اقتصاد » ميزانيات

أحياناً (نماذج من الخصخصة .. وأنت الحكم)

في 2016/01/29

عبدالعزيز السويد - الحياة السعودية-

لهذا المصطلح «الخصخصة» رنين ولمعان، يجعل بعضهم يسوِّقه على أنه الحل الوحيد الناجع، لكن لدينا تجاربنا، خصخصة بحسب خصوصيتنا في التطبيق، لنأتِ على ذكر بعضها:

تمت خصخصة جزء من أعمال إدارة المرور، «ساهر». كان مشروعاً تمت فيه خصخصة المخالفات المرورية، وأول ما أعلن قيل إنه سيبدأ التطبيق على المخالفات بالتدريج، وانتهى ولم يخالف إلا على السرعة في نقاط محددة، ومع انتهاء أعمال الشركات «المشغلة».. ما النتائج لهذه الخصخصة، باستثناء الأموال التي ذهبت إلى من ذهبت إليه بتلك الطريقة؟ ما الأثر في تحقيق الهدف؟ هل انخفضت أعداد الحوادث المرورية وأي رقم نثق به أرقام إدارة المرور أم رأي شركات التأمين التي رفعت رسومها؟ وأبعد من هذا هل رسَّخ «ساهر» القيادة المتزنة؟

النقل الجماعي أيضاً من أوائل من تمت خصخصته، أنشئت شركة مساهمة للنقل الجماعي وأعطيت امتيازاً يتم تجديده كل فترة، ماذا تحقق لنا في النقل الجماعي، بعد عقود استيقظ البلد على تضخم مشكلة النقل وندفع ثمن ذلك مضاعفاً مادياً ومعنوياً، على المستوى الفردي والمجتمعي والاقتصادي. انصرفت الشركة للأعمال الأكثر ربحية وتركت النقل الجماعي للصوالين والفانات والفوضى وكل واحد «يدبِّر عمره».

«الفحص الدوري» من أوائل الخدمات المرورية التي تم خصخصتها، وبعيداً عن الأموال وحزام الورش المستفيدة منه، السؤال: هل انخفضت نسبة التلوث الناتج من عوادم السيارات أم هي في ازدياد؟ هل انقرضت السيارات التي لا «يسمح» لها النظام بالسير لأسباب فنية ولأجل السلامة المرورية من الشوارع أم أنها في تتوالد؟

مدارس «تعليم» قيادة السيارات والتي لا بد من أن يمر عليها كل من احتاج إلى رخصة قيادة أيضاً هي شكل من أشكال الخصخصة.. فماذا أنتجت لنا؟!

صحيح أن معظم ما ذكرتُ أعلاه هو شكل من أشكال الامتياز، بعضها لآجال محددة، يتم تجديدها بشكل روتيني، وبعضها الآخَر إلى أجل غير محدد، وهي جميعاً -بحسب علمي- لم تطرح للمنافسة، لكن حتى الطرح للمنافسة في عرفنا لا يعني أخذ الأجود بل من يقدم السعر الأعلى، ولنا في «تعثر» شركات اتصالات نماذج. إنما هي في كل الأحوال إدارة قطاع خاص، التي يتغنى بعضهم بأنها ستفعل وستحقق وتطور، وهو ما لم يتحقق في مختلف هذه النماذج التي ذكرت حتى في التوطين الشكلي.

بل إن النتائج سلبية بامتياز، يماثل الامتياز الممنوح، الذي نتج هو تجويفاً وتجريفاً للخبرة الحكومية في هذه الأعمال، وهي مشكلة أثرها طويل الأمد. ثم إنه في قطاعي التعليم والصحة مع حساسيتهما البالغة وتضررهما أكثر من غيرهما من تعدد التجارب.. هل يمكن للإدارة التي فشلت في تقديم الخدمة وتطويرها ومراقبة القطاع الخاص المتوافر منها «مدارس، جامعات، مستوصفات مستشفيات»، أن تنظمها وتراقب جودة خدماتها بأسعار عادلة لا تزيد العبء على كاهل الفقير ومتوسط الدخل؟