اقتصاد » ميزانيات

السعوديون يستعدون لمزيد من الألم الاقتصادي

في 2016/12/23

ارتفعت تكاليف المعيشة في المملكة العربية السعودية خلال العام الماضي مع انخفاض أسعار النفط وتقليص الدعم. والآن يجهز السعوديون أنفسهم لتخفيضات إضافية على الدعم وسط مخاطر إثارة استفزاز المواطنين.

وكان الدعم الحكومي السخي قد عزل المواطنين طويلًا بعيدًا عن عدم الاستقرار الاقتصادي، لكنّ الحكومة قد خفّضت بالفعل دعمها للوقود والكهرباء والمياه، وقد أثارت تخفيضات محتملة جديدة في الطريق مخاوف السعوديين.

وتقول «حنان الشرقي»، التي تعيش مع عائلتها في بلدة على الساحل الغربي: «آمل أن يضع شخص ما حدًّا لهذه الارتفاعات في الأسعار التي تحدث في كل مكان». وقد أصبحت عائلتها أكثر حذرًا تجاه الإنفاق، لا سيما على الكماليات مثل السيارات، لمواجهة ارتفاع التكاليف.

ويتمتع السعوديون منذ عقود بأسلوب حياة مريح بدعم من الثروة النفطية للمملكة. ويراقبون الآن عن كثب إعلان الحكومة للميزانية، والتي من المتوقّع أن تعلن اليوم الخميس، لمعرفة إذا ما كانت تشمل مزيدًا من إجراءات التقشف التي قد تؤثّر على إمكانيات الأسر. ولا تزال البلاد بعيدة عن تحقيق هدفها المتمثّل في زيادة عائدات القطاعات غير النفطية لتحقيق التوازن للميزانية.

واعترف الملك «سلمان» بالمخاوف السعودية حين تحدّث أمام مجلس الشورى الأسبوع الماضي مفيدًا بأنّ بعض التدابير التي اتخذتها الحكومة «قد تكون مؤلمة على المدى القصير، لكنّها تهدف في نهاية المطاف لحماية اقتصاد البلاد من مشاكل أسوأ».

وتضخّم العجز المالي في السعودية إلى عجزٍ قياسي بلغ 98 مليار دولار أو ما يقارب 16% من الناتج المحلي الإجمالي، عام 2015، نتيجةً للانهيار الحاد في سعر النفط. وتشكّل مبيعات النفط أكثر من ثلثي عائدات الحكومة.

وتوقّع صندوق النقد الدولي أن تنجح الحومة السعودية في تضييق الفجوة في الميزانية هذا العام بعد تقليل الدعم وزيادة الرسوم وفرض ضرائب جديدة وتخفيض الكثير من رواتب الموظفين الحكوميين.

وبعد هذا النجاح المبكر، من المتوقع على نطاق واسع أن تكشف الحكومة النقاب عن مزيد من الخطوات التي ستتخذها لتعزيز مواردها المالية عام 2017.

وقد تمّ الدفع بهذه التغييرات إلى حدٍّ كبير من قبل الأمير «محمد بن سلمان»، ابن الملك والثاني في ترتيب ولاية العرش. ويرأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهو هيئة حكومية قوية مسؤولة عن صياغة السياسة الداخلية.

ومنذ إعلان برنامج التحول الوطني الطموح لتنويع الاقتصاد، ألغت الحكومة العلاوات التي تدفع لصالح موظفي الدولة وخفّضت رواتب الوزراء بمقدار 20% ورواتب أعضاء مجلس الشورى بمقدار 15%..

وقالت الحكومة أنّ واحدًا من أهدافها الرئيسية هو تخفيض الجزء المخصص من الميزانية للإنفاق على الأجور العامة ليصبح 40% خلال السنوات القليلة الماضية، حيث يبلغ حاليًا 45%. ويعمل حوالي ثلثا العاملين السعوديين في وظائف داخل كيانات وهيئات حكومية.

وتدرس الحكومة أيضًا مزيدًا من إجراءات تقليص الدعم على الوقود والمرافق العامة الأخرى، والتي قالت أنّها قد توفّر أكثر من 200 مليار ريال (53.33 مليار دولار) بحلول عام 2020.

وقال «فهد إقبال»، رئيس أبحاث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بنك كريدي سويس: «لقد نفّذوا بعض الإصلاحات القاسية العام الماضي. والسؤال هو، هل سيخاطرون بإغضاب المواطنين السعوديين مرةً أخرى في القريب العاجل؟».

ويكمل السيد «إقبال»: «أحد الخيارات أن تأخذ استراحة. تترك الناس ليعتادوا الأسعار المرتفعة».

واجتمع المجلس الاقتصادي الذي يرأسه الأمير «محمد» يوم الاثنين لمراجعة الاقتصاد ومناقشة الموازنة المقترحة من وزارة المالية لعام 2017، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية.

وحتّى الآن، لا يعبّر المعارضون للإصلاحات الاقتصادية عن انتقاداتهم بشكل علني، خوفًا من أن تلقي بهم انتقاداتهم في الماء الساخن، لكن بشكل خاص يشتكي الناس فيما بينهم أنّ الحياة في المملكة أصبحت أكثر صعوبة، كما قال رجل أعمال بالمنطقة الشرقية.

ومن الممكن أن يضع أي استياء ضغطًا على الأمير «محمد بن سلمان»، والذي يقع بالفعل تحت المجهر كوزير للدفاع بسبب قيادته للحرب في اليمن، التي تلقى اعتراضات شعبية متزايدة.

ويتوقع صندوق النقد الدولي متوسط للتضخم قد يصل إلى 4% لعام 2016، ما يقارب ضعف مستوى العام الماضي.

وتبقى أسعار النفط ذات أهمية للمملكة في حين تحاول تقليل الاعتماد على عائدات النفط. ووافقت السعودية في نوفمبر/ تشرين الثاني مع باقي أعضاء منظمة أوبك للدول المصدرة للنفط على تخفيض الإنتاج، الأمر الذي صعد بالأسعار.

ورحبّت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد التغييرات السياسية الطموحة للمملكة بعد زيارة لها للمملكة في أكتوبر/ تشرين الأول، لكنّها اقترحت على السلطات إعطاء «الشركات والأفراد وقتًا للتكيّف».

وقال «عمر الحجاج»، معبّرًا عن استيائه من تسبب تقليص النفقات الحكومية في الضرر لتجارته في مجال الأدوات الطبية: «إنّه أمرٌ مخيف».

وقال السيد «حجاج»، الذي يعيش في الرياض، أنّ عدم اليقين حول المستقبل قد جعله يراجع ويدقق فيما تنفقه عائلته في محلات البقالة وغيرها من البنود. وأضاف: «هناك أشياء قد اعتدت على شرائها، والآن تقول لا أحتاج هذه، دعني آخذ الضروريات فقط».

وول ستريت جورنال- ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-