جميل المحاري- الوسط البحرينية-
ربما كانت السنوات الماضية والتي كان يعيش فيها بعض المواطنين في بحبوحة معيشية، جعلت من الأطراف المختلفة في المجتمع البحريني تنغلق على ذاتها لا يعنيها كثيرا ما يمر به الآخرون من صعوبة في توفير لقمة العيش لهم ولأسرهم، مادامت هذه الأطراف في حالة ميسورة ومستورة.
الآن ومع حالة التقشف التي تتبناها الدولة أصبح الجميع في الدائرة نفسها المحكومة من جميع الاتجاهات، بتقليص المكتسبات، ورفع الدعم عن المواد الاستهلاكية والوقود وقريباً الكهرباء والماء وربما لاحقا فرض رسوم على جميع الخدمات المقدمة للمواطنين كالصحة والتعليم والصرف الصحي وغيرها من الخدمات التي كانت تقدم في السابق بالمجان إلى الجميع... هذه الأعباء الإضافية على الأسر البحرينية لن تطول فئة دون أخرى، ما يعني أن الجميع أصبح الآن يعاني، ولا يعرف ما يخبئه المستقبل له ولأبنائه.
جميع الخبراء الاقتصاديين يؤكدون أن المرحلة الحالية من انخفاض أسعار النفط مختلفة تماما عما سبقها من أزمات مؤقتة استطاعت الدول الخليجية التغلب عليها والخروج منها بأقل الخسائر، وأن آثار هذه المرحلة أو الأزمة ستلقي بظلالها على مستقبل البلدان الخليجية واقتصادياتها ككل، وأن جميع المؤشرات تـنبأ بالأسوأ في قادم الأيام... كما أن العديد من المسئولين حذروا المواطنين من أن أيام الرفاهية المعيشية قد انتهت إلى غير رجعة، وأن على المواطنين أن يتهيأوا للعيش بصورة مختلفة، ما يعني اتساع رقعة الفقر مع تقليص الدعم والمساعدات التي كانت تحصل عليها الأسر الفقيرة.
الجميع أيقن أن السلطة التشريعية عاجزة عن أن تقوم بدورها المفترض في الدفاع عن مصالح المواطنين ولو بالحد الأدنى، ولا يمكنها تقديم أي تصور حول ما ستكون عليه الأوضاع الحياتية والمعيشية للمواطنين في مرحلة التقشف هذه، فضلاً عن وضع الحلول والسياسات التي ربما تساعد في التقليل من الآثار المرتقبة.
يدور الحديث الآن حول توافقات بين الجمعيات السياسية تقتصر على الملف الاقتصادي وبعيدا عن الملفات السياسية المختلف عليها أساسا، ولو أن مثل هذا الأمر من الأمور الجيدة إن صدقت النيات، لكن الأهم من ذلك أن يتفق المواطنون فيما بينهم على أن حالة التقشف إنما ستطولهم جميعا دون استثناء، وأن أية رسوم أو ضرائب أو رفع الدعم عن الوقود أو الكهرباء ستؤثر بشكل سلبي على الجميع... فهل سيوحد الملف الاقتصادي البحرينيين بعد ما فرقهم الملف السياسي؟