اقتصاد » ميزانيات

إعلان موازنة السعودية 2016 مقتضب ولم يوضح الخطة العامة للدولة

في 2015/12/31

الخليج الجديد-

أوضح تقرير اقتصادي بشأن موازنة المملكة العربية السعودية التي جرى إعلانها قبل يومين، بأن بيان المالية لموازنة السعودية 2016، لا ينطبق عليه مسمى علمي محدد من مسميات الموازنة المتعارف عليها، مبينا أن ثمة أشكال متعارف عليها في أدبيات المالية العامة، بشأن تحديد نوع الموازنة المتبعة في أية دولة، هل هي موازنة بنود ومصروفات، أم موازنة برامج وأهداف، أم موازنة صفرية.

وقال التقرير إن ما تم عرضه من أرقام كان مقتضبا، ولم يصاحب هذا العرض الخطة العامة للدولة السعودية سواء على المستوى السنوي، أو الخماسي، أو أية مدة تحدد خطة الدولة في الأجل المتوسط.

واكتفى البيان المالي بذكر قيمة الإيرادات والمصروفات، حيث حدد الإيرادات المتوقعة للعام المالي 2016 بنحو 513.8 مليارات ريال سعودي (137 مليار دولار أمريكي)، بينما قدرات المصروفات بـ840 مليار ريال سعودي (224 مليار دولار أمريكي)، أي أن العجز المالي في هذا العام سيكون بحدود 87 مليار دولار تقريبا.

وبين أن التقرير أنه من المفترض أن يعلم المواطن السعودي، بكيفية تدبير هذا العجز، وما سيعود عليه من أعباء، سواء كانت تلك الأعباء بشكل مباشر في شكل ضرائب ورسوم، أو بشكل غير مباشر في شكل تخفيض برامج الدعم، ونقص الخدمات العامة، مشيرا أن البيان اكتفى بذكر أن العجز سيتم تدبيره من خلال الاقتراض الداخلي والخارجي، وبما لا يؤثر على معدلات السيولة أو تمويل أنشطة القطاع الخاص، معتبرا ذلك إجابة إنشائية لا ترتبط بالواقع، وموضحا أن أي اقتراض داخلي من قبل الحكومة هو خصم من السيولة بالجهاز المصرفي، ومزاحمة لاقتراض القطاع الخاص.

وتساءل التقرير عما إذا تم الاقتراض من الخارج، فما هي مصارده؟، وما هي تكلفته؟، ونفس الشيء بالنسبة للاقتراض الداخلي، حيث أوضح أن تصاعد الدين العام وإن كان ما يزال في قيم محدودة الآن في السعودية، إلا أنه مرشح للتصاعد في ظل أزمة النفط الحالية.

وذكر التقرير أن الدين العام قفز في عام 2015 إلى 142 مليار ريال، مقارنة بـ44 مليار ريال في عام 2014، وأنه سوف يزيد بقيمة عجز موازنة 2016، بنحو 326.2 مليار ريال، ليصل مع نهاية عام 2016 لنحو 468 مليار ريال تقريبا.

وأشار التقرير إلى أن بيان الحكومة السعودية تناول توزيع قيمة المصروفات عام 2016 على 7 قطاعات، فحدد مثلا، 191.6 مليارات ريال لقطاع التعليم والتدريب والقوى العاملة، فيما لم تتضح قيمة مخصصات كل قطاع على حدة، حتى يتسنى معرفة نصيب كل بند، وهل يعبر عن احتياجات حقيقية أم لا؟ وما هي المعايير التي تم بها تحديد مخصصات كل بند؟، وما هو العائد المنتظر من هذا الإنفاق، لافتا أن مبدأ التكلفة والعائد من المباديء المهمة في تخصيص الإنفاق بالموازنة العامة.

وبحسب التقرير فإن العبرة ليست بحجم الإنفاق كبيرا كان أم صغيرا، ولكن العبرة بالعائد المنتظر من الإنفاق، سواء كان هذا العائد اقتصاديا أو اجتماعيا، أو ينتظر تحقيقه في الأجل القصير أو المتوسط والطويل.

وطرح التقرير تساؤلا حول مخصصات الأجور والمرتبات في بند التعليم أو التدريب أو القوى العاملة، وما هي النفقات الجارية، وما هي مخصصات الاستثمار بهذا البند، وغيره من البنود الأخرى.

ومما يندرج تحت هذه الملاحظة، بدمج أكثر من بند في قطاع واحد، أن يكون هناك مخصص 104.8 مليارات ريال لبند الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية، فتحت بند التنمية الاجتماعية تندرج مخصصات الضمان الاجتماعي وغيرهم من مستحقي المساعدة.

والملاحظ أنه مع تطبيق ما أعلن عنه من توجهات اقتصادية ببيان الموازنة، من خصخصة وتقليص برامج الدعم، سوف تتسع رقعة الفقراء والعاطلين، مما يتطلب توفير حماية اجتماعية بشكل أفضل للمواطنين السعوديين.

وقال التقرير إن الدرس المستفاد من كافة الدول التي خاضت ما يمكن تسميته بالتحول الاقتصادي، أن الانتقال المفاجئ دون المرور بفترات انتقالية مناسبة، يفجر العديد من السلبيات الاجتماعية والاقتصادية، والملاحظ أنه من خلال القطاعات السبعة المحددة لتوزيع مخصصات الإنفاق العام لعام 2016 بموازنة السعودية، لم يشر إلى أية مبالغ للاستثمارات العامة، وهو ما يرتبط بالملاحظات السابقة من غياب التفاصيل.

وأضاف التقرير أنه خارج نطاق الموازنة يترك البيان أمر الاستثمارات للتوقع وليس الحسم، فيذكر البيان أنه يتوقع أن تواصل صناديق التنمية الحكومية ممارسة مهامها في تمويل المشاريع التنموية المختلفة بقرابة 50 مليار ريال.

وإذا ما افترضنا أن هذه المبالغ سيتم إنفاقها بالفعل خلال عام 2016 على مجالات الاستثمار المختلفة، فهي لا تمثل سوى نحو 2% فقط من الناتج المحلي السعودي البالغ 2.4 تريليونات ريال وفق تقديرات 2015، وهي بلا شك نسبة ضئيلة جدا، وتدل على اتجاه انكماشي في الاقتصاد السعودي خلال المرحلة المقبلة.

وتساءل التقرير عما ذكره البيان ضمن إيرادات عام 2015، حيث قال إنه ذكر رقما مبهما، وهو أن إيرادات الاستثمار بلغت 37 مليار ريال (ما يعادل 9.8 مليار دولار)، فهذا العائد على أي استثمار؟ الداخلي أم الخارجي؟، وإذا كانت السعودية تمتلك صندوقا سياديا تقدر استثماراته بنحو 750 مليار دولار، فهل يعقل أن يكون عائده السنوي 9.8 مليارات دولار، أي 1.3%؟، وإذا افترضنا أن هذا هو عائد الاستثمارات الخارجية، فماذا عن الاستثمارات المحلية؟

وذكر التقرير أن ثمة مجموعة من الدراسات تبين أن القطاع الخاص السعودي على مدار السنوات الماضية، كان يعتمد بشكل رئيس على الإنفاق الحكومي، وبخاصة في قطاع البناء والتشييد، وتعول الموازنة العامة السعودية، أن يزداد دور القطاع الخاص غير النفطي، ليشكل جزءا مهما من الناتج المحلي الإجمالي.

ولكن ما ورد ببيان الموازنة لا ينبئ بدور يمكن الاعتماد عليه للقطاع الخاص السعودي، فذكر البيان أنه من المتوقع أن يحقق الناتج المحلي غير النفطي نسبة نمو 8.3%، ويتوقع أن ينمو القطاع الحكومي غير النفطي بنسبة 14.5%، بينما القطاع الخاص غير النفطي يتوقع له أن ينمو بمعدل 5.8%، أي أن القطاع الحكومي غير النفطي سينمو بنحو ثلاثة أضعاف القطاع الخاص غير النفطي.

وبين التقرير أن ثمة دلالة أخرى تعكس ضعف أداء القطاع الخاص، تتعلق بتراجع الصادرات السلعية غير النفطية في السعودية خلال عام 2015، بنحو 18.8%، وإذا كانت السعودية تنتظر المزيد من تراجع الإنفاق الحكومي، فستكون النتيجة الطبيعية أن تتراجع مساهمة القطاع الخاص، الذي شب في طور الاعتماد على الإنفاق الحكومي على مدار عقود.

واختتم التقرير بالقول إنه من الشواهد الأخرى لضعف مردود القطاع الخاص غير النفطي، ما جاء في بيان الموازنة من النمو المتوقع لذلك القطاع في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، حيث يغلب على معظم أنشطته الطابع الريعي والخدمي، ما بين أنشطة الاتصالات والنقل والتخزين وتجارة الجملة والتجزئة، والخدمات المالية والـتأمين، بينما الصناعات التحويلية غير النفطية لهذا القطاع تحقق أدنى معدلات نمو متوقعة بنحو 3.2%، بين الأنشطة المختلفة باستثناء الخدمات المالية والتأمين التي يتوقع لها أن تحقق معدل نمو 2.5%.