أ. د. عبداللطيف بن نخي- الراي الكويتية-
أبلغنا الدكتور عدنان وأكد بأن ترشيد استهلاك الكهرباء في المباني السكنية بالكويت لن يتحقق إلا بعد زيادة تكلفة الكهرباء على المواطن. وكان ذلك أثناء احدى محاضراته ضمن مقرر حفظ الطاقة في المباني في كلية الهندسة والبترول بجامعة الكويت قبل ثلاثين عاما تقريباً.
أنا شخصيا اقتنعت بكلام الدكتور أؤكد بل وانني أحببت تخصص حفظ الطاقة في المباني، ولذلك حرصت على أن أنمي معلوماتي ومهاراتي في مجال ترشيد استهلاك الكهرباء من خلال المشاريع التي كنت أشارك في تصميمها في إدارة المشاريع التابعة لبلدية الكويت، وأيضا أثناء دراستي للحصول على شهادتي الماجستير والدكتوراه.
في السنة الأخيرة من دراستي للدكتوراه كنت أخطط لفتح مكتب هندسي لتقديم الاستشارات حول الأداء الحراري للمباني وكيفية بنائها لتستهلك الكهرباء بكميات ومعدلات أقل من نظيراتها ولكن من غير الإضرار براحة شاغليها بل مع زيادة راحتهم الحرارية.
ولغاية اليوم، لم تتغيّر تسعيرة الكهرباء بل انها في الواقع خفّضت إذا ما أخذنا بعين الاعتبار هبوط القدرة الشرائية للدينار الكويتي ومضاعفة رواتب الموظفين ومداخيل المواطنين خلال فترة الثلاثين عاماً. ولذلك قفز مستوى الرفاهية في بيوتنا، فأسقفها علت ونوافذها اتسعت وإنارتها تضاعفت وأجهزتها الكهربائية تكاثرت. والأهم من كل ما سبق هو واقع التكييف، فتجد أن جميع الغرف تكيف على مدار الوقت وإن كانت مهجورة، فضلا عن شدة البرودة المنشودة حيث معظمنا اعتاد أن ينام ظهيرة منتصف فصل الصيف وهو مغطى ببطانية !
هذه الأيام، وبعد تسريبات من الحكومة بشأن زيادة سعر الكهرباء، يدور حوار بين المواطنين بشأن حق الحكومة في تخفيض الدعومات عن الطاقة. وهناك من يرى بوجوب ذلك لتعزيز جهود ترشيد استهلاك الطاقة وحفظ البترول من النضوب كونه المورد الرئيس لاقتصادنا وتخفيف التلوث الصادر من انتاج البترول ومن حرق مشتقاته في محطات توليد الكهرباء وتخفيف العبء عن ميزانية الدولة. وفي المقابل هناك من يرفض الفكرة لأنه يرى بأنها ستضر بمحدودي الدخل وإن تم استثناؤه كشريحة من تغيير أسعار الطاقة، لأنه سيتأثر بارتفاع أسعار خدمات ومنتجات مرتبطة بأسعار الطاقة. كما أن هناك من يرى بأن التوفير في مصروفات الدولة من خلال مكافحة الفساد أولى وأجدى - في تعزيز الميزانية - من تقليل الدعم عن المواطنين.
خلال السنوات الأخيرة حضرت وشاركت في العديد من المؤتمرات وحلقات النقاش وورش العمل المعنية باستهلاك الطاقة في دول الخليج وتحديدا الكويت، وطرح في العديد منها فكرة تقليل أو الغاء الدعم الحكومي لاستهلاك الطاقة من (كهرباء وماء الذي انتاجه مرتبط بإنتاج الكهرباء) ووقود، بشرط ألا تودع هذه المبالغ - التي يتم توفيرها - في حساب الحكومة بل توزع على المواطنين فقط. وبذلك المواطن سيلجأ إلى الترشيد في استهلاك الطاقة بسبب ارتفاع تكلفتها عليه ولأنه المستفيد المباشر منه... وهذه فكرة مني إلى أعضاء مجلس الأمة.