الحياة السعودية-
كشفت دراسة اقتصادية صدرت حديثاً، عن أن نحو ثلثي السعوديين يعانون من أجل تحقيق التوازن بين نفقاتهم ودخلهم المالي، ويجدون صعوبة بالغة في توفير المدخرات، سواءً بسبب غلاء الأسعار، أم لضعف مهارات إدارة الأموال لديهم. فيما ساهمت الضغوط الاجتماعية في جعل أشخاص ينفقون أكثر ما يكسبون، وهو ما يراكم الديون عليهم.
وأوضحت الدراسة التي أجراها «مركز المعرفة»، المتخصص في الدراسات والبحوث وبرامج التأهيل المعرفي، أن نحو 52 في المئة من السعوديين لا يدخرون على الإطلاق، وبصعوبة بالغة يتمكنون من تغطية مصروفاتهم الحالية. فيما ترى نسبة 33 في المئة من المشاركين في الدراسة أن دخلهم المادي كافٍ لمصروفاتهم الحالية، وأنهم قادرون على ادِّخار جزء من هذا الدخل في صورة نقد أو أموال مدفوعة في الاستثمار مثل شراء العقارات. بينما كشف 15 في المئة عن أن وضعهم المالي غير مستقر على الإطلاق، وأنهم يعانون من أجل التحكم بنفقاتهم في حدود الدخل الذي يحصلون عليه، ويعتمدون على بطاقات الائتمان أو الاقتراض؛ للتمكن من تغطية مصروفاتهم.
وكشفت دراسة «إدارة الدخل مقابل نفقات الأسرة»، التي أُجريت حديثاً باستخدام المقابلات الشخصية في ثلاث مدن هي: الرياض، وجدة، والدمام، أن 25 في المئة فقط من السعوديين يشعرون بالرضا الحقيقي عن أوضاعهم المالية. فيما أكد نحو ثلثي المجيبين من الفئة المستهدفة أنهم يدَّخِرون أقل من 10 في المئة من دخولهم، أو لا يدَّخِرون أي مبلغ إطلاقاً، وبغض النظر عما يدَّخِره الأشخاص، وجدت الدراسة أن نسبة كبيرة من المجيبين يدَّخِرون بعض المال ويبحثون عن شخص يرشدهم إلى كيفية الادِّخار بشكل أفضل.
وفي ما إذا كان المشاركون في الدراسة فكروا في أي خيارات استثمارية لزيادة مدَّخَراتهم، أكد نحو 50 في المئة من المجيبين بأنه لم يسبق لهم قط التفكير في أي خيارات استثمارية، بينما كان الاستثمار في الذهب والودائع طويلة الأجل وشراء الأسهم والسندات هو الخيار الأفضل لـ50 في المئة من المشاركين الآخَرين في الدراسة.
وحول أنواع النفقات أو الاستثمارات الأقرب إلى زعزعة استقرار موازنة المشاركين في الدراسة ومدَّخَراتهم التي خططوا لتوفيرها، كان الزواج وشراء المنزل هما وجهي الإنفاق الأكثر شيوعاً اللذان يفوقان الموازنة ويثقلانها، تلاه الدفع في مقابل أمور الوجاهة الاجتماعية أو الترفيه، إلى جانب شراء السيارات وتعليم الأطفال والسفر والسياحة.
وبإجراء تحليل لفئات المجيبين في ما يتعلق بسلوكياتهم المالية، وجدت الدراسة ثلاث فئات سلوكية رئيسة بين المجيبين المستهدفين، تتصدرها فئة «عديمي التدبير» بنسبة 48 في المئة، إذ إن الأشخاص من هذه الفئة يفتقرون إلى القدرة على التحكم في مصروفاتهم، ولا يعلمون الكثير عما يملكون أو كم قد يحتاجون إليه في المستقبل، وغالباً ما يقترضون المال؛ لتلبية مصروفاتهم، وفي الوقت نفسه لا يعلمون كيف يحققون التوازن بين الدخل والمصروف.
ووفقاً للدراسة، فإن غالبية المشاركين من فئة «عديمي التدبير» يقيمون في الرياض، بنسبة بلغت نحو 58 في المئة، مقارنة بالدمام وجدة، وينتمون إلى الطبقات المتوسطة، وإلى فئة الشباب من الجنسين الذين تراوح أعمارهم بين 20 و29 عاماً، إذ إن الأفراد في هذه السن في مقتبل الحياة العملية، ولا يعلمون كيف يديرون أموالهم على نحو صحيح، ومن ثم فإنهم ينفقون أكثر ما يكسبونه ويضطرون في النهاية إلى الاقتراض على رغم أن لديهم الدخل الكافي. وبسبب مهاراتهم المحدودة في إدارة مواردهم المالية فإن غالبية الأشخاص في هذه الفئة غير قادرين على الادِّخار.
و«عديمو التدبير» -بحسب نتائج الدراسة- يجدون أنفسهم غير راضين عن دخلهم، ومدَّخَراتهم، والحاجات التي لم تُلبَّ بعدُ، ومن ثم وضعهم المالي بشكل عام، كما أنهم لا يعلمون أو لا يدركون أي المصروفات التي تؤثر سلباً في موازناتهم؛ لأنهم لا يملكون موازنة بالأساس، ومن ثم يفقدون السيطرة على دخلهم. وأظهرت نتائج الدراسة أن «عديمي التدبير» بصعوبة شديدة يتمكنون من ادخار المال، إذ إن ثلث المجيبين في هذه الفئة فقط يدَّخِرون نحو 10 في المئة من دخل الأسرة أو أقل، بينما نسبة مماثلة لذلك لا تقوم بالادِّخار نهائياً. كما أنهم غالباً ما يكونون في حال استدانة، ودائماً ما يبحثون عمن ينصحهم لإدارة مواردهم ومدخراتهم.