عارف عبدالرحمن أهلي- الامارات اليوم-
في ظل الحاجة الماسة إلى مواكبة التطور المتسارع الحاصل في إمارة دبي، وضرورة اتباع أفضل المعايير والممارسات العالمية في المجال المالي، وتطبيق مؤشرات الأداء، والاعتماد عليها في العمل، برزت منذ سنوات أهمية وجود أنظمة تخطيط مالي موحدة، تتسم بالترابط والتكامل، لتقدّم لصانع القرار معلومة دقيقة مستنيرة فورية بشأن البيانات المالية المتعلقة بجميع أبواب النفقات والإيرادات الحكومية، كالرواتب والمشروعات والمصروفات العامة، وخلافها. كما برزت أهمية تطوير عمليات التخطيط المالي ومكاملتها، وتأهيل الكوادر العاملة عليها للتطوّر المنشود، الذي لم تكن ملامحه قد تحددت بعد.
إلا أن صورة «دبي المستقبل» كانت آخذة في التبلور في تلك الأثناء، فما لبثنا في دائرة المالية أن رأينا ببصيرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن الإمارة باتت تخطو خطوات واسعة نحو مستقبلها، وأدركنا أن اللحظة باتت حاسمة لخوض غمار التحول الرقمي الذكي، الذي لم ننتظر طويلاً حتى أدركنا أنه الحلّ المنشود لتخطيط مالي واعد ومُجز، من شأنه تذليل الصعوبات، وضمان اللحاق بركِب التطور في الوقت المناسب.
وإذا كانت الحاجة أم الاختراع، فإن التحديات مولّدات الابتكار. هكذا اتضحت الصورة، وهكذا عجّلت التحديات التي مثُلت أمامنا في دائرة المالية بحكومة دبي، كنواة للعمل والتخطيط المالي الحكومي في الإمارة، بانبثاق «نظام التخطيط المالي الذكي» من رحم تلك التحديات. لقد جاء هذا النظام المبتكر ليلبي الحاجة إلى ربط التخطيط المالي بمعدلات النمو الاقتصادي، وبالخطط والمبادرات الاستراتيجية، وبمعدلات التمويل الآمنة.
إن من أبرز سمات الابتكار التي يتسم بها نظام التخطيط المالي الذكي، المترابط والمتكامل، قدرته على توحيد البيانات المالية على مستوى الحكومة، وزيادة مستويات الشفافية في تلك البيانات. كما أن النظام يواكب ما أطلقنا عليه اسم «التمكين الذكي»، أي تمكين صانع القرار في الدائرة أو المؤسسة أو الهيئة من الوصول الفوري إلى البيانات المالية، سواء عبر الحواسيب أو الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية، وذلك لاتخاذ القرارات الاستراتيجية.
كما تشمل أوجه الابتكار في نظام التخطيط المالي الذكي إدخال تعديلات أو تحسينات على الأطر المالية، وتطبيق أحدث النظم التقنية، وهو النظام «هايبريون» من «أوراكل»، الذي يعد الأول على مستوى العالم للتخطيط المالي والتوقعات النقدية وإعداد الموازنات وإدارتها، مع مبادرة تقسيم الخطة المالية بين العمليات الاعتيادية والمبادرات الجديدة. كما يمكّن النظام مستخدميه من تطوير مؤشرات أداء مالي وتقارير مالية في جميع مراحل تخطيط الموازنات وإعدادها وتنفيذها.
ومن جوانب الابتكار في التخطيط المالي الذكي، ربط نظام «هايبريون» بنظام تخطيط الموارد الحكومية، وإعادة هيكلة سجلات الأصول الثابتة، وتوحيد هياكل الإيرادات والنفقات، من أجل تنفيذ الخطة المالية وضمان الرقابة عليها أثناء التنفيذ، فضلاً عن قدرته على تحديد الحيز المالي (الفرق بين النفقات الاعتيادية وتوقعات الإيرادات والتمويل) بناءً على المبادرات والسياسات الحكومية الجديدة والمشروعات، حسب الأولويات الاستراتيجية للحكومة في ضوء خطة دبي 2021.