طلال عبدالكريم العرب - القبس الكويتية-
لا نفهم لماذا هذه الضجة القائمة ضد التوجه الرسمي لترشيد الإنفاق؟ ولماذا التخوّف والتخويف منه؟ ولماذا هذه الرهبة الحكومية المسيطرة عليها المكبلة ليديها من ترشيد انفاق يحمي البلد من مستقبل مالي غامض لا أحد يعرف الى أين مآله؟
ترشيد الانفاق كان يجب أن ينفّذ حتى قبل انهيار أسعار النفط بسنوات طويلة، كان على الحكومة أخذ زمام المبادرة وسن قوانين صارمة تحد من الهدر الظالم لمداخيل البلد على كماليات وشراء ولائات، تبيّن أنها ذهبت أدراج الرياح ولم تؤت. أُكلها.
ترشيد الإنفاق مهمة ملقاة على عاتق السلطة التنفيذية، لأنه توجه غير شعبي، فلا أحد يرغب في شد الأحزمة وفرض الرسوم وترشيد الانفاق، لهذا فيجب أن تبتعد الحكومة عن محاولاتها العقيمة لاقناع النواب بسياسة الترشيد، والسبب معروف، فمعظمهم ينظر الى الترشيد نظرة سلبية تتعارض مع مصالح البلد العليا، ولهذا نسمعهم يكثرون من دغدغة مشاعر المواطنين، باعتبارهم المدافعين عن مكتسباته، أما حقيقة الأمر فإحدى أعينهم ترنو الى مقاعدهم الخضراء الوثيرة، والأخرى تتوسل ناخبيهم الذين أجلسوهم عليها، ولهذا فنحن نرى أنها مضيعة للوقت بالهرولة وراء النواب واسترضائهم في سياسة تقشفية لن ترضيهم ولن ترضي ناخبيهم، خصوصا أن بعضهم أنفق أموالا طائلة للفوز بمقعد سيعوضه وسيغنيه.
الحكومة بحاجة الى قلب أسد وشجاعة خالد بن الوليد.. التردد الحكومي سيضيع على البلد معالجة الوضع في وقته المناسب، والركون الى مبدأ «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»، ثقافة عفا عليها الزمن.. التردد والرهبة من ردود أفعال النواب أضاعا على الكويت فرصا استثمارية مجزية، فلا تكرروا هذا النهج، فاعقلوها وتوكلوا على الله، أما رضاء المواطن فغاية من الصعب ادراكها، ولكن من السهولة إقناعه عندما يرى بأم عينيه توجها حكوميا فوريا في ترشيد إنفاقها ووقف تبذير أموال البلد على تنفيع واسترضاءات، وعندما يحس بتقديم خدمات تعادل ما ستحصله من رسوم، ونحن على يقين بأن المواطن سيتعوّد على الترشيد وشد الأحزمة، وسيتقبل ذلك في نهاية الأمر عندما يشعر بأن ما يفعله ما هو إلا ضمان لمستقبل أبنائه وأحفاده، وأجيال الكويت القادمة.