بدأت أزمة أسعار النفط تأخذ بالتعافي أكثر بعد إطلاق السعودية تطمينات للمنتجين والمستهليكن، ترى فيها بأن السوق عادت إلى التوازن، وأن العرض والطلب متساويان تقريباً، واستجابة لهذا التوازن بدأت السوق تتحسن، بحسب وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح.
وتصريحات الفالح التي بثتها "العربية"، تأتي في وقت يرافق الوزير السعودي ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، في زيارته للولايات المتحدة، التي تهدف إلى إصلاح العلاقات مع واشنطن، والترويج لخطة تحول اقتصادي تهدف إلى تقليل اعتماد المملكة على النفط، فيما يرى مراقبون بأن المملكة تسير بسياسة جديدة مباشرة وأكثر وضوحاً مما كانت عليه سابقاً، عقب تسلم خالد الفالح وزارة الطاقة، بدلاً من الوزير السابق، علي النعيمي.
وتعاني أسواق النفط الخام من تخمة المعروض ومحدودية الطلب، ما دفع لانخفاض سعر البرميل من 120 دولاراً إلى أقل من 30 دولاراً مطلع العام الجاري، قبل أن تعاود الصعود إلى حدود 50 دولاراً في يونيو/حزيران الجاري.
ورغم الفائض في إنتاج النفط العالمي وهبوط الأسعار، لا يزال الاهتمام يتركز على دول مثل السعودية، التي يُتوقع منها أن تسهم في إحداث توازن كبير بين العرض والطلب فور تحسن الأوضاع في السوق، بحسب الخبراء الذين يؤكدون أن المملكة قد تستعيد دورها في تحقيق التوازن بين العرض والطلب بعد تعافي السوق العالمية للخام، وتولي الرياض اهتماماً بالغاً بأن تكون الأسعار معقولة بين المنتجين والمستهلكين.
ارتفاع أسعار النفط فوق 50 دولاراً للبرميل يأتي بعد بيانات من معهد البترول الأمريكي، أظهرت هبوطاً أكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي بلغت 5.2 ملايين برميل، فيما توقع محللون استمرار تقلب التداولات قبيل وبعد استفتاء بريطانيا على عضويتها في الاتحاد الأوروبي يوم الخميس 23 يوينو/حزيران، كما وجد النفط دعماً أيضاً في شهية المستثمرين للمخاطرة في الأسواق العالمية، وسط تفاؤلهم الحذر بتصويت البريطانيين لمصلحة البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وتوقع كبير محللي "جي بي سي إنرجي"، ألكساندر بوغل، في وقت سابق بأن السوق تتجه في النهاية إلى استعادة التوازن، الأمر الذي لم يشجع أوبك على اتخاذ أي مبادرة، (بالإشارة إلى اجتماع أوبك مطلع يوينو/حزيران) في وقت أصبحت فيه الأسعار مريحة نسبياً لأغلبية منتجي الكارتل، كما أشار إلى ضخ أوبك في الفصل الأول من 2016 -التي تضم 13 عضواً، وتنتج نحو ثلث الخام العالمي- نحو 32.3 مليون برميل في اليوم.
ويبدو أن بوغل بنى توقعاته من خلال الوفد السعودي المشارك في الاجتماع، بعد تسلم خالد الفالح وزارة الطاقة السعودية، بدل سلفه علي النعيمي، قائلاً: إن "سياسة المملكة في موضوع الطاقة مع الوزير الجديد أصبحت مباشرة أكثر مما كانت عليه في حقبة النعيمي"، الذي لطالما أبدى "دبلوماسية وحذراً كبيرين في اختيار عباراته".
وبالتزامن مع ارتفاع أسعار الذهب الأسود، زاد الطلب العالمي على النفط أكثر مما توقعه الكثيرون، حيث بلغ 1.5 مليون برميل يومياً في الفترة من يناير/كانون الثاني، إلى أبريل/نيسان، بحسب "جي بي سي إنرجي" للخدمات الاستشارية (مقرها فيينا) التي أكدت أنه يرجع إلى الاستهلاك القوي في الولايات المتحدة، والصين، والهند، وقد يعزز ذلك هبوط إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر/أيلول 2014، بعد أن خفضت شركات التنقيب عدد منصات الحفر للأسبوع التاسع خلال الأسابيع العشرة الماضية، رغم ارتفاع الأسعار في الفترة الأخيرة.
وبحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فإن السعودية تقف وراء انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، في حين يشير مراقبون إلى احتمالية وجود دور للسعودية في انخفاض أسعار النفط؛ للضغط على شركات النفط الصخري لوقف طاقتها وقدرتها الإنتاجية، ما يضطر هذه الشركات إلى الخروج من السوق النفطية، ورغم المجازفة والمخاطر، فقد اتخذت المملكة موقفاً محسوباً بدقة بدعمها انخفاض أسعار؛ لأن دعمها (الرياض) لانخفاض أسعار النفط يُسبب مشاكل لغريمتيها روسيا وإيران، وفقاً لـ"فايننشال تايمز"، من أجل الضغط باتجاه حسم ملفات المنطقة المهمة بالنسبة للرياض مع طهران وموسكو، منها السوري والعراقي واليمني.
ياسين السليمان - الخليج أونلاين