستشاريين الذين عينتهم المملكة لتقديم المشورة بشأن الإصلاح، دعا الرياض إلى مضاعفة معدل خلق الوظائف بمعدل 3 أضعاف المستويات الحالية من أجل مواجهة التضاعف المتوقع في حجم سوق العمالة والمرجح أن يصل إلى 10 ملايين بحلول عام 2030. وحذر التقرير من أنه حتى لو جمدت المملكة إنفاقها، وحدت من عدد العمال الأجانب، فإن البطالة سوف تتضاعف 3 مرات وصولا إلى نسبة 22% وسوف يتقلص متوسط دخل الأسرة بمعدل الخمس وصولا إلى 3 آلاف دولار شهريا في حال عدم تطبيق إصلاحات حقيقية.
«نحن ندعوهم لوقف الاعتماد على النفط والشروع في تغييرات كبيرة»، وفقا لـ«جوناثان ووتزل»، وهو مدير معهد «ماكينزي» العالمي والمؤلف الرئيسي للتقرير. «واقع التضخم الديموغرافي وسوق الطاقة الأكثر تنافسية قد صارا بمثابة حقائق واقعة».
المقترحات، التي يتبناها نائب ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، تشمل إصلاحا جذريا للعقد الاجتماعي بين السعوديين والأسرة الحاكمة، والذي يضمن تقليديا توفير الرفاه من المهد إلى اللحد وتوفير فرص العمل، في مقابل ضمان الولاء السياسي. وقد تم تهديد هذا العقد الضمني من قبل تراجع أسعار النفط من أكثر من 100 دولار للبرميل منتصف عام 2014 إلى أقل من 40 دولارا للبرميل في الوقت الحالي.
وخلص التقرير إلى أنه في حال عدم اتخاذ الحكومة تدابير إصلاحية، فإن العائدات الحكومية سوف تشهد تدهورا حادا. وسوف تتحول الفوائض المالية المقدرة بـ100% من الناتج المحلي الإجمالي إلى ديون صافية تقدر بـ140% من الناتج الإجمالي، حتى في حال تجميد النفقات من حيث القيمة الإسمية.
ومن المتوقع القيام بإجراء بعض الإصلاحات الاقتصادية في يناير/كانون الثاني، بما في ذلك تخفيض دعم الطاقة وخصخصة صناعات مملوكة للدولة. وقد قررت الحكومة بالفعل تقليص 80 مليار دولار من خطط الإنفاق العام، وكلفت المستشارين مثل «ماكنزي» بتقديم المشورة بشأن الإصلاحات.
ووضعت الشركة التي يقع مقرها في الولايات المتحدة خطوطا عامة «للفرص القائمة في تطبيق التحويل في الاقتصاد السعودي» من خلال تسارع نمو الإنتاجية في القطاعات غير النفطية إضافة إلى استثمارات بقيمة 4 تريلليونات دولار. وقد شهدت إنتاجية القطاع الخاص غير النفطي قفزة ملحوظة خلال العقد الماضي، ولكن الأمر لا يزال دون القدر والمستوى المطلوب.
وفي ظل هذا السيناريو، فإن البطالة يجب أن تنخفض إلى 7%، في حين ترتفع نسبة الإيرادات غير النفطية من 10% من الإيرادات الحكومية إلى 70 في المائة. وتشمل القطاعات المرشحة لتحسين أداء الاقتصاد كل من التعدين والبتروكيماويات والصناعات التحويلية وتجارة التجزئة والسياحة والرعاية الصحية والتمويل والبناء.
سوف ترتفع المشاركة السعودية في القوى العاملة أيضا من 41 في المائة إلى 60 في المائة، في حين ستنخفض نسبة من الوظائف التي يشغلها الأجانب من 55 في المائة إلى 26 في المائة. كما سترتفع نسبة النساء العاملات من 18 في المائة إلى 45 في المائة، وذلك تمشيا مع الاقتصاديات الناشئة الأخرى لمجموعة العشرين.
ولكن ذلك يتطلب أيضا تحسين المعايير التعليمية. على الرغم من إنفاق ربع الميزانية على التعليم، فإن الأداء الأكاديمي السعودي يظل أقل من المعدلات العالمية.
«ينصب تركيزنا هنا على ما يعرف بالتعليم من أجل العمل، كيف يمكن أن نجعل الروابط أكثر وضوحا بين التعليم والعمل» وفقا لـ«ووتزل».
و على الرغم من أن التقرير لم يتطرق إلى السياسة، فقد اعترف السيد «ووتزل» أن التغييرات قد تتطلب عدا اجتماعيا جديدا. يجب على السعوديين أن يعملوا بشكل أكثر جدية في القطاع الخاص على وجه الخصوص. كما يجب على القطاع العام أن يقدم الخدمات بشكل أكثر كفاءة.
«تتطلب المشاركة المنتجة قدرا أكبر من الشفافية بين الحكومة والمواطن» ، ولكن يظل السؤال الأبرز هو كيف يمكن أن يتم إدارة ذلك، وفقا لقوله.