شؤون خليجية-
واصلت دولة الكويت في اتخاذ إجراءات اقتصادية غير مسبوقة في ظل الهبوط الحاد لأسعار النفط في الفترة الأخيرة، حيث تتجة الحكومة الكويتية لخصخصة واسعة النطاق تطال جميع الجهات والمؤسسات المملوكة للحكومة باستثناء الجهات السيادية، في محاولة لسد عجز الميزانية الذي من المتوقع أن يصل خلال السنة المالية المقبلة إلى 40 مليار دولار.
ومع بدء العد التنازلي لتنفيذ أكبر عملية خصخصة للشركات الحكومية في تاريخ الكويت، أعدت وزارة المالية كشفاً يتضمن 20 شركة سيتم بيعها الى القطاع الخاص في مسعى حكومي جاد لسد العجز في الميزانية والذي يتزايد مع استمرار انخفاض أسعار النفط الذي يشكل عامل ضغط كبيراً على الحكومة ويهدد بتوقف المشاريع الحيوية في الدولة. (طالع ص13)
وكشفت وثيقة شبه رسمية حصلت النهار على نسخة منها عن أن الحكومة حسمت أمرها وقررت بيع حصصها في 20 شركة هي الدفعة الأولى من الشركات التي تعتزم الحكومة بيعها. وحسب الوثيقة فان الشركات التي تمتلك الحكومة فيها الحصة الأكبر ستتم خصخصتها، أما الشركات التي تمتلك الحكومة نسبة صغيرة فيها فسيتم التخارج منها.
ومن ضمن الشركات المتوقع خصخصتها: الكويتية للاستثمار، نقل وتجارة المواشي، النقل العام، المرافق العمومية، الوطنية لمشاريع التكنولوجيا، المشروعات السياحية، الكويتية لتطوير المشروعات الصغيرة، شركة معرض الكويت الدولي، مطاحن الدقيق والمخابز، المتحدة للإنتاج الزراعي، شركة السيفواي، الصفوة للأنظمة الأمنية والدفاعية، البنك الصناعي، الكويتية للاستشارات، الدولية الكويتية للاستثمار.
أما الشركات المتوقع التخارج منها: شركة الاتصالات المتنقلة زين، اوريدو، اسمنت الكويت، بيت التمويل الكويتي، المجموعة العقارية.
وبرر ت الحكومة الكويتية توجهها لخصخصة القطاع العام بأنه خطوة للاصلاح في فترة زمنية قصيرة المدى، بتفرغ الدولة لمهامها الاساسية في التنظيم والرقابة على النشاط الاقتصادي، واعادة دور الريادة لهذا النشاط للقطاع الخاص والشراكة بمشاركة فعالة من المواطنين، وبما يضمن تنويع قاعدة الانتاج، وخلق فرص عمل حقيقية للمواطنين، واستدامة الرفاهية، كما صرح به وزير المالية، لتعلن وزيرة الشؤون ان جميع الخدمات التي تسيطر عليها الدولة ستطرح للقطاع الخاص؛ ضمن برنامج خصخصة قطاعات الدولة الاقتصادية، ثم يتبعها قطاعا التعليم والصحة.
جريمة الخصخصة
روأي مراقبون أن طرح الشركات العامة للخصخصة جريمة جريمة واضحة العيان ومكتملة الأركان في حق الوطن والمواطنين، بعد ان طالت القرارات المزمع تطبيقها جيب المواطن ومخصصاته لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، فضلا عن خصخصة المرفق العام يعد مخالفة صريحة للدستور الكويتي الذى ينص على أنه لا يجوز تخصيص إنتاج النفط والغاز والمصافي ومرفقي التعليم والصحة
و رأى الكاتب زايد الزيد أن الحكومة تثبت وبما لا يدع مجالاً للشك أنها قد عزمت على وضع البلد بأصوله وممتلكاته في يد بعض التجار من خلال خصخصة العديد من الشركات الحكومية لصالح القطاع الأهلي، بزعم دعم السياسة الاقتصادية للبلاد، وهو زعم لا صحة له على الاطلاق.
وأوضح في مقال له أمس بعنوان " جريمة الخصخصة" أن التقارير الأخيرة أثبتت أن النية مبيتة، والضحية المغلوب على أمرها هو المواطن البسيط، فوجود لائحة تضم نحو 20 شركة حكومية أو تملك الحكومة نسبا كبيرة فيها لبيعها تحت مسمى الخصخصة هي سابقة خطيرة وضرب في خاصرة الأمن الوطني والاجتماعي والغذائي لما لهذه الشركات والمؤسسات من دور في سد احتياجات المواطنين وتوفير الأمن الاجتماعي لهم.
وأكد أن الزيد أن الخصخصة أثبتت فشلها في الكويت مبكرا لا سيما مع خصخصة محطات الوقود قبل سنوات حيث كانت النتيجة طرد الكفاءات الوطنية وغياب التكويت في التوظيف لصالح الوافدين من جنسيات أخرى على حساب المواطن، على الرغم من نجاح ذلك النشاط ودرّه على الدولة أموالا طائلة، وهذا ما سيتم فعليا مع الموجة الجديدة للخصخصة، ولا عزاء للمواطنين.
الآية المعكوسة
وأشار الكاتب الكويتي إلى أن الحكومة الكويتية تتعامل مع أي حدث بمقياس الآية المعكوسة، حيث تقوم ببيع الشركات الناجحة للقطاع الخاص، بحجة سد العجز بالموازنة، مشدد أن خصخصة هذه الشركات الناجحة تمثل جريمة واضحة العيان ومكتملة الأركان في حق الوطن والمواطنين، فهل تعي الحكومة خطورة خصخصة شركة ناجحة تمثل كل معاني وقيم الأمن الغذائي، كشركة المطاحن فهي أنموذج للشركة الرابحة وتحقق الامن الغذائي وبالتالي يتحقق الامن الاجتماعي معها.
الخصخصة مخالفة دستورية
وقالت الناشطة الحقوقية المحامية الكويتية عذراء الرفاع أن المواطن الكويتي أصبح ضحية الاقتصاد بعد ان طالت القرارات المزمع تطبيقها جيب المواطن ومخصصاته لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، الا ان مع تلك الخصخصة اعيد قراءة الدستور فأجد العدالة الاجتماعية والرفاهية والعدل هي اساسها، فالمادة 7: «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع»، ومن بعدها المادة 8: «تصون الدولة دعامات المجتمع وتكافؤ الفرص»، واختتمها بالمادة 20: «الاقتصاد الوطني اساس العدالة الاجتماعية، وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الانتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطن، وذلك كله في حدود القانون».
وكشفت الرفاعي في مقال له بعنوان " الخصخصة غير دستورية" أن المرفق العام لا يجوز تخصيصه نهائيا لكونه مخالفا للدستور، حيث تنص المادة الرابعة من قانون الخصخصة رقم 37 على أنه الا يجوز تخصيص إنتاج النفط والغاز والمصافي ومرفقي التعليم والصحة، لافتة إلي أن تجربة الكويت في القانون رقم 27 لسنة 2012 الاسكاني غير مجدية لدخول شركات القطاع الخاص للاستثمار في المدن السكنية، ما ادى الى تعطل العمل الاسكاني ومعالجة ذلك في سنة 2014 بالمرسوم رقم 113.
واكدت ان الخصخصة هي أداة أو وسيلة لتفعيل برنامج إصلاح اقتصادي شامل؛ يهدف الى إصلاح الأوضاع الاقتصادية في دولة، الا انها مستحيلة وفقا لظروف البلاد والتعايش الاجتماعي والإنساني والدستوري، كون تلك الخصخصة ستمس القطاع العام وتفرض عليه قيودا وشروطا ستحدث فجوة هائلة بين العرض والطلب، او تصل الى عملية الاذعان للحصول على ارباح احتكارية، وذلك لغياب المصلحة الحقيقية في التطور والارتقاء بمستوى الاداء الاقتصادي، ومستوى الكفاءة الانتاجية، وجودة السلعة او الخدمة؛ لغياب المنافسة الحقيقية. فكيف لخصخصة ان تنجح في ظل الاضطراب المستشري؟!
وشدد على ضرورة أن تضع الحكومة نصب عينها أن المرافق وبعض القطاعات الحكومية لا تخصص، لأنها تعد مخالفة دستورية، وعليها إعداد دراسة المشاريع العامة القابلة للتخصيص مع التدرج وعدم التطبيق المباشر والسريع الذي لن يضار به غير المواطن.
وعلق على سالم الدقباسي رئيس البرلمان العربي السابق على قرار خصخصة 20شكرة قائلا "واضح أنه تم أشغال الناس بقصص أقتراب زيادة البانزين والكهرباء والماء فيما الجماعة يرتبون بيع شركات الدولة الناجحة بعيدا عن أزعاجنا لهم !"