تباطؤ النمو العالمي كان من الأسباب الدافعة لتوجه الدول الصناعية والمنتجة، بصورة غير مباشرة، إلى البحث عن سياسات مشبوهة للتخلص من مخزونها التراكمي بزيادة صادراتها في الأسواق الخارجية، والحصول على مزيد من العملة الصعبة بما يعود عليها بالنفع ويرجح ميزانها التجاري لمصلحتها.
والسياسات التي تتبعها تلك الدول بزيادة صادراتها، تنعكس سلبياتها مباشرةً بإلحاق الضرر بالصناعات الوطنية للدول المستوردة، وتحويلها لفريسة سائغة، ما يكون سبباً في إلحاق الخسائر باقتصادها، ما لم تتخذ احتياطات وتطبق إجراءات تحول دون إلحاق أضرار بصناعاتها الوطنية.
ولهذا السبب تعمل دول التعاون الخليجي على إصدار نظام موحد يعزز من الصناعة الوطنية، ويحميها من المنافسة غير العادلة بوجود منتجات أجنبية مماثلة.
ولكون السوق الخليجي من الأسواق الاستهلاكية المتصدرة عالمياً، اعتمد مجلس التعاون الخليجي إصدار قوانين وتشريعات تحمي صناعته الوطنية، بالإضافة إلى إصدار قانون مكافحة الإغراق بحيث يكون مواكباً لقوانين التجارة العالمية، فضلاً عن الحماية القانونية للتجارة والصناعة الوطنية.
والتحرك الخليجي لحماية صناعته المحلية ينبغي أن يكون، بحسب محللين اقتصاديين، متنوعاً ومتكاملاً بحيث يمكنه من التصدي لسياسة الإغراق وإصدار قوانين صارمة، والبحث في تشكيل لجنة لحسم النزاعات حال البت في القضايا، وضرورة معاقبة الدول غير الملتزمة بما يصدره التعاون الخليجي من قوانين وإجراءات.
ويسعى الخليج عبر قوانينه الدافعة لحماية الصناعة الوطنية إلى تحقيق العدالة، وتعزيز القدرات التنافسية في مواجهة المنتجات الواردة، خاصةً أن الناتج المحلي الإجمالي في تصاعد مستمر مقارنة بصناعات عديد من الدول الأخرى من خارج التعاون الخليجي.
ويتحقق إغراق السوق إذا ما كان سعر تصدير المنتج أقل من قيمته العادلة، فيكون الفرق بينهما هو هامش الإغراق، ومن ثم فإن أركان مكافحة الإغراق تتكون من ثلاثة عناصر رئيسة، تتمثل في وجود الإغراق ووقوع الضرر ووجود علاقة سببية بينهما.
وفي حال تطبيق رسوم مكافحة الإغراق فإنها تستمر عادةً خمس سنوات، يتم قبل انتهاء هذه المدة إجراء مراجعة لمعرفة إن كان الضرر أو سببه قد زال أو زالا كلاهما، ومن ثم يتم إنهاء العمل بالرسم وإلا استمر العمل به.
وينتفي الضرر ووجود إغراق بين دول التعاون الخليجي، باعتبارها كياناً واحداً متكاملاً وسوقاً مشتركة، في حين تنطبق قوانين الإغراق على السلع الواردة من خارج التعاون الخليجي، ومن ثم تنطبق قوانينه بما يعزز القدرة التنافسية للمنتج الخليجي، ويساهم في تحقيق معدلات أعلى للنمو الاقتصادي لدول المجلس، والاحتفاظ بحصة دولية قوية من الاستثمارات الأجنبية، في وقت تسمح قوانين التعاون باتخاذ التدابير اللازمة ضد الممارسات الضارة في التجارة الدولية.
وفي حال إصدار التعاون الخليجي قوانينه ضد الإغراق، فإن دوله ستتمكن من الاستفادة من تطبيق آليات حماية الصناعة الخليجية من الممارسات الضارة في التجارة الدولية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نظمت المؤسسة العامة للمناطق الصناعية بعُمان حلقة عمل خاصة حول القانون الموحد لمكافحة الإغراق والتدابير التعويضية والوقائية لدول مجلس التعاون، وقد طالبت المؤسسة بضرورة إرساء قواعد المنافسة العادلة في السوق الخليجي، وحماية صناعته القائمة أو الناشئة وتعزيز قدرتها التنافسية، وضرورة المساهمة في النمو الاقتصادي لدول المجلس والحفاظ على مكتسباته.
وأكدت المؤسسة أن القانون سيمكن دول المجلس من اتخاذ التدابير اللازمة ضد الممارسات الضارة في التجارة الدولية، التي تتسبب بضرر للصناعة الخليجية؛ وتشمل الإغراق، والدعم، والزيادة في الواردات، فضلاً عن علاقة إصدار القانون بانضمام دول المجلس إلى منظمة التجارة العالمية.
محمد عبّود - الخليج أونلاين-
محمد عبّود - الخليج أونلاين-