اقتصاد » ميزانيات

الانهيار الاقتصادي لن ينتظر تحقق رؤية بن سلمان خبير سعودي يؤكد أن السعودية تتجه الى حافة الهاوية

في 2016/11/04

 خاص راصد الخليج- 

ربما يصدّق الكثيرون نائب وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري في إعلانه التلفزيوني أن المملكة العربية السعودية ذاهبة الى الافلاس الفعلي خلال 3 سنوات أكثر مما يصدقون الأرقام التي يجري الكشف عنها أو الاجراءات التي اتخذتها المملكة وقضت باستبدال وزير المالية إبراهيم العساف بمحمد الجدعان، وللمناسبة فان العساف يعتبر أقدم وزير مالية في العالم، وربما يأتي سقوطه بالاعلان الملكي خير تعبير عن الانحدار الذي أصاب المملكة أكثر من أنه عملية اصلاحية. لماذا وصلت "مملكة الذهب" الى هذه الأيام السوداء؟ ثمانية أشهر مرت تقريبا على إعلان رؤية (السعودية 2030) التي قدمها ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ولم تظهر في الأفق أي مؤشرات تشي بأن الرؤية التي اصطلح على تسميتها بـ "رؤية بن سلمان" تسير في طريق النجاح. ففي حين كان المؤمل أن تضخ "رؤية بن سلمان" الحياة في الاقتصاد السعودي صار "الانهيار" هو الكلمة الرائجة والتي تدور حولها التقارير الاعلامية التي تتحدث عن الاقتصاد السعودي ومستقبله.

على رأس الاسباب التي تدفع المتابعين للجزم بقرب سقوط خزانة المملكة هو الاعتماد السعودي على اقتصاد أحادي الجانب، يقوم على انتاج النفط وبيعه، وآثار ذلك على بقية القطاعات. ويضاف الى ما سبق أسباب أخرى عديدة أهمها الحروب التي تخوضها السعودية بشكل مباشر وغير مباشر والتي شكلت عاملاً اساسياً في استنزاف مالية المملكة.

ولم يكن ينقص السعودية الطعنات المتلاحقة التي تلقتها بسبب ملف حقوق الانسان وايقاف بعض الصفقات معها نتيجة ذلك، حتى أتاها "قانون جاستا" الأميركي ليشكل "الضربة التي قصمت ظهر البعير".

موقع "راصد الخليج" التقى الخبير السعودي الدكتور فؤاد ابراهيم على مدى ساعات.. ليرسم للمتابعين الخارطة الاقتصادية السعودية والاسباب الحقيقية للاعتقاد باقتراب ساعة الانهيار المالي للمملكة.

يؤكد د. ابراهيم أن "هناك أزمات بنيوية في الداخل السعودي مرتبطة بتكوين الاقتصاد، من خلال اعتماده بشكل رئيسي ووحيد على النفط باعتباره مصدر الدخل الرئيسي للدولة والذي يشكل 90% من مواردها". لافتاً الى أن "هناك مقاربة خاطئة لدى النظام السعودي، حيث يقوم على النمو وليس على التنمية عبر تجميع المال واعادة توزيعه، وكأن الدولة جابٍ للمال من خلال بيع النفط، فيما لم يتم استغلال هذه الموارد في التنمية البشرية وبقيت الدولة السعودية رهينة لتقلبات اسعار النفط".

إذاً، هناك ازمات مرتبطة بهذه الأزمة، فالاقتصاد السعودي مرتبط باقتصاد نفطي دولي يتحكم باسعاره وبعملية الانتاج والاستهلاك، ما يعني أن السعودية ليست الحاكم الفعلي لاقتصادها الوطني (النفط والمداخيل المالية الأخرى)، هذا ما يوضحه ابراهيم، لافتاً الانتباه الى أن "الخطأ يكمن في أنها لم تكن تستثمر بمشاريع خارجية".

ركود في قطاع البناء

أول القطاعات التي تأثرت بفعل الركود الاقتصادي، كان قطاع البناء الذي يشكل بحسب ما يقول ابراهيم الثاني بعد النفط، ولكن تراجع أسعار النفط أدى الى ركود في حركة البناء والتشييد. ويؤكد أن "هناك شركات كبرى انهارت مثل شركة بن لادن وسعودي اوجيه نتيجة عجز الدولة عن تسديد نفقات المشاريع التي اقرت لانجاز المشاريع المتفق عليها"، لافتاً إلى أن "قطاع البناء هو في حالة ركود، وقد اثرت سياسة التقشف المعتمدة على اهم القطاعات في البلد".

تراجع الانتاج الزراعي أمام النفط

يرجع ابراهيم هذه المشلكة في النظام الاقتصادي السعودي إلى كونه اقتصادا احادي الجانب، لا يعتمد على قطاعات انتاجية متعددة، ويشير إلى أنه "في السابق كانت السعودية تعتمد على زراعات في المنطقة الشرقية والمناطق الوسطى، حيث كانت الزراعة تشكل الانتاج الرئيسي قبل النفط ولكن اتى النفط ليقوّض هذا القطاع، وقد لاحظنا تراجع الانتاج الزراعي وتحول المجتمع الى مجتمع نفطي"، ويعتبر أنه بسبب ضخ النفط "جفت ينابيع الماء والعيون التي كانت تحفر باليد، فبدل أن تتوسع المناطق الزراعية، امتدت الصحراء الى المناطق الزراعية، وأصبح القطاع الزراعي أول ضحية لانتاج النفط".

الحروب ابزر مصادر الاستنزاف

هذه الاسباب البنوية تؤدي مصحوبة بأسباب اخرى داخلية او خارجية الى ضرب الاقتصاد، فالحروب دون شك لها اثر كبير على كل اقتصاد، لا سيما اذا طالت وتعددت فهي تحتاج الى التسلح ودعم المجهودات الحربية فضلا عن دعم اهالي القتلى والبيئة الداخلية، وقد تأثر الاقتصاد السعودي بالحرب التي بدأتها السعودية قبل نحو عامين في اليمن وكذلك دعم المعارضة في سوريا، وهنا يؤكد الدكتور ابراهيم أن "واحداً من مصادر استنزاف المال السعودي اليوم هو هذه الحروب لأنها لا تتوقف على الانفاق على الجيوش فقط"، مشيراً إلى أن "اقتصاد الحروب هو اقتصاد مستنزف لاقتصاد الدولة، والحرب السعودية على اليمن وتمويل الجماعات المسلحة يؤدي الى هكذا انهيار وهو جزء اساسي من انهيار الاقتصاد السعودي".

ويكشف ابراهيم أنه "اذا كانت الحرب تستهلك 12 مليار دولار اميركي شهريا، فالدولة في الحرب بحاجة الى اسلحة وتعاون استخباراتي مع الغرب واميركا ايضاً، فضلاً عن دعم الدول المساندة كذلك الحاجة الى حركة دبلوماسية لدعم مواقف الحرب وتمويل الجيش وتحسين الوضع الداخلي"، اي أن ذلك "بحاجة الى منظومة من موارد الانفاق التي لا يمكن أن تحصر في مجال معين لذلك هناك استنزاف دائم وياخذ من الرصيد السعودي الذي تم بناؤه".

ابراهيم ينبه الى أن "هناك اليوم مشهدا بالنسبة للسعودية غير مريح تماما والدول المحيطة بها لديها معها مشاكل من اليمن الى مصر فايران والعراق وسوريا وبالتالي السعودية تتحرك في محيط مضطرب، ولا يمكن بناء اقتصاد في ظل هذه التعقيدات على مستوى العلاقات".

جاستا عامل التهديد الأكبر

القانون الاميركي الذي اقره الكونغرس والذي يسمح لأهالي ضحايا 11 ايلول برفع دعوى ضد السعودية ينعكس بشكل كبير على السعودية ونظامها الاقتصادي والسياسي. ويشير ابراهيم الى أن "قانون جاستا هو عامل التهديد الاكبر للاقتصاد السعودي على المستوى الدولي، والسعودية التي قررت فتح افاق الاستثمار على المستوى العالمي من خلال رؤية 2030 لا يمكن لها بناء اقتصادي في بيئة عدم استقرار واستمرار".

ويوضح أن "هناك مشروعا استثماريا ضخما ضد السعودية، فلو طبق يعني أن الضحايا سوف يتلقون 3 ترليون دولار وإذا جمعت كل العقوبات المالية بما يشمل المباني والحروب التي شنتها اميركا على العراق وافغانستان يصبح الرقم ما يقارب 30 تريليون دولار، فمن سيستمر في الاستثمار في بلد كل مخزوناته تصبح تحت رحمة هذا القانون؟"، مشيراً إلى أن "رأس المال جبان ولا يتعامل أي مستثمر مع دولة يطبّق عليها هذا القانون".

رؤية بن سلمان

ابراهيم يؤكد أن "كل المؤشرات والدلائل لا تفيد بأن "رؤية بن سلمان" تتجه الى النجاح او تحمل اشارة نجاحز والاضرار التي تلحق بالمواطنين كبيرة وما هو شائع هو ان جيب المواطنين أصبح يشكل المصدر الرئيسي لتعويض خسائر الدولة من خلال الضرائب والغاء البدلات الصحية والمعيشيىة".

ما تقدم يوسع السخط الشعبي على العائلة الحاكمة في المملكة السعودية التي يعرف القاصي والداني حجم ما تستهلكه من مال الشعب السعودي لرفاهية أمرائها، ويشير الدكتور ابراهيم الى أن "هناك سخطا شعبيا كبيرا جداً يمكن أن نلحظه في مواقع التواصل الاجتماعي ويوتيوب والمقالات التي تعلق على الازمة الاقتصادية بطريقة نقدية ساخرة، كل ذلك كفيل بان يبلغنا بان ثمة نقمة شعبية على الاوضاع الاقتصادية، ولا شك أن هناك عدم رضا عن السياسة الاقتصادية الحالية والاجراءات المتبعة واذا استمر الوضع على ما هو عليه فالاقتصاد السعودي ذاهب نحو الانهيار، او الوصول الى حافة الهاوية".