الجزيرة السعودية-
مع استمرار تراجع أسعار النفط، تشير التوقعات إلى أن تصل في المتوسط حوالي 48 دولارا للبرميل، وعليه من المتوقع أن يحدث تراجع في الإيرادات الفعلية لعام 2015 لتصل إلى نحو 750 مليار ريال، وفي ظل توقعات أن تصل إجمالي المصروفات الحكومية إلى نحو 1100 مليار ريال، كما هي في العام السابق، فمن المتوقع أن يصل حجم العجز في الميزانية الفعلية لعام 2015 إلى نحو350 مليار ريال. إلا أننا ينبغي أن نعلم أن الميزانية الفعلية لعام 2015 تمثل لنا الآن شيئا من الماضي، ولا تمثل أهمية كبيرة ولا يعول عليها في تحديد أي مؤشرات للمستقبل، وإنما الأمر الأعلى أهمية هو موازنة عام 2016م.. كيف ستكون؟ وما هو حجمها ؟ وكيف سيتم تغطية العجز المتوقع فيها ؟.
إن عجز الميزانية الفعلية لعام 2015 يمثل عجزا من الماضي تم تغطيته بشكل أو بآخر، ولكن العجز الهام لدينا هو العجز المقدر لعام 2016: كيف سيتم تغطيته؟ وأهم من ذلك، وذاك: كم هي قيمته؟ وهل يمكن أن يمثل شيئا جديدا على موازنات الأعوام السابقة ؟
توقعات تراجع النفط ضعيفة.. توقعات الصعود تمثل المنطق الاقتصادي
بداية يجب أن نعلم أن تراجع أسعار النفط إلى متوسط 48 دولارا للبرميل تمثل خروجا عن المنطق الاقتصادي خلال عام 2015، بل أنها تمثل خروجا عن قواعد السوق (العرض والطلب).. فمنطقة الشرق الأوسط التي تمثل المصدر الأعلى أهمية للنفط هي منطقة ازدادت اضطرابا خلال عام 2015، فاضطراب اليمن، وسوريا والعراق وليبيا.. وكلها دول مصدرة بنسب مختلفة للنفط كان يفترض أن يلعب دورا سوقيا أو حتى نفسيا في ارتفاع أسعار النفط.. ثم إن معدلات النمو الاقتصادي في الدول المستوردة تحسنت بعض الشيء خلال عام 2015، بشكل كان يفترض أن يؤثر في تزايد الكميات المطلوبة من النفط، بشكل يعمل على تزايد مستويات الأسعار العالمية من النفط. وعليه، فإذا كان المنطق الاقتصادي لم يعمل بشكل سليم خلال عام 2015، فليس من المتوقع أن يستمر الحال في عام 2016، وليس من المتوقع أن يستمر التراجع في عام 2016، بل التوقعات تشير إلى أنه في ضوء أضعف الاحتمالات سيرتفع السعر العالمي للنفط في المتوسط خلال عام 2016 إلى مستوى 58 دولارا للبرميل. وارتفاع أسعار النفط من 48 دولارا في عام 2015 إلى 58 دولارا في 2016 إنما سيمثل ارتفاعا بنسبة 21 %، هذا الارتفاع من المتوقع أن يقود مرحلة تفاؤل سوقي واقتصادي في كافة الدول المصدرة للنفط.
توقعات موازنة عام 2016
مع افتراض متوسط السعر العالمي للنفط عند 58 دولارا للبرميل، وهو افتراض معتدل، من المتوقع أن يرتفع إجمالي الإيرادات الحكومية للمملكة في عام 2016م إلى نحو 800 مليار ريال، ومن المتوقع معه أن تقدر حجم المصروفات الحكومية عند مستوى أعلى قليلا من مستوى المصروفات المقدرة في عام 2015، بحيث من المقدر أن تبلغ نحو 870 مليار ريال. وبناء عليه، من المتوقع أن يستمر تحقيق العجز في موازنة العام المقبل 2016، إلا أن هذا العجز من المقدر أن يناهز نصف مستواه المقدر في العام الحالي (145 مليار ريال). وتعتقد وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ»الجزيرة» أن العجز المتوقع (سيقل) تدريجيا، نظرا لأن أسعار النفط الحالية تتسبب في ضرر بالغ ليس للدول المصدرة للنفط فقط، ولكن لكثير من الدول التي تسعى لتطوير قدراتها في بدائل النفط والتي تحتاج قواعد مالية ترتكز عليها بدءا من الأسعار المرتفعة للنفط.. إن السعر الحالي عند مستوى 48 دولار لن يقبله المطورون لبدائل النفط، والذين ينتمون في معظمهم لدول صناعية ومتقدمة.
الأسعار المنخفضة للنفط.. فرصة لمزيد من تصنيع البتروكمياويات
النفط الرخيص فرصة ذهبية لتطوير صناعة البتروكيماويات بالمملكة، بل هو فرصة لزيادة القيمة المضافة وتقليل الحصص التي يتم تصديرها في الشكل الخام ذات السعر الرخيص.. وفي ظل الوضع الحالي يمكن أن تنجح كثير من جهود التطوير الصناعي والبتروكيماوي للنفط الخام.. لذلك، فإن حصص الصادرات للنفط المصنع غير الخام) تزايدت بالمملكة بشكل واضح خلال سنوات النفط الرخيص.