اقتصاد » ميزانيات

2016.. عام التقشف الأكثر إيلامًا لدول الخليج.. فهل استعدت للأسوأ؟

في 2016/01/13

سامية عبدالله- شؤون خليجية-

"2016 عام التقشف" والأسوأ فيه لم يأت بعد، حقيقة كشفها تراجع حاد في أسعار النفط تعصف بميزانيات دول الخليج العربي وتضطرها لاتخاذ حزمة من الإجراءات التقشفية المتعلقة بتقليص الدعم والمشروعات والاستثمارات واللجوء للاقتراض، وسينعكس بالطبع على أوضاع البورصة.

المثير للقلق تعقد ملف النفط بين إضرابات اقتصادية عالمية أدت لتخمة في المعروض وانخفاض الطلب، وبين أسباب جيوسياسية تتعلق بتدفق النفط الإيراني وإصرار السعودية على عدم تخفيض الإنتاج لأسباب سياسية تتعلق بمحاولة تقليص النفوذ الإيراني بالمنطقة.

ويمثل النفط أكبر مصدر للدخل بدول الخليج كسلعة إستراتيجية، وتعاني الدول المنتجة للنفط ضعف الإيرادات وعجز الموازنات خاصة وكثير منها يعتمد على الإيرادات النفطية كمصدر وحيد للدخل القومي فأصبح تحرير أسعار الطاقة أمرا ضروريا لتخفيض عجز الميزانية.

 

الهبوط الأدنى في 12 عاماً

وفي هبوط يبدو أنه لن يكون الأخير، تسارعت وتيرة الهبوط الحاد الذي استهلت به أسواق النفط العام الجديد، أمس الاثنين، حيث انخفضت أسعار الخام نحو 6 بالمئة إلى مستويات جديدة هي الأدنى في 12 عاماً، وينذر استمرار الاضطرابات في أسواق الأسهم الصينية بوصوله إلى 20 دولاراً للبرميل.

وهبطت أسعار النفط العالمية إلى مستويات قياسية وهو ما عزاه المتعاملون إلى مخاوف من تباطؤ الطلب في الصين وتنامي تخمة المخزون، وحذر مراقبون من أنه إذا سجل اليوان الصيني مزيدا من التراجع فإنه قد يدفع أسعار النفط للتهاوي إلى نطاق 20- 25 دولارا للبرميل لتواصل خسائرها التي تكبدتها منذ بداية العام وبلغت 15 بالمئة.

في جانب الطلب، يعد النمو في الناتج المحلي الإجمالي المحرك الرئيسي للطلب على النفط في العالم، وتشير التوقعات الأخيرة الصادرة عن صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد العالمي لن ينمو بأكثر من 2.9% عام 2016 نظرًا لتراجع النمو في الدول الواعدة في آسيا، لا سيما في الصين (بعد تخفيض عملتها اليوان وتوقف التداول في السوق المالي لأكثر من أسبوع) والهند إضافة إلى الركود في منطقة اليورو.

وفي ظل تسارع وتيرة الهبوط، أثار الانخفاض أمس الاثنين الذي يمثل أكبر خسارة يومية منذ سبتمبر موجة من التداول الجنوني في السوق. حيث هبط سعر خام القياس العالمي مزيج برنت دولارين في العقود الآجلة، ليصل عند التسوية إلى 31.55 دولار للبرميل، مسجلاً أدنى مستوياته منذ أبريل 2004، وفقد برنت أكثر من 15 في المئة من قيمته، في موجة هبوط استمرت ست جلسات متتالية، وهي أكبر خسائر من نوعها في عام.

فيما دفعت اضطرابات أسعار النفط وتقلبات السوق في الصين، عائدات السندات الدولية الأفريقية للصعود إلى مستويات قياسية، الاثنين، بينما هبطت أسعار السندات الخليجية أيضا وهو ما يعكس التوقعات بصعوبات ستواجهها الاقتصادات المعتمدة على تصدير السلع الأولية، لكن الخسائر الحادة في أسواق الأسهم الصينية كانت محور اهتمام مستثمري الأسواق الناشئة القلقين.

وفي أسواق النفط، اقتربت الأسعار من أدنى مستوياتها في 12 عاما حول 32 دولارا مع انحسار آمال المستثمرين بحدوث تعاف اقتصادي، بينما يزيد المتعاملون رهاناتهم على أن أسعار الخام ستشهد مزيدا من التراجع.

وقال خبير الأسواق الناشئة لدى “كومرتس بنك”، سيمون كويجانو إيفانز، إنه “إذا بقيت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية لبقية العام، فستقل نحو 40% عن متوسط سعر خام برنت في العقود الآجلة في 2015 البالغ 54 دولارا للبرميل، وهو ما يزيد المخاطر على جميع مصدري السلع الأولية”.

بينما تثير الاضطرابات الصينية قلق المتعاملين بشأن آفاق الطلب من ثاني أكبر مستهلك للخام في العالم تقول شركات التنقيب في الولايات المتحدة إنها تركز على مواصلة تشغيل آبارها لأطول فترة ممكنة رغم هبوط النفط.

بدوره أفاد الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا)، بأن تراجع أسعار النفط، أسهم في تأجيل تنفيذ بعض المشروعات في قطاع صناعة البتروكيماويات في بعض الأسواق الخليجية خلال العام الماضي.

 

رفع الدعم وزيادة أسعار المحروقات

تداعيات عميقة على ملف الدعم بعدة دول خليجية السعودية والكويت والإمارات أيضا أعلنت البحرين، أمس الاثنين، عن رفع أسعار البنزين بنسبة تزيد عن 50 في المئة، بعد أن خفضت الدعم على منتجات الطاقة، وسط صعوبات تواجهها الدول المنتجة للنفط بسبب تدهور أسعار الخام في الأسواق العالمية، وكانت قد خفضت البحرين الدعم الحكومي عن الديزل والكيروسين، في أعقاب خطوات مماثلة قامت بها الدول الخليجية المجاورة.

وقال وزير الطاقة البحريني، عبد الحسين بن علي ميرزا، في بيان، إن قرار مجلس الوزراء، جاء استجابة للأوضاع المالية الراهنة التي تمر بها البلاد، "في ظل التراجع غير المسبوق لأسعار النفط، ما انعكس بشكل مباشر على الموازنة العامة للدولة". وأضاف: أن "هذا القرار يهدف بالمحصلة النهائية إلى تخفيض العجوزات المالية، وبالتالي الحد من الاقتراض".

وسبقت السعودية، البحرين، في رفع أسعار مشتقات الوقود، نهاية العام الماضي، بنسبة وصلت في بعض المشتقات إلى 73%، وذلك بعد ساعات من إعلان موازنة السعودية للعام الجاري، بعجز جارٍ يقدر بنحو 87 مليار دولار.

دولة الكويت أيضا رفعت الدعم أسعار الديزل والكيروسين مطلع 2016، وتنوي اعتماد إجراءات إضافية السنة المقبلة، لا سيما بالنسبة للبنزين والكهرباء، حيث لحقت الكويت  وسلطنة عمان بقطار التقشف، وشرعت دول الخليج في اتخاذ إجراءات تقشفية تشمل الحد من النفقات وخفض الدعم على المشتقات النفطية ورفع الدعم عن الكهرباء، بهدف مواجهة العجز الكبير في الميزانيات العامة التي جاءت بسبب انخفاض أسعار النفط.

وكانت  دولة الإمارات أول دولة خليجية تعلن في أغسطس الماضي، رفع الدعم الحكومي على أسعار الوقود المستخدم في النقل والمواصلات اعتبارًا من 1 أغسطس 2015، كما استحدثت الإمارات سياسة تسعير جديدة ترتبط بالمستويات العالمية، في خطوة من شأنها ترشيد استهلاك الوقود، وفقًا لبيان وزارة الطاقة الإماراتية.

عدة إجراءات أخرى لتخفيض العجز منها زيادة الضرائب بقيمة 50 % للمشروبات الغازية، و 100 % لمشروبات الطاقة، والسلع ذات الطبيعة الخاصة إضافة إلى التبغ، تلك كانت نسب الزيادة الموحدة والمتعلقة بفرض القيمة المضافة والتي اتفقت عليها دول مجلس التعاون الخليجي العربي.

وبحسب صحيفة عكاظ فسوف يتم تفويض لجنة التعاون المالي والاقتصادي من أجل استكمال جميع المتطلبات اللازمة لإقرار الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتوقيع عليها في موعد أقصاه منتصف العام الجاري تمهيداً لإقراره مطلع عام 2017.