بات الحديث عن «جيب المواطن» الكويتي، هو محور اهتمام المرشحين من كل الاتجاهات والتيارات السياسية في معركة الانتخابات البرلمانية الكويتية التي ستجرى السبت المقبل.
وتصدرت القضايا الشعبية المتعلقة بارتفاع الأسعار وتخفيض دعم السلع والخدمات الحكومية خطابات المرشحين في ندواتهم واجتماعاتهم ولقاءاتهم اليومية، حتى أولئك الذين اصطفّوا إلى جانب الحكومة في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أعلنته والمتضمن تقليص الدعم الحكومي وتخفيف الضغط عن الموازنة العامة بعد هبوط أسعار النفط إلى مستويات لم تكن متوقعة في 2013 عندما تم انتخاب البرلمان السابق.
ونقلت «رويترز» عن المرشح «محمد الدلال» قوله إن تعاطي الحكومة مع عجز الموازنة يتسم بقدر كبير من العمومية والضبابية وضياع الأولويات، حيث بدأت بالضغط على المواطن لسد عجز الموازنة عن طريق تخفيض الدعم وزيادة الرسوم.
وأضاف «الدلال» أن الحكومة لم تبدأ بالإجراءات الأكثر أهمية والمتعلقة بالهدر القائم في أجهزة الدولة، وعدم إعادة هيكلة المشاريع التي تستنزف الكثير من أموال الدولة، إضافة لوجود الفساد في كثير من المشاريع، وضياع الأولويات كذلك فيما يتعلق بالقروض والمنح التي تقدم للخارج على حساب ميزانية الدولة”.
ويتهم المرشحون المعارضون نواب المجلس السابق بأنهم كانوا «مهادنين» للحكومة على حساب المواطن، وسمحوا لها بتمرير سياستها التي يرون فيها مساسا غير ضروري بالمواطنين بينما سكتوا على ما يصفه المعارضون بأوجه «الهدر» في كثير من جوانب الصرف الحكومي.
إجراءات حكومية
لكن النائب في المجلس السابق، المرشح الحالي «عبدالله المعيوف» أكد أن المجلس لم يكن طرفا في أي زيادة للأسعار على المواطنين، معتبرا أن النواب تمكنوا من استثناء السكن الخاص للمواطنين الكويتيين من زيادة تعريفة الكهرباء التي أقرتها الحكومة خلال العام الحالي.
وتحاول الحكومة منذ بداية هبوط أسعار النفط قبل نحو سنتين إجراء إصلاحات اقتصادية تقول إنها ضرورية بالتشاور مع صندوق النقد الدولي لكنها سوف تنال من مزايا اقتصادية تمتع بها المواطنون الكويتيون على مدى عقود.
وحصلت الحكومة في يونيو / حزيران الماضي على موافقة البرلمان على الخطة التي أعلنتها لإصلاح أوضاع الاقتصاد على المدى المتوسط وعرفت بوثيقة الإصلاح الاقتصادي.
وتهدف الخطة إلى إصلاح الميزانية العامة وإعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد وزيادة دور القطاع الخاص وتفعيل مشاركة المواطنين في تملك المشروعات العامة وإصلاح سوق العمل.
فيما نجح النواب في العام الأخير للبرلمان المنحل في استثناء شرائح السكن الخاص من الزيادات الحكومية في الكهرباء وهو ما اعتبروه نجاحا، في حين يرى المعارضون أن مجرد السماح بإقرار زيادة تعريفات الكهرباء سوف ينعكس بشكل غير مباشر على المواطن في زيادة للسلع والخدمات الأخرى.
وأشارت وكالة «موديز» في أحد تقاريرها إلى أن الكويت كانت أبطأ من نظيراتها في الخليج في تطوير القطاع الخاص غير النفطي، والأخيرة في تطبيق إصلاح نظام دعم البترول.
وبينما تتمتع الكويت بأدنى سعر تعادل للنفط في الميزانية بين الدول الخليجية، وتمتلك أصولاً مالية وحكومية ضخمة، إلا أنها الأكثر اعتماداً على النفط بين الدول الخليجية.
وأكدت الوكالة أنه في ظل ثبات الإنفاق الحكومي عند نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن العجز المالي قد يصل إلى 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة بين 2016 و2020، وسيرتفع الدين الحكومي إلى نحو 32% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2020.
انتخابات جديدة
يتجه الكويتيون، السبت المقبل، لانتخاب 50 نائبا جديدا بمجلس الأمة الكويتي 2016، وسط منافسة حامية بين 287 مرشحا بينهم 15 امرأة.
وقال مساعد المدير العام لإدارة شؤون الانتخابات العقيد «صلاح الشطي»، إن إدارته تعمل على قدم وساق لوضع اللمسات الأخيرة على صناديق الاقتراع، تحضيرا للانتخابات.
وتعمل الإدارة، بحسب «الشطي»، جاهدة للإشراف على سير التحضيرات للعملية الانتخابية ووضع اللمسات الأخيرة على صناديق الاقتراع الشفافة التي يرى ما بداخلها والمستلزمات الخاصة بالانتخابات البرلمانية في فصلها التشريعي الـ 15.
ويبلغ عدد الناخبين والناخبات من لهم حق التصويت في الانتخابات، بحسب وزارة الداخلية 483126 مواطن ومواطنة.
ويشرف على تأمين الانتخابات 4 آلاف عنصر من ضباط وضباط الصف والعاملين المدنيين في وزارة الداخلية.
يتألف مجلس الأمة من 50 عضوا موزعون على 5 دوائر انتخابية، ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر وفقا لقانون الانتخاب.
ومدة مجلس الأمة 4 سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع لـه، ويجري التجديد خلال الـ60 يوما السابقة على نهاية تلك المدة.
وتجري انتخابات «أمة 2016» وفقاً للمرسوم رقم 20 لسنة 2012 بتعديل القانون رقم 42 لسنة 2006 القاضي بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة وفق النص التالي: «تنتخب كل دائرة عشرة أعضاء للمجلس على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لمرشح واحد في الدائرة المقيد فيها ويعتبر باطلاً التصويت لأكثر من هذا العدد».
وشهدت الأيام الماضية، ارتفاع وتيرة الحملات الانتخابية بين المرشحين بهدف كسب أكبر عدد ممكن من أصوات الناخبين لاسيما المترددين.
وتمثل ذلك في لجوء المرشحين إلى جميع وسائل الترويج والتسويق والإعلام والاتصال مع الناخبين، ووضع الخطط الدعائية المكثفة من قبل مديري حملات المرشحين واللجان التابعة لهم، ومواصلة العمل طوال معظم فترات الليل والنهار، للوصول إلى جميع الشرائح المستهدفة.
ولوحظ مع الأيام الأخيرة من الانتخابات، زيادة الضخ الإعلاني في الصحف والقنوات الفضائية، ووضع مزيد من اللافتات في مقار المرشحين، فضلاً عن اللافتات الثابتة والتلفزيونية في الطرقات الرئيسية، وتوزيع «البروشورات» التي تتضمن صور المرشحين، وسيرتهم الذاتية، وبرنامجهم الانتخابي على بيوت الناخبين، أو مع عدد من الصحف اليومية.
وبدأ المرشحون يبثون برسائل إعلامية متنوعة نصية ومرئية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لاسيما «تويتر» و«انستغرام» و«يوتيوب»، سواء من خلال حساباتهم الشخصية، أو حسابات اللجان الإعلامية الخاصة بهم، أو عبر حسابات عدد من الشركات والشخصيات المشهورة، بهدف وصول الرسائل إلى معظم شرائح الناخبين ولاسيما الشباب.
قرارات سابقة بالحل
وكان أمير الكويت الشيخ «صباح الأحمد الجابر الصباح» أصدر مرسوما بحل مجلس الأمة في 16 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ممهدا الطريق لإجراء انتخابات جديدة.
وجاء المرسوم الأميري بعد أن عقد مجلس الوزراء اجتماعا استثنائيا بحث فيه عدم التعاون مع مجلس الأمة.
وكانت مصادر حكومية كويتية قد ذكرت آنذاك أن مجلس الوزراء بحث التوتر الحاصل مع البرلمان على خلفية تقديم عدد من النواب استجوابا لكل من وزير المالية ووزير العدل، وناقش طلب حل مجلس الأمة تمهيدا لرفعه إلى أمير البلاد.
وبعد تصريحات نيابية عن احتمال بالتوجه لانتخابات مبكرة وقرب حل البرلمان، أكد رئيس مجلس الأمة «مرزوق الغانم» رغبته في هذا التوجه.
وحسب الدستور الكويتي، يجب إجراء انتخابات برلمانية جديدة في البلاد في موعد لا يتجاوز شهرين من تاريخ حل البرلمان.
وهذه ليست المرة الأولى التي يحل فيها مجلس الأمة الكويتي، فقد سبقتها 9 مرات على مدى أربعين عاما، كانت الأولى والثانية في عامي 1976 و1986، ووصف حل المجلس فيهما بأنه غير دستوري.
وجاءت المرة الثالثة في عام 1990، ثم الرابعة عام 2006 نتيجة صدام بين المجلس والحكومة.
وجاء الحل الخامس لمجلس النواب عام 2008، وخلال أقل من عام حل المجلس مرة سادسة عام 2009 بسبب صدام بين المجلس والحكومة لكثرة الاستجوابات.
أما المرة السابعة فكانت في 2011 عقب فضيحة رشى النواب وكثرة الاستجوابات المقدمة للحكومة، كما حل مرتين في العام 2013.
الخليج الجديد-