في خطوة إحلال وتبديل، تحيل الكويت، الجمعة 31 مارس/آذار 2017، مصفاة الشعيبة المعروفة بـ "أم الخير" إلى التقاعد، بعد عمل استمر 49 عاماً، وإحلال مشروع الوقود البيئي محلها.
وكانت مصفاة الشعيبة، الأقدم والأصغر في الكويت، تستخدم في تكرار البترول، حيث يتم إنتاج مواد خفيفة ومتوسطة وثقيلة، من بينها النفتا العادية، وبنزين السيارات، والكيروسين، وزيت الوقود، وزيت الغاز، حيث يبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية لمصفاة الشعيبة نحو 200 ألف برميل يومياً.
وتسعى الكويت، رغبة في تفعيل إنتاجها من النفط، إلى أن تتخلص فعلياً من المصفاة، والاستعداد للاستفادة من خزاناتها بمشروع الوقود البيئي، واستخدام مساحاتها الأخرى بمشاريع عملاقة، بما يؤهلها إلى التربع على مكانة دولية متقدمة بين منافسيها على الصعيد العالمي.
- "أم الخير" مصفاة الخير
كانت "أم الخير" أحد أضلاع مثلث التكرير في الدولة الغنية بالنفط، حيث كانت تنتج نحو 30 نوعاً من المنتجات البترولية الخفيفة والوسطى والثقيلة.
ويعمل نحو 750 موظفاً كويتياً وغير كويتي في مصفاة "أم الخير"، حيث سيتم توزيعهم على مصافي ميناء عبد الله، وميناء الأحمدي، ومصفاة الزور.
وأسهمت "أم الخير"، بالإضافة إلى مصفاة ميناء الأحمدي، بتوفير المنتجات البترولية للسوق المحلية، إلا أن الجزء الأهم من منتجاتها كان مخصصاً للتصدير إلى الأسواق العالمية؛ لخضوعه لمواصفات عالية الدقة ومتطورة تتناسب مع احتياجات السوق العالمي.
وبرغم إحالة "أم الخير" للتقاعد، فإنه سيتم الاستفادة من خزاناتها، البالغة 72 خزاناً، في استقبال المشتقات النفطية المكرّرة من قبل مصفاة ميناء عبد الله، ثالث أكبر مصفاة كويتية، بطاقة 265 ألف برميل يومياً، وذلك عقب التوسعة الكبرى التي ستضاف إلى طاقتها التكريرية في منتصف 2018.
و"أم الخير" أنشئت بتمويل من القطاع الخاص الكويتي، بنحو 100 مليون دولار، حيث تم تصميم المصفاة بداية التكرير عند مستوى 95 ألف برميل في اليوم، ثم عزّزت شركة البترول الوطنية لترفع طاقتها التكريرية بعد ذلك إلى 200 ألف برميل يومياً منذ عام 1975.
وسيتم بيع جزء من مصفاة "أم الخير" بعد توفر عروض خارجية غير نهائية؛ أهمها من سيريلانكا، والولايات المتحدة الأمريكية، ونيجيريا، بينما يتم تحديث وتشغيل جزء آخر منها تحت إدارة مصفاة ميناء عبد الله المجاورة لها، والجزء الأخير عبارة عن خزانات النفط والمنتجات، حسبما أشار محمد المطيري، الرئيس التنفيذي لشركة البترول الوطنية، في تصريح للعربي الجديد، في 30 مارس/آذار الجاري.
- الكويت تستورد البنزين
وتغطي مصفاة "أم الخير" نصف الاستهلاك المحلي للبنزين، ما يترتب عليه عجز حقيقي وكبير عند توقفها عن العمل، ومن ثم فإن الكويت قررت استيراد البنزين، رغم كونها الدولة العائمة على بحر من النفط، وذلك تلبية لاحتياجاتها الداخلية، حسبما صرح وزير النفط وزير الكهرباء والماء، عصام المرزوق، خلال إعلان إيقاف المصفاة، في 30 مارس/آذار 2017، بحسب ما نقلت عنه صحيفة الوطن الكويتية.
- تنوّع الإنتاج ومصادر الدخل
غلق مصفاة "الشعبية" وإسراع وتيرة البدء في مشروع الوقود البيئي لم تكن الخطوات الوحيدة التي اتخذتها الكويت، بل لجأت إلى تكتيك أكثر تحدّياً مع كبرى شركات النفط العالمية؛ فاعتمدت على زيادة القدرة التكريرية دون الاعتماد على بناء مصافٍ جديدة، مستثمرة طاقاتها غير المستغلة لبعض المصافي الآسيوية الموجودة في سنغافورة وكوريا، بالإضافة إلى مصفاة عدن اليمنية القريبة من الأسواق الأفريقية وجزر المحيط الهندي، مثل موريشيوس وسيشلز.
ومشروع الوقود البيئي عبارة عن تحديث لمصفاة الأحمدي ومصفاة ميناء عبد الله؛ بهدف إنتاج أحدث المشتقات النفطية لمواكبة المتطلبات العالمية البيئية القاضية بخفض نسبة الكبريت إلى أدنى معدل، فضلاً عن كونه مشروعاً استراتيجياً تنموياً يصبّ في مصلحة تحريك العجلة الاقتصادية في الكويت، ما يعزّز خلق فرص عمل كثيرة لليد العاملة المحلية؛ عبر توظيف نحو 35 ألف شخص.
ويتكلّف المشروع نحو 10 بلايين دولار، ويُتوقَّع انتهاء العمل في 2018.
وستـصل الطاقة التكريرية في المصفاتين إلى 800 ألف برميل، بزيادة تُقدَّر بنحو 60 ألف برميل يومياً.
وستـرفع الكويت طاقتها التكريرية المحـلية إلى معدل 1.4 مليون بـرميل يـومياً، بعد إغلاق مصفاة الشعـيبة واكتمال بناء المصفاة الرابعة (الزور).
وبالإضافة إلى استثمار المصافي الخارجية، أبرمت شركة البترول الكويتية تعاقدات عدة مع مطارات دولية بتوريد البنزين لطائراتها؛ كمطار هونغ كونغ، حسبما أشارت القبس الكويتية، في ديسمبر/كانون الأول 2016.
التوجّه الاستراتيجي الذي تتّبعه الكويت يعزّز أهمية المصافي باعتبارها وسيلة لزيادة خطّة التوسع في تسويق النفط والمشتقات البترولية، ما يعد ضرب عصفورين بحجر واحد.
- مصفاة الزور.. التطلّع للمستقبل
وبإغلاق مصفاة "أم الخير" تحلّ محلّها مصفاة الزور، لتكون واحدة من أكبر المشاريع الاستراتيجية بالكويت، حيث تبلغ سعتها الإنتاجية 615 ألف برميل يومياً، منها 300 ألف برميل من النفوط الثقيلة.
وتتنوّع النفوط الثقيلة في مصفاة الزور، أهمها رطاوي، وبرقان، والأيوسين، والفارس السفلي، حيث يتم جميعها من الحقول الكويتية المختلفة.
وتعود مصفاة الزور بزيت وقود نظيف وصديق للبيئة، ما يفتح آفاقاً أوسع في السوق العالمية، مثل الديزي ذي المحتوي الكبريتي المنخفض بمواصفات عالمية وعالية الجودة.
ويبلغ حجم الاستثمار الكويتي في مصفاة الزور نحو 2.6 مليار دولار، ويتم بدء التشغيل الفعلي لها في يوليو/تموز 2018، بتشغيل الوحدات تدريجياً حسب انتهاء الأعمال، وتحت إشراف بعض الشركات العالمية ذات الخبرة في مجال التشغيل للمصافي في العالم؛ مثل "بي بي" و"توتال" المتخصصتين في أعمال التصنيع والتكرير البترولي، حسبما أشارت صحيفة الاقتصادية السعودية، في 21 مارس/آذار 2017.
وانتهت شركة البترول الوطنية الكويتية من تركيب 30 مفاعلاً ووعاء فصل ذوات ضغط عالٍ في مصفاة الزور، من أصل 36 مفاعلاً بالمصفاة، حيث بلغت نسبة الإنجاز الفعلية بالمشروع 25%، حسبما أشار موقع القبس الكويتي، في يناير/كانون الثاني 2017.
وتعد مصفاة الزور الكبرى في العالم، حيث تعتبر جزءاً أساسياً من استراتيجية مؤسسة البترول الكويتية وشركة البترول الوطنية الكويتية في زيادة القدرة التكريرية للكويت إلى 1.41 مليون برميل في اليوم.
وهي، بالإضافة إلى مشروع الوقود البيئي، تعتبر المرحلة الثالثة في تاريخ صناعة التكرير في الكويت، بعد الانطلاقة في الستينيات، ومن ثم التحديث في الثمانينيات.
وكالات-