اقتصاد » فساد

صحف أجنبية ترصد تداعيات ميزانية 2016 للملكة والمسكوت عنه في الصحف المحلية

في 2015/12/30

شؤون خليجية-

على عكس صحف محلية سعودية أكدت اتجاه المملكة إلى كفاءة الإنفاق وتقليل الآثار السلبية على المواطنين، بمنطق أن كل شيء "تحت السيطرة"، والقدرة على تخطي عجز ميزانية 2016 بأقل الخسائر، حذرت صحف أجنبية من تداعيات خطيرة على العلاقة بين السلطة والحكومة وبين المواطنين، مع صعوبة احتواء غضب الشارع بتقليص الدعم عن أرخص سعر نفط اعتادوه ببيئة إقليمية محتقنة، وصعوبة إمكانية الاستمرار في سياسية رفض تخفيض الكمية المنتجة من النفط لتركيع الخصوم، وخدمة الحلف الأمريكي، ما نجم عنه عواقب مقلقة للغاية بشأن الاحتياطيات السعودية من النقد الأجنبي والعملة الوطنية.

أزمة العملة الوطنية-الريال السعودي

اهتمت صحيفة ديلي تليغراف بإعلان تسجيل الميزانية السعودية انخفاضا قياسيا خلال عام 2015 بسبب التراجع الحاد في أسعار النفط.

ونقلت الصحيفة تحذير خالد السويلم مدير عام الاستثمار السابق بمؤسسة النقد العربي السعودي من أن الرياض قد تضطر إلى التخلي عن ربط الريال بالدولار مع الانخفاض الشديد الذي تشهده أسعار النفط.

وتعد أولى تداعيات الميزانية الجديدة الخطيرة على العملة المحلية.

وقال السويلم في تصريحات للتليغراف "إن عواقب اتخاذ مثل تلك الخطوة ستكون درامية"، مضيفا أنه مع تواصل انخفاض الاحتياطي الأجنبي "لن يكون هناك بد من ذلك"، على حد قوله.

وتأتي التحذيرات في الوقت الذي أعلنت وزارة المالية السعودية بلوغ العجز نحو 98 مليار دولار وهو الأكبر في تاريخ المملكة.

سياسية تركيع الخصوم

هل تتراجع الرياض عن سياسية تركيع الخصوم حيث انتقد السويلم الخبير بمعهد كينيدي بجامعة هارفارد الاستراتيجية التي تتبعها السعودية بإغراق الأسواق بالنفط بأسعار منخفضة مقارنة بمنافسيها مشددا على أنها لن تحقق النتائج التي يرجوها المتفائلون الذين يأملون في تكرار سيناريو الثمانينات من القرن الماضي حين اتبعت الرياض الاستراتيجية نفسها حتى امتلكت زمام الأسواق وبدأت الأسعار في التعافي.

وأضاف أن السعودية تدفع ثمن عدم إنشاء صناديق سيادية ملائمة وهي الصناديق المسؤولة عن إدارة الثروات والاحتياطات المالية للحكومات على غرار ما حدث في النرويج والإمارات.

من يكتوي بنار أسعار النفط؟

يرى مراقبون أن المثير للقلق استمرار سياسة نفس الحصص الإنتاجية من السعودية وانخفاض الأسعار نتجية ذلك بتوقيت تتزايد فيه نفقاتها العسكرية في اليمن وسوريا ونفاقتها الأمنية، حيث حذرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها: إن السعودية التي تواجه ضغوطا بسبب انخفاض أسعار النفط والحروب المكلفة في الشرق الأوسط، أعلنت أمس عن تخفيض حاد في ميزانية 2016م من أجل السيطرة على العجز المتفاقم الذي يستنزف بشكل مستمر الاحتياطيات المالية بالمملكة.

وأشارت الصحيفة إلى "أن بعض أنواع البنزين المحلي في السعودية يصل ارتفاعها إلى 50% وهو ارتفاع من المحتمل أن يكون مثيراً للقلق في بلد لا يوجد فيه وسائل نقل جماعي والسيارات هي وسيلة النقل الأساسية الضرورية".

النفط الإيراني والحروب

وقالت الصحيفة أن "أسعار النفط انخفضت بشكل كبير هذا العام بسبب انخفاض الطلب العالمي والمنافسة الشديدة بين المنتجين ومن بينهم السعودية للحفاظ على حصصهم في السوق، وتحدثت عن أن المنافسة في السوق قد تزداد لأن إيران قد تصبح حرة في بيع نفطها بعد رفع العقوبات عنها بموجب الاتفاق النووي مع القوى العظمى".

هل الرياض في مأزق ؟ سؤال مطروح لأنه "بالتزامن مع انخفاض عائدات المملكة، زادت السعودية من إنفاقها العسكري وتمويل الثوار في سوريا والتدخل عسكريا في اليمن ضد المتمردين الحوثيين منذ مارس الماضي".

وذكرت أن السعودية تنفق أكثر مما تجمع، ووفقا لبعض التقديرات فإن الاحتياطي النقدي الأجنبي لديها  والذي يبلغ الآن نحو 640 مليار دولار، قد ينتهي في 2020م إذا لم تقلص بشكل عميق الإنفاق أو إذا لم تحدث زيادة كبيرة في أسعار النفط أو كلاهما مهما.

السعودية إذن تواجه أزمات مركبة فهي بحاجة لزيادة الإيرادات لمواكبة النفقات العسكرية والأمنية المتزايدة وبالوقت نفسه تحتاج إضعاف الاقتصاد الإيراني بتقليل مكاسب طهران من بدء تدفق النفط الإيراني بعد رفع العقوبات.

تنامي السخط الشعبي

ليست فقط المخاطر المترتبة على تقليص الدعم وعجز الميزانية اقتصادية فحسب بل إنها أبعاد سياسية قد تؤدي لحالة من السخط الشعبي حيث قالت شبكة "بلومبرج" الأمريكية: إنه في ظل مواجهة السعودية لانخفاض أسعار النفط وتصاعد الاضطراب الإقليمي، قررت الحكومة خفض دعم الطاقة وتوجيه الجزء الأكبر من إنفاقها العام المقبل على الدفاع والأمن.

وأشارت إلى أن السلطات أعلنت عن زيادة أسعار الوقود والكهرباء والمياه، كجزء من خطة لإعادة هيكلة الدعم في غضون 5 سنوات.وأن الحكومة تتجه لخفض الإنفاق العام المقبل، والخصخصة التدريجية لبعض المؤسسات المملوكة للدولة، وفرض ضريبة القيمة المضافة، فضلًا عن فرض ضريبة على التبغ.

إنهاء حقبة المال المجاني

وتحدثت عن أن "أكبر عملية تغيير في السياسة الاقتصادية السعودية في التاريخ الحديث، تزامنت مع تنامي الاضطراب الإقليمي بما في ذلك الحرب باليمن، حيث يقاتل التحالف الذي تقوده السعودية المتمردين الشيعة المدعومين من إيران.وذكرت أنه وفي محاولة لتقليص الاعتماد على النفط، تسعى المملكة لإنهاء اعتماد السكان على المساعدات الحكومية، وهو التحرك الذي اعتبره محللون سياسيون أمرًا خطيرًا بعد ثورات الربيع العربي في 2011م، التي اجتاحت أجزاء من الشرق الأوسط".

واعتبر "غانم نسيبه" مؤسس شركة "كورنرستون جلوبال أسوشيتس" الاستشارية ومقرها لندن، أن ما حدث يمثل البداية لإنهاء حقبة المال المجاني، مشيرًا إلى أن المجتمع السعودي عليه أن يعتاد على أسلوب جديد للعمل مع الحكومة، فهذه دعوة للاستيقاظ للمجتمع السعودي والحكومة بأن الأمور تتغير.

خطورة الإصلاحات الجذرية

في سياق متصل حذرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، من أن أي إصلاحات جذرية فيما يتعلق بالعقد الاجتماعي بين المواطنين السعوديين والأسرة الحاكمة، تهدد بوقوع خلاف ونزاع، في وقت تواجه فيه المملكة تهديدًا من قبل مجموعات إسلامية متشددة مثل "داعش".

وتحدثت الصحيفة عن أن برنامج الإصلاح والتقشف في المملكة هو رد فعل للعقد الماضي، الذي شهد إنفاقًا مسرفًا، وهو الأمر الذي أثار القلق بين قطاعات في مجتمع الأعمال والاستثمار بالمملكة، التي تعاني بالفعل من تخفيضات العام الجاري، أدت إلى تأخير واسع في المستحقات من قبل الحكومة السعودية.

هل تراجع السعودية سياسة خفض الأسعار صرحت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير لها: بإن انخفاض أسعار النفط يحرم الدول المصدرة للنفط من مئات المليارات من الدولارات، مما يضع بعض خصوم الولايات المتحدة تحت مزيد من الضغوط.