عرب دايجست -
في 31 يوليو/تموز، بدأ تشغيل مفاعل براكة 1 في أبوظبي. يعد المفاعل، وهو الأول من بين 4 مفاعلات بنتها شركة الطاقة الكورية الجنوبية "كيبكو"، جزءًا من صفقة بقيمة 24.4 مليارhj دولار أمريكي تم توقيعها في عام 2009. وسيولد المفاعل عند اكتماله وتشغيله 1400 ميجاواط من الكهرباء.
ووفقًا لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، عندما تعمل جميع المفاعلات الأربعة، فإنه "من المتوقع أن تنقذ مفاعلات براكة الإمارات مما يصل إلى 21 مليون طن من انبعاثات الكربون سنويًا، أي ما يعادل إزالة 3.2 مليون سيارة من الطرق". ستولد المفاعلات 5400 ميجاواط وتوفر 25% من احتياجات الدولة من الكهرباء.
لقد حظي الإماراتيون بشهر مثير للإعجاب على صعيد التكنولوجيا. في 20 يوليو/تموز، تم إطلاق مسبار الأمل المريخ في البلاد. كما لاحظنا في تعليقنا في 27 يوليو/تموز، وضع بلد يبلغ عدد سكانه الأصلي حوالي مليون شخص نفسه مع القوتين الاقتصاديتين العظميين في العالم، الولايات المتحدة والصين. (تم إطلاق بعثة المريخ الصينية Tianwen-1 بعد 3 أيام بينما توجه برنامج استكشاف المريخ التابع لناسا إلى الكوكب الأحمر في 30 يوليو/ تموز).
في إطلاق رؤيتها للطاقة النووية، وهي الأولى من نوعها في العالم العربي، التزمت الإمارات بالرؤية بصرامة. تمت مراقبة المشروع عن كثب من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقع الإماراتيون على ما يسمى بالمعيار الذهبي لعدم انتشار الأسلحة النووية، واتفاقية التعاون السلمي في مجال الطاقة النووية المدنية بموجب قانون الطاقة الذرية الأمريكية لعام 1954. والتي بموجبها لن يقوم الموقعون بتخصيب اليورانيوم ولا إعادة معالجة الوقود المستهلك لإنتاج أسلحة نووية.
وتحرص الإمارات، بالإضافة إلى توضيحها أنها لا تطمح لمثل هذه الأسلحة، على التأكيد على الفوائد البيئية وغيرها. يقول "محمد الحمادي"، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية: "الشيء الجيد في الطاقة النووية هو أنها من وجهة نظر أمنية مصدر نظيف وآمن وموثوق للطاقة". كما تسلط الشركة الضوء على 70% من القوى العاملة الإماراتية، 40% منهم من النساء، وكلاهما بلا شك إحصائيات رائعة.
ومع ذلك، فإن بعض الخبراء يشككون في الحكمة من الذهاب إلى الطاقة النووية التي هي أغلى بخمس إلى سبع مرات من مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية. وهناك أسئلة أيضًا حول السلامة والأمن. ويعد "بول دورفمان" الباحث في معهد الطاقة بجامعة كوليدج لندن من أشد المنتقدين للمفاعلات النووية، حيث يقول في تقرير صدر أواخر العام الماضي، كشف عن شقوق اكتُشفت في عام 2017 في مباني الاحتواء لجميع المفاعلات الأربعة. كان الإماراتيون بطيئين في الاعتراف بالمشكلة، بالرغم من أنها أخرت مشروع "براكة" بشكل كبير.
تساءل "دورفمان" أيضًا عن جوانب أخرى تتعلق بالأمن والسلامة مشيرًا إلى أن "براكة" تفتقر إلى الحماية المطلوبة الآن في أوروبا ضد الحوادث أو الهجمات.
في غضون ذلك، تسعى السعودية إلى تحقيق أجندتها النووية الخاصة ولكن بشفافية أقل بكثير من الإمارات. وفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، قام السعوديون، بمساعدة الصين، ببناء منشأة لاستخراج كعكة اليورانيوم الصفراء من خام اليورانيوم، وهي خطوة أولية نحو توفير الوقود لمفاعل نووي. وذلك في موقع في وسط البلاد بالقرب من العلا، وهو مكان كانت السعودية مشغولة بالترويج له كموقع سياحي بجمال طبيعي رائع.
ينكر السعوديون ادعاء "وول ستريت جورنال" لكنهم يعترفون بأنهم يعملون مع الصينيين في مشاريع استكشاف اليورانيوم في المملكة. دعت الخطة الكبرى لولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" لتحرير السعودية من إدمانها على النفط إلى بناء 16 مفاعلا نوويا، 2 منهم بحلول هذا العام. حتى الآن لم يتم بناء أي شيء، بخلاف ما تدعي صحيفة "وول ستريت جورنال".
ويلوح في الأفق وراء التحول النووي في الخليج خطر انتشار الأسلحة حيث يُقدر أن لدى (إسرائيل) 90 رأسًا نوويًا، بالرغم من أن العدد الفعلي قد يكون أعلى من ذلك بكثير. وتقول إيران إنها لا ولن تصنع أسلحة نووية، لكن قلة في المنطقة وخارجها تأخذ هذا على محمل الجد، خاصة بعد انسحاب "دونالد ترامب" من الاتفاق النووي. وهنا يحضر قول "محمد بن سلمان" إنه إذا حصلت إيران على قدرة أسلحة نووية فإن السعودية ستمتلكها أيضًا.
وما يقلق هو أن الخطوة من بناء المفاعلات النووية إلى بناء القنبلة ليست طويلة، وقد تكون المنطقة المسلحة بالفعل والتي تعيش حالة توتر دائم تقترب من اتخاذ هذه الخطوة.