للمرة الأولى منذ 17 عاماً، سجلت الكويت عجزاً في موازنتها للسنة المالية 2015-2016 بلغ 4.6 مليارات دينار (15.3 مليار دولار)، في ظل تراجع أسعار النفط عالمياً، في حين تعتزم الحكومة تغطية العجز بالاقتراض من الأسواق المحلية والخارجية نحو 17 مليار دولار.
وخلال الفترة الماضية، اتخذت الحكومة الكويتية سلسلة من الإجراءات لخفض العجز في موازنتها؛ ففي الأول من أغسطس/آب، قرر مجلس الوزراء رفع أسعار الوقود نحو 80%، للمرة الأولى منذ قرابة عقدين، إلى جانب قرار تحرير أسعار الديزل والفيول، ورفع أسعار المياه والكهرباء للمقيمين العام الماضي.
ويهدف رفع الأسعار إلى إعادة هيكلة تسعير منتجات البنزين، وتماشياً مع متوسط الأسعار في دول مجلس التعاون، ضمن "خطة الحكومة الإصلاحية" للتأقلم مع انخفاض الإيرادات، وذلك بعد التراجع الحاد في أسعار النفط عالمياً منذ منتصف عام 2014، الذي أدى إلى تكبيد الدول النفطية خسائر كبيرة في الإيرادات العامة.
- الخصخصة
وفي يوليو/تموز الماضي، أكد وكيل وزارة المالية الكويتية، خليفة حمادة، أن وزارة المالية تدرس مع مؤسسة البترول الكويتية القطاعات والخدمات النفطية التي يمكن خصخصتها، وطرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام ضمن مشروع برنامج الخصخصة، على غرار الطرح المزمع لشركة "أرامكو" السعودية الذي تم الإعلان عنه في شهر أبريل/ نيسان الماضي، ضمن رؤية السعودية 2030.
والخطة التي تسعى الكويت إلى تطبيقها من المتوقع أن تُمكّن المواطن الخليجي، والمستثمر الأجنبي، من الحصول على حصة ضمن الأسهم المطروحة أمامه في السوق الكويتية، وتتضمن عدداً من شركات الخدمات، ووظائف في المؤسسات التابعة لقطاع النفط.
وفي تطور لملف الإجراءات الداعمة لمسار الإصلاح الاقتصادي، تعتزم الكويت طرح 4 شركات نفطية تابعة لمؤسسة البترول الكويتية للاكتتاب العام، بحسب وزير المالية الكويتي، أنس الصالح، الذي أكد أن الشركات هي: البترول الكويتية العالمية، وناقلات النفط، والكويت للاستكشافات الخارجية، والصناعات البتروكيماوية؛ وذلك لغرض توفير مزيد من السيولة، وتحسين وتطوير عمليات الشركات النفطية.
وخطوة الكويت لطرح 20 إلى 30% من أسهم الشركات النفطية الأربعة للاكتتاب، تأتي في أعقاب إجراء المملكة العربية السعودية طرحاً أولياً لعملاق البتروكيماويات (أرامكو)، في خطوة من شأنها استقطاب مليارات الدولارات وتغيير خريطة الاكتتابات والطروحات في المنطقة.
وبحسب "بلومبيرغ " فإن الطرح سيشمل "الكويت للاستكشافات الخارجية"، وهي وحدة التنقيب الخارجي التي توجد في 15 دولة في آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، بالإضافة إلى "ناقلات النفط"، التي تضم أسطولاً مكوناً من 20 سفينة لنقل النفط الخام والمنتجات النفطية.
ورغم أن الكويت قد تكون من أكثر دول الخليج تضرراً من جراء تراجع أسعار النفط، استبعد وزير المالية بيع أسهم من مؤسسة البترول الكويتية، التي تعتبر الشركة الأم لجميع الشركات النفطية العاملة في الكويت، وتندرج تحتها شركة نفط الكويت التي تنتج النفط الخام في البلاد، وشركة البترول الوطنية الكويتية التي تقوم بتكرير النفط، وشركة نفط الخليج الكويتية التي تتولى إنتاج النفط في المنطقة المقسومة مع السعودية.
وقال الصالح إن عجز الموازنة العامة، الذي يعتبر الأول منذ السنة المالية 1998 - 1999، قد بلغ 4.6 مليارات دينار (15.3 مليار دولار) في السنة المالية التي تنتهي في 31 مارس/آذار. وبلغت الإيرادات 13.63 مليار دينار (45.5 مليار دولار) بانخفاض 45% عن العام السابق، في حين بلغت النفقات 18.24 مليار دينار، بانخفاض 14.8%. أما الإيرادات النفطية خلال العام المالي 2015 - 2016 فقد بلغت 10.075 مليارات دينار، بانخفاض 46.3%، والتي شكلت 89% من مجمل الإيرادات العامة في السنة المالية الأخيرة، مقابل 95% خلال العام السابق.
وعلى مدى السنوات الماضية، وفرت أسعار النفط المرتفعة فائضاً من الإيرادات، أتاح للحكومة تمويل صندوق سيادي توازي قيمته 600 مليار دولار، مستثمرة بمعظمها في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا. وزادت الحكومة الإنفاق في مجال "المشاريع الإنشائية والصيانة والاستملاك" بنسبة 12.9%، في حين تراجعت المصروفات المختلفة بنسبة 24.4% عن العام المالي السابق؛ نتيجة خفض نفقات الرعاية الاجتماعية.
- الاقتراض
وفي يوليو/تموز الماضي، أعلنت المالية الكويتية عزمها اقتراض 10 مليارات دولار من الأسواق الخارجية، عبر سندات خزينة وصكوك إسلامية، و6.6 مليارات دولار من السوق المحلي من الأسواق الخارجية لتغطية العجز في الموازنة.
وفي السنة المالية 2015- 2016، أقرت الحكومة الكويتية ميزانية تقشفية تتضمن مصروفات أقل بنسبة 17.8% ممّا هو مقرر في السنة المالية التي قبلها؛ بسبب هبوط أسعار النفط، وتضمنت مصروفات قدرها 19.073 مليار دينار مقارنة بـ23.212 مليار دينار في ميزانية 2014–2015. واعتمدت سعر 45 دولاراً لبرميل النفط وبمعدل إنتاج 2.7 مليون برميل يومياً في موازنة 2015-2016. في حين اعتمدت على تقدير 25 دولاراً لسعر برميل في موازنة 2016-2017.
وعقب رفع أسعار المحروقات، اعتبرت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني أن القرار سيعزز تصنيفها الائتماني؛ لأنه يحد من الإنفاق الحكومي (كلفة دعم الأسعار) ويحسّن المالية العامة. في حين اعتبرت وزارة المالية أنها حققت جزءاً من أهداف تنفيذ سياسة الإصلاح المالي المنشودة في الكويت، وذلك بحدوث انخفاض ملحوظ في الإنفاق الجاري وزيادة في الإنفاق الرأسمالي، وتعهدت باستكمال هذا النهج خلال السنوات المالية المقبلة.
الخليج اونلاين-