اقتصاد » فساد

هل نجحت مؤسسات مكافحة الفساد بالخليج في ردع وملاحقة الفاسدين؟

في 2016/01/19

شدوى الصلاح- شؤون خليجية -

لم يلمس المواطن الخليجي حتى اليوم دورا حقيقيا لما تسمى بهيئات مكافحة الفساد المسند لها عدة مهام على رأسها رصد الفساد وإحالة المخالفات والتجاوزات المتعلقة عند اكتشافها إلى الجهات الرقابية أو جهات التحقيق، فلا تزال مؤشرات الفساد في دول الخليج في تصاعد مستمر ما ينم على أن الفساد بدول الخليج مترسخ ومتروك بلا مكافحة، ولا يزال الفساد في الجهاز الإداري بمختلف تخصصاته، ولا تزال فئة بعينها بعيدة عن الأنظار والمحاسبة.

الهيئة السعودية "ساعي بريد"

تلاحق الانتقادات هيئة مكافحة الفساد بالسعودية المعروفة بـ"نزاهة" حيث غلب مصطلح "التواجد" على تقريرها، المقدم إلى مجلس الشورى، ما دفع المجلس لانتقاده ووصفه بالسردي، فضلا عن وقوع الهيئة في تناقض بين التأكيد على حضورها وشكواها من عدم استشعارها الجدية في مكافحة الفساد.

من جهته، اتهم عضو المجلس الدكتور عيسى الغيث، الهيئة بأنها ساعي بريد بين المبلغ والجهة المبلغ عنها.

وتساءل مجلس الشورى عن جدوى بحث اعتمدت عليه "نزاهة"، أجرته بالتعاون مع معهد الإدارة العامة بعنوان "واقع الفساد الإداري في الأجهزة الحكومية وجهود التغلب عليه"، أشارت فيه إلى أن إدارات المراجعة الداخلية في الجهات الحكومية لم تفعّل للقيام بعملها بالشكل المطلوب.

ولفت المجلس إلى أن تقرير الهيئة، يشير إلى أن أهم ما تحقق من أهداف الهيئة، هو "تواجد" الهيئة، وحضورها في أذهان المسؤولين والمواطنين والمتعاملين مع الجهات الحكومية واستشعارهم لجدية الدولة.

وقال المجلس في رده على الهيئة: "نتفهم ما ورد في تقاريركم من ضرورة التأكيد على الإسراع في البت في قضايا الفساد، وذلك تنفيذا لما نصت عليه الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد من سرعة البت في قضايا الفساد، لأهمية ذلك في ردع الفاسدين، وإعلان هيبة الدولة وسلطتها، وتأكيد عزمها على مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين".

تقارير خالية من الإحصاءات الدقيقة

وأشارت الهيئة في تقريرها المرفوع لمجلس الشورى إلى الطلب بسرعة تخصيص دوائر للتحقيق في القضايا المتعلقة بالفساد، غير أنه ظهر للجنة، التي اطلعت على تقرير نزاهة، أنه اشتمل على سرد للقضايا المتعلقة بالفساد دون تضمين التقرير المرفوع معلومات إحصائية دقيقة حول جرائم الفساد في المملكة، أو بيانات واضحة حول ما آلت إليه الإجراءات في هذه القضايا، كما لم يتبين للجنة الخاصة في المجلس، أن الهيئة قامت بإنشاء قاعدة بيانات في هذا الشأن.

وأكد المجلس أن من اختصاصات الهيئة تلقي التقارير والإحصاءات الدورية من الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة، وفق ما تطلبه الهيئة ودراستها، وإعداد البيانات التحليلية بشأنها، واتخاذ ما يلزم حيالها.

كما تنص إحدى مواد اختصاصات الهيئة أن نزاهة مسؤولة عن "جمع المعلومات والبيانات والإحصاءات المتعلقة بالفساد وتصنيفها وتحليلها.

وسبق أن وجه أعضاء مجلس الشورى السعودي في سبتمبر من العام الماضي، انتقادات ساخنة إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة"، مشيرين إلى ارتفاع عدد الجهات غير المتعاونة مع الهيئة إلى 16 جهة العام الماضي، بعد أن كانت تسع جهات في العام الذي قبله.

وأشار الأعضاء في مداخلاتهم خلال جلسة المجلس أمس إلى أن الأرقام التي تتحدث عن انخفاض البلاغات التي تلقتها الهيئة مقارنة بالعام السابق، لا تعد دليلا على انخفاض جرائم الفساد، بل قد تعكس حالة الإحباط التي وصل إليها المواطن من قدرة الهيئة على التحقيق في بلاغه.

7 آلاف قضية فساد في 4 أعوام

وأمام كم النقد النيابي الموجه للهيئة، فقد أعلنت الهيئة في تقرير لها أن تدني مستوى الخدمات والمشروعات رصد النسبة الأعلى من قضايا الفساد في المملكة من خلال 3985 قضية باشرتها واقع 58%، بينما باشرت الهيئة 2337 قضية فساد مالي وإداري بواقع 34%، أما الفساد المختص بالقصور في أنظمة إجراءات العمل فقد حصد 583 قضية بنسبة 8%.

وبحسب تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد فإنها تعاملت مع 22035 بلاغا على مدى أربعة أعوام عن طريق خمس قنوات وهي البريد العادي والبرقية والفاكس والحضور الشخصي والموقع الإلكتروني للهيئة، منها 6905 بلاغات مشمول باختصاصات الهيئة، و15130 بلاغا غير مشمول باختصاصات الهيئة.

هيئة الفساد بالكويت "معيبة"

ولم يختلف حال هيئات مكافحة الفساد كثيرا في الكويت عنه في السعودية، فقد أبطلت المحكمة الدستورية الكويتية أواخر ديسمبر من العام الماضي، مرسوم قانون إنشاء هيئة مكافحة الفساد الصادر في نوفمبر2012، الأمر الذي أدى إلى قيام مجلس الوزراء الكويتي بسحب المراسيم الصادرة بشأن الهيئة.

وشمل الأمر العاملين في المحكمة ولائحة قانونها التنفيذي، إضافة إلى سحب جميع قرارات إنهاء الخدمة والنقل لمن أنهيت خدماتهم أو تم نقلهم من الجهات الحكومية والخاصة بالهيئة.

وسبق أن وصف النائب الكويتي السابق المحامي محمد الدلال، قانون "هيئة مكافحة الفساد" بالمعيب والقاصر وأنه "ولد مشوهًا" بأيدي حكومية من أجل أن تبقى الحكومة بعيدة عن المراقبة الحقيقية وسيكشف الزمن زيف هذا القانون خاصة في ظل هيئة فاقدة للاستقلالية تماما.

وقال "الدلال"، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "تصريحات وبهرجة إعلامية بسبب تقديم عدد من المسؤولين في الدولةً كشوف بذممهم المالية!! ونقول لمن قد يخفي عليه الأمر بأن قانون هيئة مكافحة الفساد معيب وقاصر والهيئة فاقدة للاستقلالية تمامًا! فمن يرشح مجلس أمناء الهيئة وزير العدل! ومن يعتمد اللائحة التنفيذية لقانون هيئة مكافحة الفساد مجلس الوزراء! يعني أن هيئة أسواق المال لديهم صلاحيات أفضل من هيئة مكافحة الفساد فمجلس مفوضي أسواق المال يضعون ويغيرون لائحتها التنفيذية بإرادتهم وليس بإرادة مجلس الوزراء كما هو الحال مع هيئة مكافحة الفساد".

وأضاف: "بحسبة بسيطة فإن الحكومة التي هي السبب والمسبب الرئيسي لتعاظم الفساد بما أثبتته منظمات دولية وأخرى محلية هي من أقرت قانون الهيئة بمرسوم ضرورة حتى لا تشرك مجلس الأمة في صياغة القانون فتضع به ما تشاء! وهي التي تقوم بتعيين مجلس أمناء الهيئة! وهي التي تعتمد اللائحة التنفيذية للهيئة !".

قطر الأولى في مكافحة الفساد

يبدو أن الأمر مختلف في قطر، حيث احتلت "قطر" المركز الأول على مستوى الدول العربية في مكافحة الفساد الإداري، بحسب تقرير تنافسية الاقتصاد العربي لعام 2016  الصادر عن  صندوق النقد العربي.

وقال التقرير الصادر أمس الأول، إن "قطر تصدرت المؤشر الذي  يركز على مدى ممارسة الأفراد في السلطة العامة تحقيق مكاسب خاصة، ومدى تفشي الفساد الإداري داخل السلطة القضائية، وكذلك كل أشكال الفساد التي تعيق تنفيذ الأعمال بجانب قياس جدية الدولة في مكافحة الفساد.

وأرجع التقرير المركز المتقدم الذي حققته الدوحة إلى الجهود الحكومية التي تمثلت في تأسيس مركز حكم القانون ومكافحة الفساد، مشيرًا إلى أن المركز في التوعية وبناء الشراكات في نشر الوعي المعرفي بأطر مكافحة الفساد الإداري.