الخليج أونلاين-
فرضت أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد على العالم بأسره، ومن ضمنه دول مجلس التعاون الخليجي، واقعاً مغايراً لما اعتادت عليه، في ضوء القرارات والإجراءات والتدابير الوقائية غير المسبوقة.
واضطرت أكثر دول العالم إلى إغلاق حدودها البرية، وتعليق رحلاتها الجوية على المستويين الداخلي والدولي، وهو ما ترتب عليه حدوث تقلبات كبيرة في سلاسل التوريد العالمية، وعطل قطاعات حيوية، وأحدث إرباكاً وزلزالاً في معدلات الطلب والاستهلاك.
وبناءً عليه وجدت دول الخليج نفسها مطالبة بالاعتماد على الصناعات المحلية كحل لتجاوز تبعات كورونا وآثاره السلبية على الحركة التجارية الدولية، ومحاولة تغطية العجز الناتج عن أزمة كورونا.
ويُطالب رواد الصناعات المحلية الخليجية بالاهتمام بشكل أكبر بهذا القطاع، وتوفير كافة المتطلبات اللازمة لمواصلة إنجازاته، فضلاً عن تخفيف الأعباء المالية وإزالة العقبات التي تعوق استمراريته ونجاحه داخلياً وخارجياً؛ لكي يكون رديفاً لمصدر الدخل الرئيسي في ظل انخفاض أسعار النفط واستمرار انتشار الفيروس التاجي القاتل.
وفي هذا التقرير يُسلط "الخليج أونلاين" الضوء على أبرز الصناعات المحلية التي وفرت أمناً غذائياً وحلاً سريعاً لمواجهة النتائج التي ترتبت جراء الإجراءات الاحترازية التي اتخذها العالم.
الكويت
برز اتحاد الصناعات الكويتية في أزمة كورونا؛ إذ قال رئيسه حسين الخرافي إن المصانع الكويتية حرصت على العمل بكامل طاقتها الإنتاجية على مدار 24 ساعة لتوفير كافة المنتجات؛ لمواكبة الظروف الاستثنائية وجهود مؤسسات الدولة في الأزمة التي عصفت بالعالم.
وأوضح أن المصانع الكويتية تعمل بقوة "لتحقيق الأمن الغذائي والصحي"، وفق ما أوردته صحيفة "الأنباء" المحلية، موضحاً أن القطاع الصناعي نجح خلال الأوضاع الراهنة في إثبات كفاءته وقدرته على تلبية احتياجات المواطنين والمقيمين.
وأشار إلى أن مصانع المواد الغذائية والطبية تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية للحفاظ على استقرار الأوضاع الاقتصادية في الداخل، وتعويض أي نقص يمكن أن ينتج عن توقف عمليات الاستيراد من الأسواق العالمية.
وفي سبتمبر 2019، ذكرت الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية أن الكويت تبوأت صدارة الدول العربية في مجال الأمن الغذائي لعامي 2014 و2017.
وأوضحت أن الأمن الغذائي في الكويت "لا يقتصر على تأمين الاحتياجات والمتطلبات الرئيسية والثانوية من الغذاء؛ بل يتعدى إلى التركيز على ما يتعلق بسلامته وإنتاجه واستدامته وتعزيز الثروة الغذائية".
ونجحت الكويت في تحقيق الأمن الغذائي من خلال ثلاثة قطاعات بالهيئة؛ هي الثروة الحيوانية، والثروة السمكية، والثروة النباتية، وشكل القطاع الأول 48% من الإنتاج الزراعي في البلاد.
أما على المستوى الطبي فقد تناول تقرير صادر عن شركة "ريسيرتش آند ماركتس" للأبحاث الاقتصادية النظرة المستقبلية لسوق الكويت للصناعات الدوائية خلال الفترة بين عامي 2018 و2022، حيث أشار إلى أن هذا السوق يمر في مرحلة النمو مستمداً الزخم بشكل أساسي من مبادرات الرعاية الصحية الحكومية، فضلاً عن منح 12 شركة تصاريح طبية لبناء مصانع أدوية في البلاد.
قطر
أما في قطر فقد قالت "غرفة قطر"، أواخر 2019، إن قطاع الصناعات التحويلية في الدولة شهد خلال السنوات الخمس الأخيرة تطوراً ملحوظاً من حيث عدد المنشآت ومن حيث مجالات الإنتاج.
وزاد حجم الاستثمارات الصناعية خلال السنوات الخمس الماضية بما قيمته نحو 13 مليار ريال قطري (3.5 مليار دولار)، وأُنشئت خلالها أكثر من 380 منشأة صناعية جديدة؛ اتساقاً مع رؤية 2030 واستراتيجية البلاد في مجال الصناعة التحويلية.
ويُوجد في قطر عشرات الشركات الصناعية بقطاعات البتروكيماويات والصناعات الغذائية والأثاث والمفروشات والصناعات الصغيرة والمتوسطة، وصناعات أخرى متنوعة.
كما ارتفعت الحصص السوقية للصناعات القطرية التحويلية في الأسواق المحلية إلى مستويات كبيرة تقترب من المخطط لتحقيق الاكتفاء الذاتي النسبي.
وشهدت الصناعة في قطر قفزات ملموسة بالكم والجودة؛ إذ إنه بحسب رئيس غرفة قطر، الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني، وصل عدد المصانع في البلاد إلى أكثر من 860 مصنعاً، وتجاوز عدد المشاريع التي بدأت بالإنتاج الفعلي بعد فرض الحصار على قطر (صيف 2017) 116 مشروعاً.
وبحسب "آل ثاني"، ارتفعت معدلات الاكتفاء الذاتي بشكل مطرد في كثير من المنتجات مثل منتجات الألبان والأسماك والإنتاج الزراعي، متوقعاً أن يصل عدد المنشآت الصناعية إلى ألف منشأة خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وفي إشارة واضحة إلى مدى اهتمام الدوحة بالصناعات المحلية ارتفع حجم الاستثمارات الصناعية في السوق القطرية إلى أكثر من 81 مليار دولار، بعد أن كان يقدر بنحو 11 مليار دولار فقط قبل عشر سنوات.
وتقدر مساهمة الصناعة التحويلية في الناتج المحلي القطري بنحو 10%، ويتم تصدير المنتجات القطرية إلى أكثر من 100 دولة حول العالم.
عُمان
وفي سلطنة عُمان يعتبر القطاع الصناعي أحد المرتكزات الأساسية التي قامت عليها التنمية الاقتصادية في السلطنة على مدى 50 عاماً؛ من خلال إقامة المناطق الصناعية ودعم المنتجات الوطنية وضرورة تنميتها وتشجيعها على المستوى المحلي والخارجي.
وبحسب وزارة التجارة والصناعة العُمانية فإن نسبة مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي خلال 2018، وفقاً لإحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، بلغت مليارين و914 مليوناً و400 ألف ريال عماني (الدولار = 0.39 ريال عُماني)، بنسبة 9.6% من إجمالي الناتج المحلي.
كما بلغت معدلات النمو في القطاع 7.6%، فيما بلغت قيمة الصادرات الصناعية العمانية 4.3 مليارات ريال عُماني خلال 2018، وبلغ عدد الوظائف التي يشغلها العُمانيون في القطاع 32 ألفاً و335 وظيفة خلال عام 2019، بنسبة زيادة بلغت 8.4% عن عام 2018.
ولدى سلطنة عُمان مشاريع في قطاع الصناعات التحويلية؛ في مجالات الأمن الغذائي، والصناعات البتروكيماوية، وصناعة المعادن الفلزية، والصناعات الدوائية، بالإضافة إلى مشاريع الابتكار بالتعاون مع مركز الابتكار الصناعي بمنطقة الرسيل الصناعية، وفق ما أوردته وكالة الأنباء العُمانية (فبراير 2020).
السعودية
شهد القطاع الصناعي بالمملكة تطوراً مطّرداً حقق خلاله العديد من الإنجازات؛ فبحسب وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، قفز عدد المصانع المنتجة من 206 مصانع في عام 1974 إلى 7630 مصنعاً حتى نهاية الربع الأول من 2018.
ويتصدر قطاع صناعة منتجات المعادن اللافلزية الأخرى بقية القطاعات من حيث عدد المصانع بعدد 1.650 مصنعاً، تمثل 22% من إجمالي عدد المصانع المنتجة، تليه منتجات "المطاط واللدائن" بـ997 مصنعاً، ثم منتجات المعادن المشكلة باستثناء الآلات والمعادن بـ952، ثم "المنتجات الغذائية" بـ791.
ويتصدر نشاط صناعة المواد الكيميائية والبلاستيكية والمنتجات الكيميائية بقية الأنشطة من حيث حجم الاستثمارات، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات في هذا القطاع نحو 577 مليار ريال (الدولار = 3.76 ريالات)، تمثل ما نسبته 52% من إجمالي استثمارات المصانع المنتجة.
وارتفعت نسبة مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من 3% في عام 1974 إلى 12% بنهاية عام 2018. كما وصلت نسبة مساهمة قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى نحو 7.5% في عام 2018.
وتمثل صادرات المنتجات الكيماوية والبلاستيكية أكثر من ثلثي إجمالي صادرات المملكة من المنتجات الصناعية غير النفطية، وفق الهيئة العامة للإحصاء.
الإمارات
ويؤدي القطاع الصناعي في الإمارا دوراً كبيراً في نمو الناتج المحلي الإجمالي، حيث يعتبر ثاني أكبر مساهم في الناتج المحلي القومي بعد قطاع النفط والغاز.
ولا توجد أرقام محددة بشأن الصناعات الإماراتية، لكنها تتنوع بين الصناعات الإنشائية والزجاجية، والمعدنية، والكيميائية، والمطاط، والبلاستيك، والألياف الزجاجية، وصناعات المعدات والآلات، وصناعات الأخشاب، والورق، والصناعات الغذائية، والصناعات الإلكترونية والكهربائية، وصناعات الطاقة والاستدامة، وصناعات المنسوجات والملبوسات والجلود، وصناعات الطباعة والإعلام.
أما في البحرين فيُشكّل الإنتاج الصناعي نحو 42.5% من مجموع الناتج المحلي الإجمالي، وهناك العديد من الصناعات الخفيفة في البلاد، ومنها إنتاج مواد البناء، والأثاث، والمشروبات الغازية، والبلاستيكيّة، والعديد من السلع الاستهلاكيّة، وتمتلك حكومة البلاد حصةً ماليةً كبيرةً في جميع الصناعات الحديثة.
ويمثل قطاع الصناعات التحويلية حالياً نحو 14.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وفق ما أعلنه وزير الصناعة والتجارة والسياحة البحريني، في يناير 2020.
وتهدف مبادرة "صنع في البحرين" إلى تعزيز الاعتماد على الصناعة المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي.