تصدرت البحرين الدول الخليجية والعربية وحلت في الترتيب الرابع عالميّاً في تصنيف الوجهات المفضلة للمقيمين الأجانب، كما تصدرت في الوقت نفسه الدول الخليجية والعربية في مؤشرين اثنين - ضمن ثلاثة مؤشرات - اعتمد عليها التصنيف العالمي، وهما أفضل نمط حياة وأفضل بيئة عائلية.
والتصنيف الذي أطلقه مصرف «إتش إس بي سي» (23 سبتمبر/ أيلول 2015) في إصداره الثامن، أُجري على 21950 مقيماً أجنبيّاً، ويعتمد على ثلاثة مؤشرات رئيسية، تتمثل في معايير أفضل نمط حياة، وأفضل بيئة عائلية، وأفضل بيئة اقتصادية تتوافر في البلد.
وتصدرت سنغافورة قائمة دول العالم في التصنيف، تلتها كل من نيوزيلندا، ثم السويد، فالبحرين، وأوضحت الدراسة أن المقيمين الأجانب يشددون على أنَّ الأمن والثقة بالاقتصاد المحلي ونوعية الحياة المتوافرة لأطفالهم هي الأسباب الرئيسية للعيش في أي بلد غير بلدهم الأم.
وبالنسبة إلى دول الخليج، فإن البحرين التي تصدرت الدول الخليجية كأفضل نمط حياة بالنسبة إلى الأجانب، حلت في الترتيب الثاني عالمياً على صعيد معيار التملك العقاري، كما حلت في الترتيب الرابع عالمياً في معيار الاقتصاد، والخامس في معيار ما توفره من الرعاية الصحية للأجانب.
كل ذلك يتعلق بالأجانب والقادمين من الخارج، ولكن ما هو ترتيب البحرين كونها جهة مفضلة لدى أهلها، وهل أهلها وشعبها يرون فيها «الأمن» ويثقون في اقتصادها، ونوعية الحياة المتوفرة فيها لأطفالهم ومستقبلهم؟
على صعيد الوظائف، فإن الأرقام لا تكذب أبداً، وإن الأولوية دائماً ما تكون للأجنبي على حساب البحريني، ليس كما يقال إن ذلك محصور في الوظائف المتدنية التي لا يقبل عليها شعب البحرين، بل أصبح مؤكداً وثابتاً وموثقاً أن أكثر من 95 في المئة من الوظائف التي يخلقها القطاع الخاص البحريني ذات الأجور العالية والتي تفوق الألف دينار تذهب للأجانب، فيما نصيب البحريني منها خمسة في المئة فقط، في واقع لا يمكن أن تجده في أي بلد آخر في العالم!
بلغة الأرقام أيضاً، فإن القطاع الخاص لوحده خلق في آخر ثلاثة أشهر من العام 2015 (بحسب إحصاءات هيئة تنظيم سوق العمل) 19 ألف و229 وظيفة نصيب البحرينيين منها 8 في المئة فقط (1506 وظائف)!، بينما ذهبت كل الوظائف المتبقية (17 ألف و782 وظيفة) للأجانب وبأجور متنوعة تصل لأكثر من 1500 دينار!
على مستوى الأجور العالية فقد خلق القطاع الخاص في نفس الفترة السابقة 420 وظيفة يتجاوز أجرها 1000 دينار، كان نصيب البحرينيين منها 13 وظيفة، صدق أو لا تصدق، بينما ذهبت البقية للأجانب (407 وظائف).
هذه الإشكالية في سوق العمل ليست جديدة بل قديمة، ولم يتم وضع حلول مناسبة لها، فقط خلق القطاع الخاص مع نهاية العام 2009 (1298 وظيفة) جديدة ذات أجور عالية يفوق أجرها الألف دينار فما فوق، ذهب جلها وبنسبة 96 في المئة للأجانب بواقع 1249 وظيفة فيما نال البحرينيون 50 وظيفة فقط من الإجمالي الكلي وبنسبة 4 في المئة فقط.
نصيب البحرينيين من الأجور العالية في تراجع كبير، ففي العام 2008 كان قد بلغ 21 في المئة من نصيب الأجور العالية بواقع 245 وظيفة من أصل 1152 وظيفة ذات أجور عالية، إلا أننا نشهدها حالياً تتراجع ولا تتجاوز 5 في المئة فقط، رغم وجود مشاريع كثيرة تتحدث عن جعل البحريني الخيار الأفضل!
أفضل مكان استطاع البحرينيون التفوق فيه على الأجانب في سلم توزيع الأجور، هي الوظائف المنحصرة أجورها ما بين 250 - 299 ديناراً، فقد شهدت تلك الشهور الثلاثة الأخيرة من العام 2015 توظيف 652 بحرينياً!
المقيمون الأجانب ينظرون اليوم إلى ما هو أبعد من المكافآت المالية فقط، إذ يأخذون في الاعتبار تحسين نوعية حياتهم، فبالإضافة إلى الأجور المرتفعة، يتمتع الأجانب بمزايا أخرى كثيرة، فبحسب التقرير السابق، فإن 70 في المئة من العمالة الوافدة تحصل على تأمين صحي، و67 في المئة على إجازات سنوية وبدل سفر، فيما يحصل 60 في المئة منهم على بدل سكن، وهي تعتبر أفضل المزايا التي تحصل عليها العمالة الأجنبية في المنطقة مقارنة بغيرها من الدول.
في المقابل فإن المواطن البحريني، يعاني في المستشفيات الحكومية، ولا يوجد لديه سوى مستشفى واحد بإمكانيات طبية مقبولة، ولا يحصل على بدل سفر أو حتى بدل مواطنة على غرار علاوة «بدل الغربة» للأجنبي، ولا تذاكر سفر له ولعائلته، ولا تعليم في مدارس خاصة.
تتفاخر وزارة العمل بأن البيانات تشير إلى استقرار نسبة البحرينيين العاملين في القطاع الخاص الذين يتقاضون رواتب تفوق 500 دينار عند 37 في المئة من إجمالي القوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص.
لتلك الأسباب وغيرها، نجد أن البحرين تصنف على أنها من الوجهات المفضلة للمقيمين الأجانب، ولكن لو سأل البحريني نفسه، هل يجد بلده وجهة مفضلة لديه، فماذا سيكون جوابه؟
هاني الفردان- الوسط البحرينية-